«دخلت عليها وهى نايمة الفجر وطعنتها»

ننشر اعترافات قاتل مطلقته بالإسماعيلية

المتهم
المتهم

حبيبة جمال

  دقة عقارب الساعة كنبضات القلب المضطرب، استيقظت بطلة قصتنا من نومها المتقطع وهي مفزوعة، هكذا هو حالها كل يوم منذ أسبوع، تنام وهي غير مطمئنة، وتستيقظ وهي تشعر بالهلع؛ بسبب تهديد طليقها لها بأنه سيقتلها إذا رفضت العودة له، تظل تلك المسكينة جالسة أعلى سريرها شاردة الذهن تتذكر تفاصيل ١٣ عاما عاشتها مع هذا الشخص، كيف كانت الحياة قاسية بينهما، لم تتذكر أي لحظة سعيدة تشفع له حتى تعود لحياته من جديد، تفيق من شرودها وهي تمسح دموعها وتدعو بأن تنتهي من هذا الكابوس الذي يطاردها منذ انفصالها عنه منذ ٣ سنوات، لم تكن تلك المسكينة تدري أن الكابوس سينتهي ولكن عندما ينفذ المتهم جريمته ويقتلها بدم بارد دون أي ذنب.. تفاصيل تلك الجريمة التي حدثت فجرا وهزت أرجاء محافظة الإسماعيلية تسردها السطور التالية.

الحكاية بدأت قبل ١٣ عاما من الآن، داخل بيت بسيط بقرية السلام، التابعة للتل الكبير بمحافظة الإسماعيلية، في هذا المكان نشأت سماح السيد، بطلة قصتنا، سيدة جميلة، تبلغ من العمر ٣٠ عاما، من أصل طيب، يشهد لها الجميع بالأخلاق الحميدة والطيبة، حصلت سماح على دبلوم زراعة، ومثلها مثل أي فتاة كانت تنتظر ذلك الفارس الذي سيأتي ويأخذها من عالمها وتعيش معه أجمل قصة حب، بالفعل تقدم لها شاب يدعى إسماعيل، يكبرها بسبع سنوات، ومنذ الوهلة الأولى شعرت سماح بالراحة، واعتقدت أنه سيكون زوج صالح وسند لها في الحياة، فوافقت على تلك الزيجة، وبالفعل تزوج الاثنان وأقامت الأسرة حفل زفاف كبير حضره الأهل والأصدقاء، وانتقلت سماح للعيش مع زوجها إسماعيل في بيتهما الجديد.

عاش الاثنان حياة هادئة، سعيدة بعض الوقت، حتى رزقهما الله بطفلين، أحمد ونور، ولكن فجأة تبدلت الحياة الهادئة بينهما إلى حياة أسوأ، من الترف والسعادة إلى القسوة؛ وذلك بعدما انجرف إسماعيل نحو طريق المخدرات – حسب كلام والدة سماح-، وأصبح ينفق أمواله عليه، وظل في البيت ولم يعمل، فقررت سماح الخروج للعمل حتى تنفق على طفليها وبيتها، فعملت داخل عيادة خاصة، لكن زوجها كان يعتدي عليها بالضرب ويأخذ أموالها، وعلى الرغم من كل هذا العذاب إلا أنها كانت لا تريد سوى أن تربي طفليها وألا تنفصل عن زوجها وتحرمهما من وجود الأب في حياتهما، فعلت أقصى ما لديها حتى تبعده عن هذا الطريق، لكن شيطان المخدرات تملك من عقله، لم يكن الزوج المدمن يعتدي عليها بالضرب وحدها بل كان يضرب طفليهما أيضا، ١٣ عاما هي المدة التي عاشتها سماح مع هذا الشخص حتى قطف الحزن زهرة شبابها وعمرها، فأصبحت جسدا بلا روح، مر بها العمر وهي في عذاب، وطفليها يكبران أمام أعين أب لا يتحمل المسئولية ولا يعرف للأبوة معنى، وصل الأمر لحائط سد، قررت معه سماح الانفصال عنه حتى تحاول أن تلملم ما تبقى منها وتربي طفليها في بيئة مليئة بالحب والأمان، وبالفعل منذ ثلاث سنوات انفصلت سماح عن زوجها، اعتقدت أنها حصلت على حريتها وستنعم بحياتها من جديد، لم تدري أنها ستبدأ فصلا جديدا في حياتها مليئ بالقلق والتوتر، عندما يظل هذا الشخص يطاردها في كل مكان حتى تعود له.

مطاردة غرامية

ظلت سماح مقتنعة بفكرة الانفصال نهائيا، وعادت لحياتها الطبيعية، فقررت العمل والاجتهاد والعيش فقط من أجل طفليها، بينما هو ظل يطاردها ويحاول إقناعها بأن تعود له، ووعدها أنه سيمتنع عن المخدرات ويشتري توك توك للعمل عليه، لكنها لم تصدقه ورفضت العودة اليه، فشعر بالإهانة وتملكته مشاعر الكره والحقد، قرر الانتقام منها، جلس يفكر في طريقة للثأر لكرامته؛ فبدأت تتقاذفه الأفكار السوداء، وسيطر عليه الشيطان وقرر ارتكاب جريمة قتل في حق تلك السيدة المسكينة، تناسى المودة والرحمة، وتناسى عشرة ١٣ سنة زواج كانت خلالها تحافظ عليه وعلى اسمه، ضرب بكل شيء عرض الحائط، وقبل جريمته بأيام ذهب إليها وهددها يا الرجوع يا القتل!، وعلى الرغم من أنها تمالكت نفسها أمامه وأظهرت قوتها بأنها لا تخشى تهديده، إلا أن الرعب ملأ قلبها وكانت تطاردها الكوابيس كل ليلة.. ولم يخطر ببال أحد أنه سينفذ تهديده ويقتلها.

الجريمة

عقارب الساعة تشير للرابعة فجرا، يجلس إسماعيل داخل بيته، تتطاير من عينيه شرار الحقد والغيظ، شارد الذهن، لا يفكر سوى في رفض سماح العودة له، انتفض من مكانه وهو مصمم على الانتقام منها؛ ذهب لشقتها وتسلل في الخفاء وكأنه لصا، وفتح باب الشقة بالمفتاح الذي كان يحتفظ به، وما أن دخل الشقة وجدها تغط في نوم عميق، وقف ثوان معدودة ينظر إليها ولم يتفوه بكلمة واحدة وأمسك بالسكين وطعنها أول طعنة، ففتحت عينيها ولم تنطق بكلمة فالطعنة كانت شبه قاتلة، ولكن نظرة عينيها قالت الكثير والكثير وكأنها تسأله «ليه.. ذنبي ايه.. ده أنا عشت نصف عمري معاك.. تحملت القسوة وكنت صابرة ومحافظة عليك وعلى بيتنا»، لم يشعر بنفسه سوى وهو يسدد لها ٢٦ طعنة حتى فارقت روحها الحياة ثم ألقى بالسكين على الأرض وفر هاربا مختبئا عند أحد أقاربه بمركز فايد معتقدًا أنه سيفلت من العقاب.

تسللت أشعة الشمس الدافئة عبر النافذة وألقت بخيوطها الذهبية فوق جسد الطفل أحمد، الذي كان غارقًًا في أحلامه؛ لينهض وينظر في ساعته فيجد الوقت تأخر عن موعد استيقاظ والدته له، فهي من عاداتها أن تستيقظ مبكرا لتحضر لهما الإفطار، فنهض سريعًا وذهب لغرفتها فوجدها ملقاة على السرير غارقة في بركة من الدماء، ظل ذلك المسكين يصرخ بأعلى صوت حتى فزع الأهالي من نومهم وأسرعوا له، فاتصل بجدته قائلا: «الحقي يا تيتا.. بابا قتل ماما»، لتسرع الأم المكلومة كالتي فقدت عقلها، لا تتمنى سوى أن تكون في كابوس وأن ما سمعته غير صحيح، لكنها الحقيقة المرة سماح قتلها زوجها بدم بارد، لحظات قاسية عاشتها وشاهدتها الأم المكلومة، ومشهد لن يمحوه الزمن من ذاكرتها عندما وجدت ابنتها غارقة في دمائها؛ لتسقط الأم مغشيا عليها من هول الصدمة، وأبلغ الأهالي مركز الشرطة.

بلاغ

تلقى مركز شرطة التل الكبير بلاغا؛ يفيد مقتل سيدة داخل شقتها بعدة طعنات، على الفور انتقل المقدم محمد فؤاد رئيس المباحث لمكان الحادث، وتبين من المعاينة الأولية طعن الزوجة بعدة طعنات في أنحاء متفرقة من جسدها، وأن القاتل هو طليقها بعدما رفضت العودة له، تشكل فريق بحث وتمكنت الأجهزة الأمنية من إلقاء القبض على المتهم بعدما هرب عند أحد أقاربه، واعترف بجريمته وأمرت النيابة بحسبه ٤ أيام.. ومازالت التحقيقات مستمرة.

حزن

ودع الأهالي سماح لمثواها الأخير في مشهد جنائزي مهيب حضره الكبير والصغير، الكل حزين على تلك المسكينة التي عاشت أصعب أيام حياتها وتحملت الكثير من أجل طفليها، الكل أصبح لا يتمنى سوى القصاص العادل من المتهم حتى يعود حقها، فهي ماتت بدم بارد وبدون أي أسباب تذكر، وتيتم طفليها وسوف يعيشان في ظلمة اليتم يحملان عار أب مستهتر لم يفكر سوى في نفسه فقط ولم يجن شيئا وها هو الآن خلف القضبان ينتظر مصيره المظلم.

اقرأ أيضًا : اليوم.. محاكمة المتهم بقتل زوجته وابنه بسبب خلافات بينهما في المطرية


 

;