«يوم السبت» قصة قصيرة للكاتبة أميرة عبد العظيم

قصة قصيرة للكاتبة أميرة عبد العظيم
قصة قصيرة للكاتبة أميرة عبد العظيم

«يوم السبت» قصة قصيرة للكاتبة أميرة عبد العظيم

اعتادت أروى كل يوم سبت الذهاب إلى النادي في الصباح الباكر، لممارسة رياضة المشي في تراك النادي الذي يمتاز بجمال الطبيعة الخلابة، وكذلك رائحة الزهور التي تفوح برائحتها وتملأ المكان عبقاً وتضفي عليه الجمال بألوانها الجذابة والتي تبعث في الروح حلاوة التنفس العميق المليء بالهواء الصحي العلي.

 

استغرقت أروى في المشي حوالي ساعة تقريباً، بعدها اتجهت إلى غرفة الملابس لتبديل ملابسها بملابس السباحة لتستكمل يومها الرياضي إلى حمام السباحة بنزول المياه، ما أجمل تلك الساعات التي تقضيها أروى في يوم أجازتها بالنادي بعد عناء العمل طوال الأسبوع.

 أروى بنت جميله تجذب الأنظار بجمالها الطبيعي ورقتها، وهنا انطلقت النظرات وتوجهت أسهم الإعجاب، رجل من بعيد يرمق أروى بنظرات ليست عادية، نظرات ثاقبة تتحدث عن نفسها يصاحبها الصمت الخفي المثير للجدل، فهي تقول الكثير والكثير من العبارات التي تكمن تحت سقف الخجل الشديد، وقد لاحظت أروى ذلك، وأنه يتكرر مع كل مره تأتي فيها إلى النادي، وإن كل ذلك كان يحدث من بعيد،

إلى أن بدأت تلك النظرات تأخذ مسار هزات تلامس قلبها..

 

حتى أنه بمرور الوقت وأيام السبت لم تعد تلك النظرات بالنسبة لأروى مجرد نظرات عابرة أبدا، فقد اعتادت عليها حتى أنها فكرت أن تذهب إليه وتحدثه وتسأله من أنت؟!

ولماذا تحدق بي بل وتنتظرني كل يوم سبت هنا عند البيسين؟!

وعندما تعود أروى إلى المنزل لا يتوقف عقلها ولا نبض قلبها عن التفكير في ذلك الرجل المجهول.. وتسأل نفسها وتلح في السؤال ماذا أفعل؟

كانت ليلة الجمعة ذهبت إلى غرفتها.. حاولت النوم ولكنها لم تستطع أن تغفو ولو لثانية واحدة سيطر التفكير على عقلها والشغف الشديد لرؤيته على قلبها حتى وضح نهار يوم السبت الذي طالما انتظرته على مدار الأسبوع كان بالنسبة لها صباح يوم مختلف سبت غير كل سبت فقد فكرت بعد سهرة ليلية وقررت أن تتحدث معه عن قرب وتعرفه من غير أي ملابسات أو خوف أو تردد.

 

نهضت أروى من سريرها وبدلت ملابسها بسرعه واتجهت إلى السيارة وجلست على عجلة القيادة، وهي في حالة من التعجل وضعت مفتاح السيارة، وتحركت أروى بسيارتها متجهة إلى النادي وعقلها متجهاً إلى التفكير في لحظة اللقاء بذلك الحبيب المجهول ...

فجأة صوت مدوي وفي لحظة وغفوة لم تستغرق دقائق معدودة صدمت سيارة أروى سيارة نقل كبيرة من الخلف فانقلبت السيارة، منظر بشع وحادثة مروعة.. تجمع الناس حول سيارة أروى، وجاءت سيارة الإسعاف وعندما وصلت أروى إلى المستشفى، أدخلها طاقم المستشفى إلى غرفة العمليات فهي تنزف بشده، وفى حالة فقدان وعي تام، أسرع فريق من الأطباء الجراحين بالتعقيم ودخول غرفة العمليات، وإذا به ذلك الحبيب المجهول هو نفسه ضمن فريق الجراحيين، يرفع الغطاء عن وجهها الجميل ، وجهها الذي لم يغير ملامحه أي شيء حتى الجروح ونزيف الدم،  ينظر لها نفس النظرات وكأنه يقول لها استيقظِ حبيبتي أنا إلى جوارك، أمسك يدها التي تغرق في دمها، واذا بها تداعب أصابعه وكأنها تسمعه.

عاد ليستجمع نفسه بسرعة وبدأ في عمله لينقذ ما يمكن إنقاذه هو وزملاؤه، ينظر إليهم طبيب التخدير: خلاص يا جماعة أمر الله نفذ

انطفأت كل قناديل الأمل بداخله، فارقت أروى الحياة قبل أن تعرف حبيبها ولم تعلم أنه طبيبها.. فارقته وكانت تود أن تقول له أنا لا أعلم كم تبقى من عمري ولكني أعلم أن كل ما بقى فهو لك، ولم يتبق له من أروى غير يوم السبت.