«تين شوكي» قصة قصيرة للكاتبة منى حسن

قصة قصيرة للكاتبة منى حسن
قصة قصيرة للكاتبة منى حسن

«تين شوكي» قصة قصيرة للكاتبة منى حسن

حاولت أن ترفض دعوته وتعتذر بأي حجه عندما طلب منها زوجها أن ترافقه لشراء بعض طلبات المصيف الذي تقرر موعده في الأسبوع القادم وهي دائما تتجنب الخروج معه منفردين بسبب طبعه السماوي ونقده اللاذع والذي لا يكف عنه ليل نهار.

 

ولكنه تمسك بصحبتها بحجة أخذ رأيها المهم بالنسبة له فيما يود شرائه فلم تجد بدا من الموافقة وهمت بارتداء ملابسها برغم هذا الحجر الراكن على قلبها وغير المعروف سببه سوى أنها تذكرت ما فعله معها في مصيف العام الماضي، عندما استضاف أمه معهم وكانت سعيدة بوجودها والحقيقة هي دائما تحب وجود آخرين معها لتحد من انتقادات زوجها اللاذعة، فهو لا يحب أن يظهر سوءته أمام الآخرين، وكم من أناس حسدوها على هذا الملاك الذي تزوجته فلا أحد يرى منه عيبا قط فكان يأخذها كل صباح لشراء لوازم الفطور ويلف بسيارته المعمورة كلها وأكثر من لفة ليتفنن في معاتبتها على ما فعله ولدها أحمد حيث دخل الشاليه وحذاؤه محشو بالرمال وكيف تجرأت ابنتها نور بفتح التلفاز بصوت عال أزعج جدتها وكيف يطلب منها كوب شاي وتتأخر عليه وهو كان في أمس الحاجة إليه و. و. و. حتى اختنقت.

 

كانت تقسم كل يوم أنها لن تخرج معه منفردين ولكنه بطريقته الثعبانية يصر عليها لأنه لا يستطع توبيخها داخل الشاليه فتسمعه أمه فيتسبب في إزعاجها وعندما ينتهي من وصلة النكد والعتب يضاحكها عند الوصول بل ويغازلها أيضا لتدخل البيت راضيه مرضيه..

 

أصبحت تخاف الانفراد معه وتختنق لمجرد فكرة ركوب السيارة معه وحدها وكم من مرة لعب بها الشيطان أن تلقي بنفسها خارج السيارة وتنتهي من هذا الضغط النفسي ثم تتذكر أولادها وأمها والأهم ربها فتتراجع... وأخذت تتساءل يا ترى ما مبعث إصراره على اصطحابها الآن؟

 

نظرت لمرآتها وألقت نظرت عتاب لنفسها فقد أصبحت ظالمة وتفتري على الرجل فأكيد يريد أخذ رأيها والخروج معها وأكملت ملابسها بنفس راضية وخرجت فرحة مع زوجها تتأبط زراعه.. ركبت بجانبه السيارة وانطلقا إلى حيث مولات الملابس .. ومدت يدها إلى مذياع السيارة تبحث عن أغنية مفضلة لهما فتضفي جوا سعيدا.

بدأ الرجل حديثه معها استيقظت أمس ليلا لأشرب ماء فوجدت الحوض به أطباق متسخة لما لم تغسل بدل مشاهدتك للفيلم مع ابنتك ودخلت التواليت وجدت البيه إبنك ترك فرشاة الحلاقة ولم يضعها مكانها.. سمعتك تتحدثين مع الجارة وتشتكي من أفعالها معك وأنا أرى أنك مخطئة وتتعالين عليها ولا تتوددي إلي الجيران وكأنك من كوكب آخر.. و. و. و. و.

 

حاولت مقاطعته دون جدوى.. حاولت الاعتذار عما يغضبه فلم يقبل.. حاولت أن تثنيه عن تكملة الطريق وأن يعودوا إلى المنزل وهو أبدا لا يوافق فلم تجد سوى البكاء بانهيار تام...

 

وهنا حاول لملمت الموقف ووقف بالسيارة أمام بائع تين شوكي ركن عربته على كورنيش النيل ووجه لها ابتسامة لا تعلم أن كانت حميمة أم خبيثة وقال لها أعرف تحبين التين تعالى سأشتريه لك واهدئي يا ستي أنا كنت بفضفض..

وقفت تنظر إلى صفحة النيل حتى ينتهي البائع من تقطيع التينات وتذكرت المرار الطافح الذي لا ينتهي مع هذا الرجل وكم الإهانات التي لا يكف عن توجيهها لها وحيثيات النقد اللاذع الذي لا يمله أبدا..

اختنقت وشعرت بوجع يسري بكل جسدها وشعرت بأن أقدامها لا تحملها.. ثم عاودت النظر إلى صفحة النيل المظلمة وتذكرت أبنائها وأهلها ولكن من يشعر بها ودائما زوجها أخلاقه عالية جدا يحاسبها وحدها حتى على أفعال لم تفعلها حتى لو أخطأ الآخرون فيلومها هي وعندما تتساءل لم تلومني يرد بل أفضفض لك..

كيف تكمل حياتها هكذا وكيف تنهيها.. أمسكت بكلتا يديها السور الحديدي المحيط بالنيل وشعرت أنه سور رابض على قلبها والتفتت خلفها وجدت زوجها يقترب منها مبتسما يحمل بين يديه كيس تين شوكي فلم تشعر بنفسها وهي تصرخ صرخه مدوية وتلقى بنفسها في ظلمات النيل فربما تجد داخله نور لم تجده في حياتها.