معان ثورية

منذ افترقنا.. لا أهتم

محمد الحداد
محمد الحداد

حين ظهر لك القمر أطل على صحراء روحك المترامية الأطراف وأسدل عليها ضوءه الفضى الشفيف .. سطع داخلك ذلك الصمت الساحر الذى يبسطه القمر علـى الأكوان فتسبح روحك فى أحلام غامضة، لا تتبين فيها إلا أطيافاً متراقصة مبهمـة السمات تمضى فى كوكبة من زحام المشاعر ملتفتاً الى صوت عزف ينبعث من أعماقك فى ألحانـه حنـين فى نغماته شجون، تشعر كأن هذا الصوت صدى لما فى نفوس العاشقين من أشواق وأشجان، فتجد نفسك مندفعاً تتبـع مبعثه، وتتقصى مصدره، وشيئاً فشيئاً تأخذ فى الاقتراب من ذاتك ما إن تلمح عيناك إحدى حوريات الحب حتـى تقـف أمامهـا مبهوتاً بعظمة هذا الجمال الفتان.. هيئته.. ملامحه.. قسماته.. انثناءاته فى ذلك الجسد الفاتن .. والقوام المشرئب المتطلع للنجوم مع هذا الوجه الذى يفـيض ألقاً وسحراً.. والثغر الذى يهم بابتسامة ساحرة ثم يتراجع، والعينان الحالمتان المغرقتان فـى الحلم الوضيء  ستقف مبهوتاً تتقدم كأنك مسحور  وحدك جدير بأن تغنى للحب حتى وإن كنت محروماً منه .. تتغذى على عظمتك من هذا الحرمان المرير  وحدك تقيم سرادقات العزاء وانت فى حالة بؤس تلبس ملابس الحداد فيما تراه وليس فيما ترتديه وحدك فى عنفوان كبريائك القادر على أن تقول الأشياء فى حرف واحد وليس فى العديد من الكلمات.

وحدك القادر على ألا تسطر حرفاً تكرهه وألا تكرره

وحدك القادر على الا يراك الآخر عارياً من الكرامة والعزة والحقيقة 

وحدك تستطيع أن تحمى غموضك كما تحمى شرفك وأسرارك 

وحدك القادر على جلب السعادة التى هى ليست بالمال، لأن ذلك المال يسمح لك أن تعيش تعاستك برفاهية.

وحدها دقات قلبك النابض الخافق تستطيع أن تعكس هذا الحزن الدفين واليأس المنهمر فى ثوب الحداد.

وحدها عيونك القادرة على أن تشرع فى بناء سرادقات العزاء لقلبك المحروم المشقوق المفطور الممزق، فمنذ افترقنا أصبحت لا أهتم وأصبح الأمر عندى سواء يكفينى انك أطفأت جمر حرائق العشق وخنت اللهفة وتساوى عندى وفاؤك وقتلى وأصبحت لا أهتم وأصبحت دونك أقبل بتجرع تعاستى دون مال ودون رفاهية.