تحيا مصر

محمد الفقي يكتب: الفئات السبع وحقهم الدستوري

محمد الفقي
محمد الفقي

يعيبون النظام الانتخابي..والعيب فيهم ..يطالبون بتطبيق الدستور ..ويهدرونه فى ذات الوقت .. ينادون بضرورة تطبيق نظام للانتخاب بالقوائم النسبية من أجل علاج فشلهم فى التعاطى مع الناخبين بنظام القائمة المغلقة المطلقة .. يطالبون بنظام انتخابى يضمن تمثيلهم فى البرلمان ولا يعلمون أنهم بهذه الرؤية ذات البعد الضيق يهدرون حقوق الفئات السبع التى أوجب الدستور تمثيلها في البرلمان.

المرأة، الشباب ،الأقباط، ذوي الإعاقة، المصريون فى الخارج، العمال ،الفلاحون ٧ فئات ظللنا عقوداً ننادى بضرورة تمثيلهم فى البرلمان وعندما انتصر لهم دستور ٢٠١٤  ومنحهم الحق فى التمثيل بنظام كوتة خاصة لمدة فصل تشريعي واحد كان انتصاراً حقيقياً للمجتمع وبفضل نجاح التجربة والتى أثبتت أن تمثيلهم لم يكن شرفياً بل كان تمثيلاً فعلياً فأثروا الحياة البرلمانية بممارساتٍ حقيقية ومنحهم تعديل الدستور فى ٢٠١٩ الاستمرارية فى الحصول على هذا الحق بصورة مستمرة ولم يقتصر على الفصل التشريعى الأول لمجلس النواب.

أصوات تلوح فى الأفق تعلى مصلحتها الشخصية دون أدنى شك من ناحيتى فالآفة الحقيقية للوسط السياسي المصري أن بعض التيارات ترى المشهد من منظورها فقط ما دام لم أستطع التمثيل فهذا هو الفشل بعينه، وهذا الطريق معوج فى حاجة إلى تقويم حتى إن كان على حساب مصلحة الوطن أو إهدار حقوق الفئات السبع .. الأمر ببساطة تحسمه نظرية الارتباط بين القوانين المنظمة للعملية الانتخابية وارتباطها الوثيق بالدستور فإذا كان الدستور أعطى للمشرع حرية الاختيار بين الأنظمة الانتخابية لكنه ألزم فى ذات الوقت بضرورة تحقيق شرط التمثيل لهذه الفئات السبع ، فلا مناص من الوقوع فريسة فى شبهة عدم الدستورية أو زيادة المسألة تعقيداً بإتاحة فرصة أكبر للفئات المهمشة وإهدار حق باقى الفئات العادية .

أعتقد أن شرط تمثيل الفئات السبع لا يمكن تحقيقه فى ظل تطبيق نظام القوائم النسبية. فهناك صعوبة فى تطبيق النظام النسبى بالقوائم الانتخابية نظراً لأن توزيع المقاعد يحتاج ويتطلب عملياتٍ حسابية معقدة فيستلزم الأمر أن يتقدم فى ترتيب كل قائمة العناصر المختارة من هذه الفئات وهذا سيضاعف المقاعد المخُصصة للفئات السبع ويخل بصفة كبيرة بالقوام السياسى للمجلس وإذا لم يتحقق ذلك فستبقى القائمة مرفوضة من الهيئة الوطنية لأن ترتيبها فى حالة الفوز سيخل بالتمثيل الدستورى للبرلمان وحينها تكون هذه الفئات السبع ضحايا وتشكيل المجلس برمته يصيبه العوار .
وهناك من يتحدثون عن إهدار الأصوات فى القوائم المطلقة لأنه قد تحصل قائمة على ٥١٪ من الأصوات فتفوز بكاملها ولا تحصل القائمة الحاصلة على ٤٩٪ على أى مقعد و هذه نظرية قديمة بالية عفّى عليها الزمن وهذه ليست العدالة كما يزعمون وإذا كانت هى العدالة فأين هى من الانتخابات الفردية فعندما يحصل مرشح فردى على نسبة ٥١٪ من الأصوات ويتم إعلان فوزه ومنافسه يحصل على ٤٩٪ فأين العدالة إذاً و لماذا لا نعمل  إسقاطاً على هذه الحالة؟ .

الأمر فى تركيبته ليس معقداً ويتطلب إعلاء للمصلحة العامة على المصلحة الشخصية فالأحزاب يجب أن تتأقلم على النظام الانتخابى المناسب لطبيعة الناخب المصرى .. ما دامت شروط العدالة متوافرة وكل تيار يحصل على حقه فلماذا لا يوفق أموره على هذا النظام.. لماذا لا يستطيع المنافسة فى الساحة الانتخابية  والتحدى بالتواصل الحقيقى مع الجمهور فى الشارع  وعدم الاكتفاء بالحديث فى المنصات أو المساحات التى أتاحها الحوار الوطنى دون اكتراثٍ حقيقى بما تستوجبه المصلحة العامة. ..لكن يجب أن نرفع رايات النقد ونعيب النظام الانتخابى مع أن العيب فينا .. نريد إدارة اللعبة بما يحقق أهدافنا فلم نتعلم من دروس الماضى ومستمرون فى نفس النهج .

لكل الأنظمة الانتخابية مزايا وعيوب والتطبيق على أرض الواقع بما يتناسب مع مواد الدستور وطبيعة الناخب وفكر الشارع هو المعول الأساسى لاختيار النظام فلا يجوز الحديث المطلق عن أن هذا النظام أفضل من ذاك إلا بإسقاط حقيقى على المجتمع .. وهنا يجب أن يراجع أصحاب الرأى المطالب بتطبيق نظام الانتخاب بالقائمة النسبية أنفسهم وأن يضعوا فى حسبانهم ..المواطن المصري.