قصص قصيرة جدا للكاتب محمد جميز

كتاب ابداعات للكاتب محمد جميز
كتاب ابداعات للكاتب محمد جميز

الحاج

ينام بيته في ظل شجرة كافور عملاقة، يقصده أهل القرية لحل مشاكلهم، إذا تكلم أنصت الجميع، وتلحفت العيون بالتراب خوفا وطاعة، جسده النحيل وسواد وجهه الهارب من سطوة الليل وجلبابه الأبيض الفضفاض كلها سمات لا توحي بأنه الكبير، ورغم ذلك ساحة بيته أشبه بالمحكمة..

اعترض أحدهم صارخا: أنت ظالم.

ارتعشت شجرة الكافور العملاقة وعلت همهمات الاستنكار والمحاباة، وتطوع بعض المتقاضين الآخرين الذين ينتظرون دورهم وسحبوه عنوة خارج ساحة البيت، والرجل يصيح: متى وقف على عرفات ؟ من أين له بهذا البيت؟ اسألوا شجرة الكافور عن قبر أمه؟

نفض المتطوعون عن ثيابهم انتفاضة الرجل، وعادوا إلى الساحة مرة أخرى يتملقون الحاج، بينما تلفح وجوههم رياح ملتهبة آتية من دهاليز البيت النائم..

 

الآنسة فاء

 

قبلت جبين أبيها، وتركت أوغاد عائلتها يشيعونه لمثواه الأخير، وقبيل مطلع الفجر؛ نبشت قبره لتسترد قلبها، لكن الليل قد وشى بها للأوغاد.

 

الأستاذ ميم

 

اجتاز باب مكتبه، أضع فنجان قهوتي نصب عينيه، هممت بالحديث، لكنه أخرج من خزينة قلبه مسبحة ملطخة بالدماء ثم بصق في فنجاني وفر هاربا، حدجت مقعده الفارغ ببصري، وتناولت المسبحة ورممت بها ما تبقى مني.