«آية»قصة قصيرة للكاتبة حنان عزت عويس

حنان عزت عويس
حنان عزت عويس

تبتسم رغم الألم المختبئ وراء نظرة عينيها اليائسة تتمنى النهوض بنفسها، ساحرة العينين رقيقة الشفتين، وجهها الأبيض بلون اللبن الصافي لم تلوثه أيدي بشر من صنع الخالق تبارك الله، تراها ملكة متوجة وسط مكان مهمل بين أبوين يشد كل منهما جزءًا من روحها ..

تعيش مع أمها، بعد أن تخلى عنها الأب وبحث عن حياة أخرى، وجدت نفسها رغم صغر سنها تتحمل مسؤولية المنزل وأمها ..

لم تتعدَّ آية الخامسة عشر من عمرها، طفلة تبحث عن الحياة ، وتتزوج الأم وتتركها ثم تعود مطلقة مرة أخرى ...

رغم شقائها وعملها من أجل تعليمها تنجح في الشهادة الإعدادية بمجموع ثانوية عامة وسط فرحتها وسعادتها تفاجئها الأم !!!!!!

عليكِ الاختيار بين مصاريف البيت وتجهيز نفسك والتعليم !!! راودت نفسها بين حلمها في أخذ سلاح يحميها وعمل تعيش وتصرف على الأم وتتحمل أعباء البيت كلها .. اختارت التخلي عن حلمها وعاشت واقعها المر ...

 حينما تنظر إليها تراها ذابلة، وجهُها مهموم عليه شقاء شخص أكلت عمره السنين، تعمل و تشقى، و صاحبة العمل لا تعطيها قسطًا من الراحة، تهلك نفسها من أجل إيجاد أية راحة بعد سنوات الشقاء ..تزداد المسؤولية عليها، حينما أصبحت مسؤولة عن تجهيز نفسها في وقت قياسي ..

انتُزعت الرحمةُ من قلب الأم التي لا تساعدها و لا ترفع عنها العذاب ..كان هذا واجبك أيتها الأم ..آهٍ وأوَّاه من ظُلم الدنيا ..

 تسمع الأم عويل آية من خلف الباب المغلق عليها، تحيطها الهموم من جميع أرجاء حجرتها !!!!

تسقط الأم مغشيًّا عليها !! تهرول آيه !! تصاب الأم بجلطة في المخ، ترافقها آية تنظر إلى الأم وعينها تقول: هذا ما استطعت به أن تساعديني، زودتِ همي، ليتك كنتِ أحسستِ بي من زمان، من وقت ما فضلتِ نفسك عليَّ وعشتِ حياتك وتركتِني أعاني وأذوق الأمرَّين بين بيوت أقاربنا وأنتِ ترفضين جلوسي معك كما فعل أبي وكأني ..!!! ألم تشعري ولو للحظة ماذا أفعل بدون أبوين وأنا في تلك السن التي تحتاج إلى عطف الأم وقلبها، وتوجيه الأب وعقله ؟كيف أعيش ؟؟ !!! هذا إذا كانت هذه حياة أو عيشة أصلًا، تمنيت أعيش مثل بنت خالتي تحاط باهتمام وحب وأمان بين والديها ..

 ظللت أبحث عنك في وجوه كل البشر لم أجد وجهك يبتسم لي، ولم أجد حضنك يضمني، يحميني، يشفيني من ألم الأيام، كبرتُ جدًّا يا أمي وكأني عشت دهرًا كاملًا !! ....

هذا هو الحل تنامين أمامي ساجدة للحق، ولا أدري ماذا أفعل؟ كأنك تريدين أن تكملي عليَّ ؟!!! كنت أشعر أني سأجدك في يوم من الأيام، ولكنك الآن تأتين وتقطعين حتى هذا الأمل .. وحشتني عيونك، افتحي عينك !! أتذكر فيها طفولتي في الأيام الأولى من حياتي أيام ما كان هناك حضن يضمنا، الوداع يا أمي !! تجد آية نفسها وحيدة حزينة لم يبقَ لها سوى عملها ....

 تنظر آية إلى إحدى السيدات بتعجب! تراها ترتدي أجمل الثياب، وقد صففت شعرها وزينت وجهها بالمكياج، ودفعت أموالًا باهظة من أجل الظهور في أبهى صورة، وفي الوقت نفسه تنظر إلى المرآة فتجد آيةُ الجمالَ بطبيعة الخالق رغم الشقاء ...

من المسؤول عن وصول آيةِ الجمال إلى هذا الحد من الحرمان ...آهِ يا آية الجمال من ظُلم الإنسان ...