مئوية ميلاد البابا شنودة الثالث.. أسرار جديدة في حياة «حكيم الكنيسة» | صور

قداسة البابا شنودة الثالث
قداسة البابا شنودة الثالث

تنطلق احتفالات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، اليوم الخميس 3 أغسطس، بمئوية ميلاد البابا شنودة الثالث، البطريرك الـ117 في تاريخ باباوات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.. البابا الوطني، رجل المواقف الصعبة، الذي حُفر اسمه بأحرف من نور في تاريخ الوطنية المصرية والعربية.

 

يحظى البابا شنودة الثالث، بمكانة كبيرة جدًّا في قلوب الجميع من كل رموز مصر الإسلامية والمسيحية.. كان يحب ويعشق تراب مصر، ومن أشهر أقواله: «مصر ليست وطنًا نعيش فيه، بل وطن يعيش فينا».

وبالتزامن مع الاحتفالية بمئوية ميلاد البابا شنودة الثالث، تلقي «بوابة أخبار اليوم» الضوء على أحب الأماكن إلى قلبه.. قرية «سلام» التي ولد فيها البابا يوم 3 أغسطس 1923.

اقرأ أيضا: أبرز مقولات البابا شنودة في ذكرى رحيله| انفوجراف

قرية سلام والشارع الذي ولد فيه البابا شنودة الثالث

 

قصة ميلاد البابا شنودة الثالث

في قرية «سلام» على بعد 9 كيلومترات من مدينة أسيوط، ولد نظير جيد رؤفائيل أو البابا شنودة الثالث على الضفة الغربية من النيل.

توفيت والدته وهو رضيع، وأرضعته «أم رمضان» إحدى جارته المسلمات، وكان والده طبيبا وعندما توفي رباه أخاه الكبير روفائيل، وسافرا إلى القاهرة، ليقيما في منطقة شبرا.

وتعد «سلام» قرية ريفية قديمة، وتقع تحديداً على بعد 50 مترا من الضفة الغربية من النيل بمنطقة الشيخ مناع التي تعتبر أغلب مبانيها قديمة، و يقع منزله القديم المكون من طابقين بالطوب اللبن، بأبواب خشبية وشبابيك أشبه بالأرابيسك والحديد.

اقرأ أيضا: في ذكرى وفاته.. رحلة البابا شنودة من الرهبنة لكرسي الكنيسة 

بيت البابا شنودة الثالث في قرية سلام

عاش البابا شنودة الثالث، 6 سنوات في قرية «سلام» قبل انتقال الأسرة للعيش في مدينة أسيوط، حيث سافر للتعليم في القاهرة عام 1929 مع شقيقه روفائيل، ولم يزر أسيوط بعد ذلك سوى مرتين، الأولى في عام 1952 لمرض والده حيث اصطحبه للعلاج في القاهرة وتوفي والده بعد ذلك، أما الزيارة الثانية فقد كانت بعد أن تقلد كرسي البابوية في عام1972 وزار كنيسة الملاك بمدينة أسيوط وبات ليلته في الدير المحرق.

اقرأ أيضا: فى ذكرى رحيل «معلم الأجيال».. هنا عاش البابا شنوده 25 عامًا قبل الرهبنة| صور

 

دراسة البابا شنودة الثالث

كان البابا شنودة الثالث طالبا متفوقا، فقد التحق نظير جيد رؤفائيل بجامعة فؤاد الأول، في قسم التاريخ، وبدأ بدراسة التاريخ الفرعوني والإسلامي والتاريخ الحديث، وحصل على الليسانس بتقدير ممتاز عام 1947، وفي السنة النهائية بكلية الآداب التحق بالكلية الإكليركية.

بعد حصوله على الليسانس بثلاث سنوات، تخرج البابا شنودة الثالث من الكلية الإكليركية ثم عمل مدرساً للتاريخ، وحضر فصولا مسائية في كلية اللاهوت القبطي وكان تلميذاً وأستاذا في نفس الكلية.

كان البابا شنودة الثالث يحب الكتابة وخاصة كتابة القصائد الشعرية، ولقد كان ولعدة سنوات محررا ثم رئيسا للتحرير في مجلة مدارس الأحد وفي الوقت نفسه كان يتابع دراساته العليا في علم الآثار القديمة.

اقرأ أيضا: في ذكرى ميلاده.. محطات في حياة «البابا شنودة الثالث»

البابا شنودة الثالث والطريق إلى الرهبنة

 

كان البابا شنودة الثالث من الأشخاص النشطين في الكنيسة، وكان خادما في مدارس الأحد، ثم ضباطاً برتبة ملازم بالجيش، بعد ذلك بدأ حياته الرهبانية بشبرا، حيث كان خادما بجمعية النهضة الروحية التابعة لكنيسة العذراء مريم بمسرة، وطالباً بمدارس الأحد ثم خادماً بكنيسة الأنبا أنطونيوس بشبرا في منتصف الأربعينات.

ورسم البابا شنودة الثالث راهباً باسم "انطونيوس السرياني" في يوم السبت 18 يوليو 1954، وقد قال إنه وجد في الرهبنة حياة مليئة بالحرية والنقاء، ومن عام 1956 إلى عام 1962 عاش حياة الوحدة في مغارة تبعد حوالي 7 أميال عن مبنى الدير مكرسا فيها كل وقته للتأمل والصلاة.

وبعد سنة من رهبنته تمت سيامة البابا شنودة الثالث قساً، أمضى 10 سنوات في الدير دون أن يغادره، وعمل سكرتيراً خاصاً للبابا كيرلس السادس في عام 1959، ثم رُسِمَ أسقفاً للمعاهد الدينية والتربية الكنسية، وكان أول أسقف للتعليم المسيحي وعميد الكلية الإكليريكية، وذلك في 30 سبتمبر 1962.

 

الصحافة في حياة البابا شنودة الثالث

مد البابا شنودة الثالث جسورًا مع الصحافة قبل توليه البطريركية، حيث بدأت علاقة الطالب نظير جيد بالصحافة، حتى إن البعض قال عنه لولا أنه اتجه للرهبنة لصار واحدًا من كبار الصحفيين في مصر والعالم العربي.

وفي عام 1947 عند صدور العدد الأول لمجلة «مدارس الأحد»، التي عمل بها محررًا، فمديرًا، ثم رئيسًا لتحريرها حتى عام 1954.

ومن خلال مجلة «مدارس الأحد» كتب البابا شنودة الثالث، أكثر من 150 مقالًا، بالإضافة إلى 25 قصيدة شعرية، كانت كلها تعبر عما يجيش في صدره من سعي لإصلاح الكنيسة والاهتمام بالمشاكل الروحية للشباب وواجبات الخادم في مدارس الأحد.

اكتسبت مقالات البابا شنودة الثالث بعنوان «انطلاق الروح» شهرة واسعة، ما شجعه على جمعها في أول كتاب له.

امتدت أنشطة البابا شنودة الثالث مع صاحبة الجلالة إلى الكتابة في الصحافة وممارسة العمل الصحفي، حيث عمل محررًا، ثم رئيس تحرير، وكان يكتب في جريدتي الأهرام والأخبار، ومنحت نقابة الصحفيين «الأنبا شنودة» عضوية النقابة عام 1966م، وكان رقم عضويته «156»، أي قبل تنصيبه بطريركًا للكنيسة الأرثوذكسية بـ5 سنوات، باعتباره رئيسًا لتحرير مجلتي «مدارس الأحد» و«الكرازة».

قدرت نقابة الصحفيين الدور الوطني لـ البابا شنودة الثالث في العديد من المواقف، التي ظهرت في العديد من مقالاته التي صدرت في جريدة «وطني» وقتها.

ندوة البابا شنودة الثالث في نقابة الصحفيين

تمت دعوة البابا شنودة الثالث، إلى حضور ندوة في نقابة الصحفيين بعنوان «إسرائيل في المسيحية»، وتحولت المحاضرة إلى مؤتمر شعبي حضره أكثر من 12 ألف مواطن، ليظهر مواقفه وشجاعته بالنسبة للقضية الفلسطينية والتطبيع مع إسرائيل.

وقال الدكتور رامي عطا، في كتابه «البابا شنودة والصحفي المثالي»، وهو عبارة عن رصد ودراسة وتحليل لمجموعة مقالات صحفية كتبها قداسة البابا شنودة الثالث: «مارس قداسة البابا شنودة الثالث (1923- 2012)، البطريرك الـ(117) من بطاركة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية 1971- 2012م، العمل الصحفي كأحد مجالات الخدمة الدينية الكنسية، والعمل الوطني العام، حيث كتب مقالات كثيرة ومتنوعة منذ شبابه حتى رحيله، في عدد من الصحف الدينية والعامة، وكان يعتز بكونه عضوًا في نقابة الصحفيين، التي اعتزت أيضا بانتسابه إليها.

أتاح البابا شنودة الثالث المجال أمام المرأة للكتابة في مجلة الكنيسة، وهى مجلة الكرازة، حيث سمح لنبيلة ميخائيل يوسف بكتابة باب (روائع العلم)، وهى نفسها أول امرأة عضو في المجلس الملي العام منذ عام 1989».

اقرأ أيضا: البابا شنودة.. تمتع بروح الفكاهة وأحبه المصريين

لم يخلوا أي حضور للبابا شنودة الثالث من روح الدعابة والمرح

 

روح المرح في حياة البابا شنودة الثالث

عُرف ‏عن‏ ‏قداسة‏ ‏البابا‏ ‏شنودة الثالث، سرعة‏ ‏البديهة‏ ‏العالية‏ مصطحبة‏ ‏بخفة‏ ‏ظل‏، ‏حتى‏ ‏إنه‏ ‏عندما‏ ‏سُئل‏ ‏عن‏ ‏الصفة‏ ‏المشتركة‏ ‏بين‏ ‏الخادم‏ ‏نظير‏ ‏جيد‏ ‏والراهب‏ ‏أنطونيوس‏ ‏السريانى‏ ‏والأسقف،‏ ‏ثم‏ ‏البطريرك‏ ‏البابا‏ ‏شنودة‏، قال‏ ‏دون‏ ‏تردد: «روح‏ ‏المرح»‏.

وخلال‏ أحد‏ ‏احتفالات‏ ‏الكنيسة‏ ‏الأرثوذكسية‏ ‏بعيد‏ ‏جلوسه،‏ ‏قال‏: «‏فيه‏ ‏حاجتين‏ ‏مقدرش‏ ‏أقاومهم‏ ‏الأطفال‏ ‏والضحك»‏..‏ أما‏ ‏عن‏ ‏خفة‏ ‏ظل‏ ‏البابا‏ ‏وسرعة‏ ‏بديهته‏ ‏وإجادته‏ ‏استخدام‏ ‏الكلمات،‏ ‏فالأمثلة‏ ‏على ‏ذلك‏ ‏كثيرة‏، ‏حتى‏ إن‏ ‏البابا‏ ‏قال‏ ‏أيضًا‏:‏ «الناس‏ ‏افتكروا‏ ‏إنى‏ ‏لما‏ ‏هابقى‏ ‏بطريرك‏ ‏هابطل‏ ضحك‏..‏ مقدرش»‏.

ووصل الأمر إلى تأليف كتب عن نكات البابا، وردوده الطريفة خلال الاجتماعات الأسبوعية.

زيارة البابا شنودة للجبهة أثناء حرب أكتوبر 1973

وطنية وحكمة البابا شنودة الثالث

كانت المواقف والأحداث والأيام تشهد بوطنية وحكمة ومحبة البابا شنودة الثالث، شديد المصرية، عميق المودة والعشق لوطنه، لم تغب الكنيسة عن أحداث مصر يومًا وكانت في مقدمة الصفوف وقت الشدة.

قام البابا شنودة الثالث بزيارة جبهة الحرب أكثر من مرة قبل حرب أكتوبر المجيدة 1973 وبعدها، وقام بزيارة جنودنا الجرحى في المستشفيات، ودعمت الكنيسة جيشنا في الحرب بالدعم الروحي والمعنوي والمادي، كما كتب قداسة البابا شنودة عدة مقالات دعمًا لمصر في حربها وصراعها من أجل أرضها.

البابا شنودة مع الجنود في سيناء

كانت هناك كلمة تاريخية لقداسة البابا شنودة الثالث، يرددها دائما ويؤكدها في جميع المناسبات، حيث كان يقول دائمًا: إن مصر ليست وطنًا نعيش فيه، بل هى وطن يعيش فينا.

البابا شنودة الثالث يزور المصابين في حرب أكتوبر 1973

يعد البابا شنودة الثالث، أول بابا يقيم حفلات إفطار رمضانية تضم مختلف فئات الشعب المصري منذ عام 1986، والتي بدأت لأول مرة بمقر الكاتدرائية، وتم تحويلها إلى عادة سنوية يجتمع فيها الجميع بروح الأخوة والمحبة والود، وبعدها انتقلت إلى جميع الطوائف والكنائس في مصر وكذلك الإيبارشيات والكنائس فى مختلف الأحياء على مستوى مصر، فضلًا عن تنظيم تلك الموائد فى إيبارشيات الكنيسة بالخارج، والتي كان يدعو لها السفراء والدبلوماسيين ومجموعة من المصريين في الخارج.

 

مئوية البابا شنودة الثالث

اليوم تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية بذكرى مئوية ميلاد البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الراحل.

ويتضمن الحفل العديد من الفقرات المستوحاة من تراث قداسة البابا، حيث يقام تحت رعاية قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية والأنبا موسى الأسقف العام للشباب والأنبا أرميا الأسقف العام ورئيس المركز الثقافي الأرثوذكسي.