بدون تردد

ثورة يوليو ١٩٥٢ «٢»

محمد بركات
محمد بركات

فى ذكرى ثورة الثالث والعشرين من يوليو ١٩٥٢، هناك توافق فى الرؤى بين المؤرخين على أنها بدأت كحركة لضباط الجيش، تحولت إلى ثورة بعد التفاف الشعب حولها وايمانه بأهدافها.
وذكرنا أن الثورة استطاعت تحقيق الجزء الأكبر من أهدافها ومبادئها الستة الشهيرة التى نادت بها، حيث قضت على الاقطاع وأنهت الاحتلال وحققت الاستقلال، وقضت على سيطرة رأس المال على الحكم، وأقامت جيشا وطنيا قويا، وخطت خطوة واسعة نحو العدالة الاجتماعية،...، لكنها لم تستطع الخطو بجرأة وايجابية على طريق الديمقراطية.


وهكذا ظلت الديمقراطية هى الفريضة الغائبة بالنسبة لثورة يوليو ٥٢، وقد تسبب عدم تحقيقها فى سلبيات عديدة، ما كان يمكن أن تقع فى وجود الديمقراطية المتمثلة فى حرية الرأى وقبول الآخر ووجود منابر سياسية وطنية متعددة وحرة.


وفى هذا الخصوص لابد أن نذكر أن قضية غيبة الديمقراطية عن التحقق فى ظل ثورة يوليو ١٩٥٢، ظلت محلا للجدل الكبير بين المؤيدين للثورة والمختلفين معها، حيث يرى المؤيدون أن الضرورة اقتضت من الثورة ورجالها تأجيل البدء فى تطبيق الديمقراطية، نظرا لظروف المواجهة والحروب التى اضطرت الثورة لخوضها على جميع الجبهات الداخلية والخارجية، وأن هذا التأجيل كان ضرورة فرضتها الظروف.


بينما يرى غيرهم أن غياب الديمقراطية ظل هو النقيصة الكبيرة والسلبية الضخمة العالقة بثورة يوليو ٥٢، وأن هذا الغياب تسبب فى كوارث كبيرة كان يمكن تلافيها فى ظل الحياة الديمقراطية السليمة.


وسواء أخذنا بهذا الرأى، أو ذاك، فإن هناك حقيقة مؤكدة لابد من ذكرها فى هذا المجال، وهى أن ثورة يوليو جاءت تعبيرا عن ارادة الشعب واستمدت شرعيتها من التفافه حولها، وسعيها لتحقيق أمانيه وطموحاته فى الحرية والاستقلال الوطنى، وتطلعه للعدالة الاجتماعية وبناء جيش وطنى قوى، والشعور بالعزة والكرامة الوطنية والانسانية .