الخروج عن الصمت

أحياها التغاضى «١-٢»

محمد عبدالواحد
محمد عبدالواحد

فى منظومة الحياة التى نحياها اليوم نجد فيها أن كثيراً من أواصر التواصل بين الأسر تقطعت وأصبحت العلاقات بين الناس وبعضها ممزقة
للدرجة التى تجعل كلاً منا يحيا حياة يستأسد فيها على غيره فيحدث نفسه بمقولة ( أنا ومن بعدى الطوفان) وإذا نظرت حولك لتحليل هذه الظاهرة فتجد أن هناك من يؤيد ما ذهب إليه البعض من توحش واستئساد البعض على غيره بينما هناك من ينكر هذا ويعتبر ذلك نذير شؤم.


لأن العلاقات بين البشر إذا تمزقت وتقطعت أصبحنا كمن يعيش فى غابة وينتظر دوره حتى تأكله الأسود ولذلك تجدهم دائماً يتشدقون بالتراحم والمودة وربط أواصر الاتصال بين البشر حتى نصبح ونمسى ونحن متمسكون بقول رسولنا (مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) بينما تجد آخرين حالمين بعودة الماضى بكل ذكرياته الحلوة والمرة فهو فى قرارة نفسه يتمنى لو عاد به الزمان والعمر ليحيا بين جنبات الماضى فأصبح منهم الحكاء والراوى ولكل منهما أسلوبه فى الجذب والإثارة .


فتنتشر بين قصصهم أحوال الناس وما كانوا عليه من كرم فى الضيافة رغم ضيق اليد لتمتد إلى الشهامة والرجولة فتجد الجار يحمى جاره ويصون عرضه فى غيابه وما كان عليه الأجداد من أصول لتربية الآباء فالكل يصغى ويستمع بإنصات جيد وما ذرعوه فى أبنائهم من احترام أهل العلم وأهل القرآن لذلك كان السامر لا ينقطع من الشعر والآداب وسماع الذكر وتلاوة القرآن حتى وصلوا فى وصفهم أن كل الديار كانت دور لهم وأن أبوابها لا تغلق فى وجه أحد وأصبح الكل فى بلدى أعمامى وأخوالى وعماتى وخالاتى فالكل يعرف بعضه ولا تعلو عين عن حاجب ومن فسد منهم كان يوقر الجميع ويخشى أن يراه أحد على حاله فإن كان لصا يستنكر على نفسه أن يمد يده ليسرق أهل قريته وإن كان فاسقا يخشى أن يظهر فسوقه على نساء بلدته وأنا انتقل بين تلك الأحوال أجد نفسى كمن ارتبك لا يعرف رأسه من أخمص قدميه.
وللحديث بقية