د.فاطمة حجازي مديرة الدار لـ "أخبار الحوادث": الآسر البديلة توفر حياة آمنة للأطفال ونشجع عليها

مديرة الدار اثناء حوارها مع أخبار الحوادث
مديرة الدار اثناء حوارها مع أخبار الحوادث

القليوبية: الاء يرى 

 ما حكته لنا الدكتورة فاطمة حجازى مديرة دار حجازى، والتى كشفت عن جانب آخر من الانسانية بوجود أسر تحرص على إنقاذ هؤلاء الملائكة بكفالتهم، ليس هذا فحسب وإنما تبنيهم، فكيف يحدث ذلك؟!، وما هى الإجراءات؟!

وكيف يتم تهيئة الطفل نفسيًا من جديد فور وصوله إلى الدار؟، وهل يعرف ماضيه المؤلم وحكاية والديه ذوى القلوب القاسية؟، وهل تعرف ايضًا الأسرة الكفيلة او المتبنية حكاية الطفل؟، وما هى تلك الكواليس المرعبة التى جاءت بهؤلاء الملائكة إلى الدار؟، كل هذا وأكثر سوف نعرفه من خلال حوارنا مع الدكتورة فاطمة حجازى مديرة الدار.

قبل البدء فى الحوار، أو الكشف عن اى تفاصيل، نؤكد اننا حرصنا على وضع اسماء مستعارة لحكايات هؤلاء الأطفال دون الكشف ايضًا عن صورهم حرصًا منا ومن الدار على مراعاة الحالة الإنسانية لهؤلاء الملائكة الصغار.. والآن نبدأ الحوار..

في البداية سألنا الدكتورة فاطمة حجازى عن تاريخ الدار، لتبدأ حديثها قائلة: هذه الدار أنشئت منذ التسعينيات كدار متخصصة في رعاية الأطفال مجهولي النسب، من سن يوم حتى عامين، والذين يتم العثور عليهم دون التعرف على هوية الأب أو الأم، وهي الدار الوحيدة المتخصصة في رعاية الأطفال الرضع داخل محافظة القليوبية، وهي تابعة لمديرية الصحة بالمحافظة.

الطفلة كارما

منذ ايام قليلة عثر الأهالى على طفلة تدعى كارما، وتم تحرير محضر بتلك الواقعة، هل وصلت إلى الدار؟!

وترد الدكتورة فاطمة حجازى قائلة: الطفلة كارما لم يتم إحضارها إلى الدار، وذلك لأن الجهة المختصة قررت إيداعها بدار أخرى، وهذا أمر طبيعي يعود إلى قرار الجهة المختصة، ولكن يوجد لدي حالات مشابهة لحالة الطفلة كارما.

وتتابع الدكتورة فاطمة حجازى؛ ما نعيشه بشكل مستمر أمر غريب ولا يصدقة عقل، فتلك القصص رغم مخالفتها لكل العقائد والأديان وضربها بالقيم المجتمعية عرض الحائط منتهكة الفطرة السليمة التي خلقنا وتربينا عليها، إلا أنها موجودة للأسف.

إجراءات الكفالة

قبل الحديث عن تلك الحالات المفجعة بشكل منفصل؟، هل هناك امكانية لكفالة أطفال من الدار؟، وما هى الإجراءات حال السماح بذلك؟!

تقول الدكتورة فاطمة حجازى: تقتصر مهمة الدار في إرشاد الأسر الراغبة في الكفالة بالخطوات اللازم اتباعها، وذلك بعد استيفاء كل الشروط القانونية؛ تأتي الأسرة بإذن من النيابة العامة، وإذن رؤية من وزارة التضامن الاجتماعي لتشاهد الأطفال.

أما الخطوة الأولى تكون من مكاتب التضامن الاجتماعي؛ حيث تذهب الأسر الراغبة في الكفالة إلى أقرب مكتب شئون اجتماعية للأسرة، فهو المسئول الأول عن متابعة حياة الطفل بعد خروجه من الدار والمشرف عليه، وسوف يقوم بالزيارات المتكررة للطفل في منزل أسرته الجديدة للتأكد من أنه يحيا حياة طيبة، ويحظى بمعاملة جيدة من قبل الوالدين اللذين تكفلابالطفل.

وتتابع قائلة: عندما تأتي الأسرة الراغبة في الكفالة إلى الدار أرشدهم إلى أقرب مكتب شئون اجتماعية الذي سيطلب منهم بدوره تنفيذ عدة إجراءات تأخذ أحيانا بعض الوقت؛ حيث يطلب منهم عدة أوراق وهى «فيش وتشبيه» للزوجين، وعقد المنزل سواء كان ملك للأسرة أو إيجار، ويجب ألا يكون إيجار جديد، لأن هذا غير آمن للطفل؛ حيث لا يضمن استقرار الأسرة، بالإضافة الى قسيمة الزواج و شهادة طبية تفيد خلو الأبوين من الأمراض مثل مرض السكري، وإذا كان أحد الوالدين يعاني من مشكلات في الإنجاب أو العقم يأتي بشهادة طبية تثبت ذلك، ومفردات مرتب الزوج حتى لو كان يعمل بمهنة حرة، أو يملك مشروعا خاص به، يأتي بما يثبت ذلك لأن الزوج سيكون هو المعيل الأول للطفل، وهو ما سيضمن له حياة كريمة، وبعدها تقدم الأسرة تلك الأوراق إلى مديرية التضامن الاجتماعي، ومن ثم يقوم مكتب التضامن الاجتماعي بعمل بحث اجتماعي للأسرة، ويرسل أخصائية اجتماعية لترى المنزل الذي سيعيش فيه الطفل.

السكن الجديد

اما عن الشروط الواجبة فى السكن الجديد للطفل، فهي ضرورة وجود غرفة خاصة بالطفل ومنفصلة عن غرفة الوالدين، وبعدها ننتظر عقد لجنة من كبار مسئولي الدولة تتشكل من عدة جهات مختصة منها مدير مديرية التضامن الاجتماعي ببنها، ومدير مديرية الصحة، ومدير إدارة الخدمة الاجتماعية للشئون الصحية، وبعدها يتم دخول كل أوراق الأسر المتقدمة للكفالة لتنظر فيها اللجنة، وبعدها تصدر قرارها إما بالقبول أو الرفض، ففي حالة قبول طلب الكفالة تمنح الأسر خطاب مشاهدة موافق علية، وبذلك يحق للأسرة الذهاب لأي دار في جميع أنحاء الجمهورية وكفالة أي طفل، وبعدها تأتي الأسر بخطاب المشاهدة للدار وحينها أعرض عليهما كل طفل في الدار حتى يرتاح كلاهما لطفل معين وعندها يذهبا لأخذ إذن النيابة العامة وتصريح وزارة التضامن الاجتماعي.

وتتابع الدكتورة فاطمة حجازى، ولكني حفاظا على نفسية الأطفال ورغبة مني في حفظ حقوقهم أرفض دخول الأسرة إلى غرفة الأطفال ليختاروا أحدهم بل أجلب إليهم كل طفل على حدة حفاظا على نفسيته حتى يستقر اختيارهما على طفل يرغبان في أن يصبح ابنهما وهذا من حقهما وبعدها يأتي الوالدان الجديدان إلى الدار في يوم محدد لأخذ الطفل معهما.

دور الدولة

التوصيات الأخيرة للدولة فى هذا الشأن هل أسهمت فى رعاية الأطفال مجهولى النسب؟

أجابت الدكتورة فاطمة حجازى قائلة: نعم سهلت الدولة من الإجراءات القانونية اللازمة للكفالة من أجل توفير حياه اجتماعية طبيعية مستقرة وآمنة للأطفال، ومنها بأن الدولة سمحت لمن يملك مؤهلا تعليميا متوسطا بالكفالة، ومن قبل كان من اللازم أن تكون الأسرة المتقدمة لديها مؤهل تعليمي عال، وهذا ما كان يقف مانعا دون الموافقة على طلب الكفالة.

هل يعرف الأب والأم اللذان يكفلان الطفل بماضيه؟، وكيف تكون ردة فعلهما؟

وترد الدكتورة فاطمة حجازى قائلة: لا يحق لأحد أن يعلم ماضي الطفل فظروف ولادته وكيف دخل الدار ومن والديه الحقيقيين من أسرار حياته الشخصية ولا يجوز أن ينتهكها أحد، فإذا أحبت أسرة طفلا وقررت أن تكفلة يجب عليها أن تأخد الطفل الذي أحبته وأحبهم دون أخذ ماضيه معه، وذلك حماية للطفل من الأضرار التي ستقع عليه جراء تلك الشوائب.

 هل تخبرون الطفل في الدار بمن يكون وكيف دخل إلى الدار؟

 بالطبع لا، لأن ذلك يؤثر على الأطفال بالسلب، وتلك الحقيقة لن تمحى من ذاكرتهم ما حيوا وستظل عائقا أمام التقدم في حياتهم، لذلك أحاول مع الأبوين الكافلين للطفل أن نقنعه بأن أبويه الجديدين هما أقارب والديه الحقيقيين الذين توفيا في حادث سير، أو نخبره بأن والديه من أى دولة عربية، وكانا يعملان هناك، ولكن توفاهما الله في حادث سير، فنحن لا نجعل الطفل يصطدم بأشياء ليس له ذنب فيها.

وتختتم الدكتورة فاطمة حجازى قبل ان تبدأ فى الكشف عن حكايات وأسرار مفجعة من دفتر احوال الأطفال فى الدار؛ أن حالات التكفل بالأطفال زادت كثيرا مع توسع مدارك الأشخاص وتقبل المجتمع لفكرة الكفالة، وهذا ما يدخل السعادة لقلبي فرؤية الأطفال يحظون بحياة هادئة وسعيدة هو أمر مرضي ويضفي شعورًا رائعًا، وخصوصا أن الأطفال سيمنحوا فرصة أفضل لكي يعيشوا حياة مثالية.

احمد.. ضحية أبوين مدمنين

  عثر احد المارة على الطفل احمد، وظن وقتها أنه ربما يكون تائهًا من والديه، ليذهب إلى قسم الشرطة ويطلب تحرير محضر، ولعدم العثور على الأبوين كان القرار بإيداع الطفل فى الدار.

تقول الدكتورة فاطمة حجازى، كنت أرغب في معرفة كواليس العثور على الطفل، خاصة وأن والديه لا يسألان عنه نهائيًا كما لم يتم تحرير محضر فى هذا الوقت بغيابه، حتى علمت أن بعض جيران والديه تواصلا مع الذى عثر عليه، وعلمت أن والديه مدمنان، وحالتهما يرثى لها، وأيضا لديه شقيق أكبر منه عمره سبع سنوات.

والمفارقة أن والدة الطفل انفصلت عن والده حتى تحصل على معاش أحد أقاربها وبعدها عادت الى زوجها بعقد عرفي من أجل عدم قطع المعاش؛ لتحمل الزوجة في الطفل، وبعد ولادته لم يستخرجا له شهادة ميلاد، وبالتالي اصبح أحمد ساقط قيد.

بعد فترة من اقامة الطفل فى الدار، جاءت الأم تبكي وطلبت مني أن ترى صغيرها، وأخبرتني أنها نادمة على تركه وتريد أن يعود اليها، وعندما سمحت لها بمقابلته، فوجئت بالطفل يصرخ بشدة ويشير الى الباب طالبًا الهروب، فهمت وقتها أن والديه كانا دائما الاعتداء عليه رغم أن عمره لم يتخطى بعد التسعة اشهر، لكن مع تهيئته نفسيًا اصبح الطفل يعيش مع اخوته فى الدار بشكل سليم ودون عدوانية.

توءم فى مقابر شبين

 من ضمن الحكايات الغريبة والتى كشفت عنها مديرة الدار؛ هى قصة التوأم محمد وأحمد، وتقول عنها؛ منذ فترة عثر احد الأهالى واثناء سيره فى مقابر شبين القناطر مساءً، على طفلين متطابقين "توأم"، بعد سماع صراخهما، على الفور اتصل هذا الشخص بالنجدة، وعلمت بعد ذلك انه تم تحويل الطفلين إلى احدى المستشفيات، حتى يتم الكشف عن حالتهما الصحية، وحسب التقرير الطبى فإن عمرهما وقت العثور عليهما لم يتعد بضع ساعات.

وتتابع الدكتورة مديرة الدار؛ وبعد خضوعهما للكشوفات والتحاليل اللازمة، وانتهاء الإجراءات القانونية بعد فشل العثور على اهليتهما او معرفة كواليس إلقائهما فى المقابر بعد ولادتهما بساعات قليلة، كان القرار بإحالة الطفلين الى الدار، وكان هذا بعد عشر ايام تقريبًا من العثور عليهما.

وتضيف؛ لحسن الحظ ان لدينا من الإمكانيات ما يؤهلنا لرعاية الأطفال الرضع، وبعد فترة كان القرار بتسميتهما "محمد واحمد"، وظلا فى الدار عدة أشهر، ومع الوقت كان هناك العديد من الأسر التى تأتى لزيارتنا، وشاهد زوجان "محمد واحمد" وطلبا كفالة الطفلين، وبعد الانتهاء من الإجراءات القانونية التى تسمح لهما بالكفالة، قمنا بتسليم الطفلين اليهما، وحتى الآن نقوم بزيارتهما كل فترة وبشكل منتظم حتى نتأكد من حسن رعايتهما، وهو الإجراء المتبع الذى نحرص على اتخاذه فى هذه الحالات.

"رزق".. من الشارع إلى غرفة العمليات

  أما حالة الطفل رزق فهى مرعبة حسبما وصفت الدكتورة فاطمة حجازى، لتكشف عن كواليس العثور عليه قائلة: قبل فترة عثر الأهالى على رضيع يصرخ على احد الأرصفة ليلاً، وبعد انتهاء الإجراءات الرسمية، تم تحويله الى الدار فى صبيحة اليوم التالى قرابة الثانية عشر ظهرًا.

وتصف مديرة الدار حالة الطفل قائلة: كانت حالته طبيعية جدًا، وبعدها تم حجز مكان له فى الدار ورعايته مثل باقى اخوته، لكن فى المساء او تحديداً بعد منتصف الليل، جاءنى اتصال من الدار بأن الطفل الذى اسميته "رزق" يصرخ بشده، ولابد من تحويله بسرعة إلى المستشفى، وبالفعل عدت الى الدار وذهبت به إلى المستشفى واقمت ليلتها وكان معى بعض مشرفات الدار، وعلمنا من الأطباء أنه يعانى من مشكلة خلقية فى الأمعاء، ويحتاج الى عملية تحويل مسار، وإلا ستنفجر امعاؤه، وبالفعل تمت اجراء الجراحة له، وظللت حوالى شهر فى المستشفى اتابع حالته، حتى خرج من المستشفى معافى.

وتتابع الدكتورة فاطمة حجازى، لكن للأسف لعدم وجود الامكانيات التى تؤهلنا لرعايته بسبب حالته الصحية، تواصلت مع دار تمتلك رعاية متخصصة لمثل هذه الحالات، وتم تحويله بالفعل اليها، حتى نتابع حالته، ونقدم لهم ايه مساعدات او ارشادات، لكن عموما، اصبحت حالته الصحية جيدة مثل باقى الأطفال في مثل عمره.

"عمرو".. ضحية الزواج العرفي

  حالة غريبة من نوعها قدمت إلينا منذ عدة أشهر، حسبما تقول الدكتورة فاطمة حجازى، سببها حالات الزواج العرفي التي انتشرت في الآونة الأخيرة، فوالدة الطفل عمرو لجأت للزواج عرفيًا لعدم بلوغها السن القانوني، بعدما أصر والدها على فسخ خطبتها لتزويجها من آخر أغنى منه بكثير وسيضمن لها حياة مستقرة، ليرفض خطيبها الأمر ويصر على الرفض ليقنعها بضرورة الزواج لمنع رغبة الأب في تزويجها من آخر و يجبراه على الموافقة على زواجهما، لكنهما لم يضعا ببالهما بأن هذه الزيجة سينتج عنها طفل (عمرو).

حاولت والده الطفل مرارًا وتكرارًا أن تخفي أمر حملها عن والديها، واستغلت غيابهما عن المنزل لتنجب الطفل، بعدها اتصلت بوالده ليأتي ويأخذ الطفل حتى لا يفتضح أمرهما، وبعد إخبار والديها يأتي بالطفل ليجبرهما على الموافقة على إتمام الزيجة.

المرعب ما فعله والد الفتاة أخذ الطفل في قسم الشرطة، ادعى أنه عثر عليه ملقى على احد الطرق وأنه ليس له علاقة بالطفل، وبعدها أحضره القسم إلينا بعد إجرائه الكشف الطبي، وبعدها بفترة ليست بالطويلة قدم إلينا والد الطفل عمرو واعترف بأنه هو والد الطفل، وأنه جاء ليأخذه بعدما وافق أهل زوجته على زواجهما و قاما بتوثيقة قانونيًا.

وبعد ذلك اتبع الإجراءات القانونية وحصل على حكم من المحكمة باستلامه وهو الآن يعيش فى رعايته.

آثار تعذيب

  هي واحدة من أبشع الحالات التي قدمت إلى الدار؛ حيث عثر الأهالي على الطفلة سمر بأحد أسواق مدينة قليوب، ثم قاموا بتسليمها لقسم شرطة قليوب لتقرر الجهة المختصة إيداعها بالدار.

وتقول الدكتورة مديرة الدار؛ للأسف كانت اولى صدمتنا فى حكاية الطفلة سمر، عندما اكتشفت عاملات الدار وجود آثار تعذيب على جسد الطفلة، وهو ما أكده ايضا التقرير الطبى الذى تم تسجيله بشكل رسمى فور وصول الطفلة الى الدار.

وتعلق قائلة؛ ما ذنب طفلة بريئة لم يتخط عمرها بضعة اعوام لا تتعدى اصابع اليد الواحدة، أن يتم تعذيبها بهذا الشكل الشنيع، ومن ثم القاءها فى الشارع دون السؤال عنها، أو حتى معرفة مصيرها، ما الذى فعلته هذه البريئة لتكون نهايتها بهذا الشكل؟!

وتتابع قائلة؛ للأسف الشديد حاولنا بكافة الطرق تهيئة الطفلة نفسيًا لتعيش مع اخواتها فى الدار بأمان، إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل، كانت منطوية على نفسها، ترفض التعامل مع اطباء او مشرفين الدار، حتى الأطفال فى مثل عمرها فشلوا فى أن يستقطبوها معهم، حتى اللعب كانت ترفضه بشده، وكنا نقوم بجهود جبارة حتى نستطيع اطعامها، كان من الواضح أن الطفلة تعانى بشدة نفسيًا، وبعد فترة ليست بطويله، تواصلنا مع دار اخرى لديها اطباء نفسيين ولديهم من الامكانيات ما يساعد هذه الطفلة، ثم قمنا بتحويلها اليهم.

تحت الكوبري

  حالة صعبة جداً وموجعة ايضًا، هكذا وصفت الدكتورة فاطمة حجازى حالة الطفل يوسف، مشيرة إلى أن الأهالى عثروا عليه منذ فترة أسفل كوبرى بمدينة الخانكة التابعة لمحافظة القليوبية، ليبلغوا قسم الشرطة، وبالفعل تحرر محضر بالواقعة، وتم إحالته إلى النيابة العامة، والتى قررت إحالته إلى احدى المستشفيات لتوقيع الكشف الطبى عليه، وكان القرار بعدها هو ايداع الطفل يوسف بالدار.

وتتابع الدكتورة فامة حجازى؛ بكل أسف كانت الدار مشغولة بالحالات، وهو ما جعلنا نخطر جهة الاختصاص بأن الدار لا تستطيع استيعاب المزيد من الأطفال، وكان هناك اجراء من المستشفى التى قامت بعلاجه بأن يتم وضع الطفل تحت رعاية احدى الممرضات والتى وافقت على الفور، وليبقى معها فترة طويلة تخطت السبعة أشهر.

المثير كما تقول الدكتورة فاكمة حجازى، إن الممرضة التى تقوم برعاية الطفل يوسف، حضرت الى الدار بعد هذه الفترة – السبعة أشهر- وطلبت كفالته مشيرة إلى انها اعتادت عليه واحبته كثيرًا كما احبه زوجها واطفالها، لذلك قررت عدم التخلى عنه، طالبة أن تعرف ما هى الإجراءات التى تمكنها من تبنيه، وبالفعل قمنا بمساعدتها بإنهاء كافة الإجراءات القانونية التى تمكنها من تبنيه ورعايته، لتحصل على إذن من جهة الاختصاص ووزارة التضامن الاجتماعي، و بعدها قامت الدار بتسليمها الطفل لينضم يوسف إلى أسرته الجديدة.

د.جمال فرويز: "الكفالة" طوق النجاة لهؤلاء

وبالحديث مع الدكتور جمال فيروز استشاري الطب النفسي، قال: الإنسان بالطبع تتكون شخصيته من نتاج الوراثة والخبرات والتجارب الحياتية التي يعيشها، وأن ينشأ الطفل دون وجود أب أو أم، أو أنه يعلم أن والديه قررا التخلي عنه وتركه وحيدًا، هذا بالتأكيد يؤثر بالسلب على نفسيته، وسيكون له تأثيرا مدمرا على حياته.

 فذلك الطفل إما أن يصبح انطوائيًا بشكل كبير ويرفض التعامل مع المجتمع حتى وإن وجد من يهتم به ويرعاه سيظل من داخله يشعر بأنه شخص غير مرغوب فيه، ولا يحبه أحد، حتى وإن كان شعورًا خاطئًا فهو ينظر إلى الجميع نتيجة للتجربة التي عايشها.

ولكن الحالة الثانية هي الأخطر؛ فالطفل هنا سيقوم بالتمرد على المجتمع، سواء تمثل ذلك في التنمر على الآخرين أو ضربهم ومحاولة إيذائهم بكل الطرق، وذلك لأنه يرغب في أن يعاني الجميع مثلما عانى هو، خاصة وانه يشعر بأنه ضحية للمجتمع وذلك أخطر عرض قد يصيب الطفل، أما إذا وجد الكفيل الذى يحنو عليه ويهتم به ويرعاه، ويبعده عن ماضيه المؤلم، سيؤثر ذلك بالإيجاب على صحته العقلية والنفسية، وبالتالي يصبح إنسانًا سويًا وعضوا فعالا في المجتمع.

اقرأ أيضًا : مصرع طفلتين بالشرقية صعقًا بالكهرباء وانهيار حائط 


 

;