في الصميم

جلال عارف يكتب: العالم يحترق.. من المسئول؟!

جلال عارف
جلال عارف

لعشرات السنين لم يتوقف العلماء عن التحذير من مخاطر تلويث المناخ.. وعلى مدى السنين كانت الحكومات الغنية تتنصل من مسئولياتها وتشكك فى تحذيرات العلماء، وتتجاهل كل الدعوات لتخفيض الانبعاثات الضارة.

ورغم وجود اتفاقية دولية منذ ثلاثين عاما التزمت فيها الدول الصناعية الغنية ببرنامج لتخفيض التلوث وبمساعدات للدول الفقيرة.. فإن الأوضاع لم تتحسن كثيراً.

والآن.. يكتوى العالم كله بنيران صيف لم يشهد له مثيلاً فى ارتفاع درجات حرارته، ويدفع الجميع فواتير تخلى الأغنياء عن مسئولياتهم، وتشكيكهم فى تحذيرات العلماء. فى أوروبا تشتعل الغابات والحقول مع درجات حرارة تصل إلى الخمسين، ومن ناحية أخرى فيضانات مدمرة ومخاطر كبيرة من انهيار الانهار الجليدية لتغرق مدناً بأكملها.  وفى أفريقيا جفاف قضى على ثلث الإنتاج الزراعى فى بعض دولها وأمريكا تعانى الأمرين مع فيضانات ودرجات حرارة ملتهبة، وفى آسيا تعانى دول كثيرة على رأسها الصين التى تنافس أمريكا فى المسئولية عن تلوث المناخ!!

والأسوأ أن كل التقديرات تقول إن هذه هى البداية، ورغم ذلك مازالت الخلافات والتهرب من المسئولية يعرقلان المواجهة المطلوبة لإنقاذ العالم. أمريكا تقول إن خسائرها من ارتفاع الحرارة هذا العام ستتجاوز مائة مليار دولار.. وهو المبلغ الذى كان مطلوبا من كل الدول الغنية سنوياً لمواجهة تلوث المناخ ولم تلتزم به!! والصين مازالت تصر على أنها «دولة نامية» ولا تريد رفع مساهمتها فى تمويل مواجهة تلوث المناخ كما تطالب باقى الدول الصناعية!! والدول الفقيرة مطلوب منها مواجهة الآثار الكارثية لتلويث المناخ من جفاف وحرارة مرتفعة أو فيضانات، بينما الأغنياء يستمرون في تلويث المناخ ويرفضون الاعتراف بالمسئولية عن ذلك!!

هل يمكن أن يستمر الأمر كذلك والعالم يرى الآن بداية كارثة بيئية غير مسبوقة.. أم يتحرك العالم فى الطريق الصحيح لتفادى الكارثة؟!.. ربما تكون عودة المفاوضات بهذا الشأن بين الصين وأمريكا «وهما أكبر دولتين إنتاجا للانبعاثات الضارة» مؤشراً على الشعور بالخطر والتحرك لمواجهته.. لكن الأمر يستدعى تحركاً من دول الجنوب أولا للدفاع عن حقهم فى الحياة والتنمية، ولكى يتحمل الأغنياء مسئوليتهم عن تلويث المناخ منذ الثورة الصناعية وحتى الآن.