قلم على ورق

محمد قناوي يكتب: في محبة د.إيناس

محمد قناوي
محمد قناوي

المحبة الحقيقية هى أن يحبك الناس عندما تغادر منصبك كما يحبونك عندما تتسلمه، وقليلون هم أصحاب المناصب الكبيرة الذين يتركون أثراً فى قلوب الناس وحياتهم بعد تركها، فالمناصب ابتلاء وامتحان أكثرمنها تكريماً ووجاهةً، وكثيرون من الناس الذين تقلدوا مناصب اغراهم المنصب فنسوا أنفسهم وتجبروا وتكبروا فلما زال كرسيهم أصبحوا نسيا منسيا، أما أصحاب المعادن الأصيلة فقد كان كرسى المنصب الذى تقلدوه بمثابة امتحان وابتلاء تزداد فيه معادنهم أصالةً وقيمةً وتواضعاً أثناء وجودهم فيه ومن بعد تركهم له وليس صحيحاً ما يُقال إن الناس مع صاحب المنصب ما دام فيه، فإذا تركه تركوه؛ قد ينطبق هذا على فئة لكن الناس لا تنسى المخلصين، ولا يمكن أن تُمحَى أسماؤهم من ذاكرتهم مهما مرت السنوات، وسيظل الناس يذكرون فى مجالسهم بالخير وكل الخير، وأحسب وزيرة الثقافة السابقة الفنانة والمبدعة «د.ايناس عبد الدايم» واحدة من هذا النوع من أصحاب المناصب الذين لا تزيدهم علو المرتبة إلا تواضعاً للناس، ومحبة فى قلوب كل من عرفوها أو تعاملوا معها، فطوال الاسبوع الماضى تابعت عبر حائط صفحتها الشخصية على موقع التواصل الإجتماعى «فيس بوك» احتفال محبيها بعيد ميلادها والذى وافق أمس الجمعة الثامن والعشرين من يوليو، فقد امتلأت صفحتها الشخصية على «فيس بوك» برسائل التهانى والمحبة والمعايدات من مثقفين وفنانين ومسئولين فى الوزارة التى تقلدتها لمدة تقترب من الخمس سنوات وايضا مواطنين عاديين عرفوا الوزيرة السابقة أو سمعوا عنها، ليعيد المشهد من جديد عندما تركت منصبها، فالكل أجمع على وصفها بالوزيرة الإنسانة والفنانة قبل المنصب الرسمى، هذه المحبة زرعتها «د.إيناس» فى نفوس كل من عرفها منذ أن كانت رئيسا لدار الأوبرا واستمرت فى «ريها» بابتسامتها الساحرة ومواقفها النبيلة مع الجميع فلم تتأخر لحظة واحدة فى نجدة مبدع أو مثقف تعرض لأزمة صحية طارئة أو لظرف ما، تقف مع الصغير قبل الكبير فى أفراحهم وأحزانهم، ولم يشغلها منصبها، فرغم انشغالها بمسئوليات منصبها وقتها إلا إنها استطاعت أن تبنى جسورا من الحب والمودة مع كل المبدعين والمثقفين، بل والمواطن العادى الذى يرتاد الاوبرا او يحضر عرضا فى قصر ثقافة او يزور معرض الكتاب،  لذلك ليس غريبا أن يتحول يوم ميلادها إلى مظاهرة حب جديدة عبر خلالها محبوها عن صدق مشاعرهم تجاهها.
كل سنة وحضرتك طيبة يا دكتورة إيناس وعيد ميلاد سعيد وعمر مديد بالابداع ومحبة كل من عرفك.