اليوبيل الماسي لاتفاق الهدنة بين الكوريتين.. الصراع لم ينتهِ بعد

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

في مثل هذا اليوم قبل سبعين عامًا كانت طلقات المدافع في شبه الجزيرة الكورية يسبقها لغة الصمت، فالمدافع أقلعت عن إطلاق نيرانها وصوت الرياح هو الصخب الذي يملأ الهدوء في الصحاري وأماكن القتال، التي قبل ذلك اليوم لم يكن ليخفت صوت الرصاص على مدار 4 سنوات ولون الصحاري قد اكتسى بالأحمر بدلًا من اصفرار الرمال بفعل دماء مئات الآلاف قضوا في تلك الحرب الضارية.

ففي 27 يوليو عام 1953 تم توقيع اتفاق الهدنة بين الكوريتين، لُينهي حرب الأربع سنوات المشتعلة بين الكوريتين فعليًا وعلى أرض الواقع، لكن العداء بين الجانبين ظل قائمخًا وإلى يومنا هذا، فالاتفاق كان على هدنة لإيقاف الحرب، وليس اتفاق سلام بين الجانبين.

 لكن عدم التوصل لاتفاق سلامٍ مع تعثر المباحثات المتواصل بين الجانبين، أبقى البلدان في حالة حرب نظريًا، على مدار 67 عامًا لاحقة، باعتبار أن الحرب توقفت باتفاق هدنة وليس بمعاهدة سلام، ليظل البلدان في حالة تعبئة لتلك الحرب، رغم أنها وضعت أوزارها على أرض الواقع في عام 1953.

 حرب الكوريتين

وبالعودة للوراء، ولتفاصيل ما قبل الهدنة، فقد بدأت حرب الكوريتين  في 25 يونيو من عام 1950 برعايةٍ أمريكيةٍ، واستهلت أحداث تلك الحرب بتمكن الجيش الشعبي الكوري في الشمال من تحرير سيول عاصمة الجنوب من القوات الأمريكية المسيطرة عليها، وإلحاق الهزيمة بالولايات المتحدة.

لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فسرعان ما دخلت الولايات المتحدة من جديد الأراضي الكورية ضمن تحالفٍ دوليٍ رعته الأمم المتحدة، بعد تصويت مجلس الأمن الدولي لصالح ذلك في غياب المندوب السوفيتي الذي لم يحضر عملية اتخاذ القرار في مجلس الأمن، فغاب حينها حق النقض السوفيتي الذي كان كفيلًا حينها بإبطال مشروع الحرب الأمريكي.

وتمكنت القوات الأمريكية التي قاتلت تحت لواء الأمم المتحدة من استعادة السيطرة على كوريا الجنوبية، قبل أن تتدخل الصين لتدعم كوريا الشمالية، لتفضي الحرب في النهاية على اتفاق هدنةٍ جرى في يوليو عام 1953، لا يزال الوضع قائمًا عليه إلى وقتنا هذا، ليكون البلدان مع مرور سبعين عامًا على انطلاق الحرب يعيشون سبعين عامًا من الحرب وليس سبعين عامًا على الحرب.

وكانت الولايات المتحدة تسعى من خلال السيطرة على شبه الجزيرة الكورية أن تجعلها منصةً تواجه بها خطر جمهورية الصين الشيوعية، والتي تتبع نظام الحكم المماثل لجمهورية كوريا الشمالية.

ولكن السؤال الأبرز لماذا اندلعت تلك الحرب من الأساس، ولماذا صار هذا العداء بين الكوريتين، لتنقسم شبه الجزيرة إلى شطرين، تفصلهما دائرة عرض 38 شمالًا، عند قرية بان مون جوم، بعدما كان يُفترض أن يكونا بلدًا واحدًا.

بداية قصة الصراع

وهنا نسرد تفاصيل القصة التي تبدأ من احتلال الإمبراطورية اليابانية لشبه الجزيرة الكورية في أغسطس من عام 1910، ذلك الاحتلال الذي استمر حتى عام 1945، حيث هوى الاحتلال الياباني لجارته كوريا مع سقوط اليابان في هزيمةٍ مدويةٍ خلال الحرب العالمية الثانية.

ومع نهاية الحرب العالمية تقدم الجيش الأحمر السوفيتي إلى الأراضي الكورية لتحريرها من قبضة اليابان، المُنهزمة في الحرب، وفي الوقت ذاته، تقدمت القوات الأمريكية عبر المحيط الهادي من جنوب كوريا، لتلتقي وجهًا لوجه مع القوات السوفيتية عند دائرة عرض 38، وهو المكان الذي اتُخذ فيما بعد خطًا فاصلًا بين الكوريتين.

أمريكا سبب رئيسي في العداء

رغبات الشيوعيون الكوريون الذين كانوا يسكنون شمال شبه الجزيرة الكورية، في إجراء انتخاباتٍ موحدةٍ لجمهورية كوريا، يختار من خلالها شعب كوريا الموحد نظام الحكم الذي يرغب فيه، اصطدمت بأطماعٍ أمريكيةٍ في البقاء في الشطر الجنوبي من شبه الجزيرة الكورية حال دون ذلك.

أمريكا بدت حينها أنها احتلت كوريا الجنوبية، ورفضت أن يتم توحيد شبه الجزيرة الكورية، لتتقسم إلى دولتين قائمتين حتى الآن هما كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية.

وخلفت حرب الكوريتين سقوط نحو مليون و200 ألف قتيل من كل الأطراف، وذلك وفق أبحاث حديثة مجموع عدد الخسائر البشرية من القتلى لجميع أطراف الحرب.

واليوم يقف العالم على بعد 70 عامًا على اتفاق الهدنة، التي أوقفت تلك الحرب، فاليوبيل الماسي لتلك الهدنة يأتي والصراع بين الكوريتين لا يزال قائمًا، ولا مهادنة ولا سلام بعد بين الجانبين.