« الكابوس» قصة قصيرة للكاتب عبد العزيز حمادي

الكاتب عبد العزيز حمادي
الكاتب عبد العزيز حمادي

كانت" صفاء" تقف أمام المرآة طويلا يوميا، لأنها تحب أن تشاهد جمالها، فهي ترى أنها أجمل نساء الشارع الذي تسكن فيه ، كما أنها تشعر بأن جمالها لا يقاومه أحد، كانت في هذه الفترة لا تهتم بصلاة ولا بذكر، كانت أرملة طائشة ، تحب أن تأخذ من الدنيا بقدر المستطاع ، كانت طموحاتها لا حدود لها ، فهي ترغب في الوصول إلى الثراء والقمة سريعا، كانت ترغب في أن تعيش ما فاتها من حياتها بسبب زواجها التقليدي ، فلقد زوجها والدها لأول طارق للباب، وكان نتاج هذا الزواج أن رزقها الله بثلاثة أولاد ذكور ، كان الأول يبلغ من العمر ثمانية وعشرين عاما ، وكان الثاني يبلغ من العمر ستة وعشرين عاما ، وكان الثالث يبلغ من العمر ستة عشر عاما ،وفي إحدى الليالي قامت صفاء بإطفاء أنوار شقتها الصغيرة ، المكونة من حجرتين ، مطبخ ، صاله وحمام ،

وكانت تردد أذكارا كثيرة، منها بعض أسماء الله الحسنى , ثم نامت ، وفي أثناء نومها حلمت بأن شخصا ما يحدثها ، ويخبرها بأنه يحبها، ويقول لها " سوف أحقق لك كل ما تتمنيه، سأحقق لك ما لا يستطيع أحد من الإنس تحقيقه، سأجعلك ملكة متوجة ،كل ما تريدينه سيكون تحت قدميك ،

استيقظت صفاء من نومها مفزوعة ، فهي لا تدري أتعيش في حلم أم حقيقة؟

ثم تكرر هذا الحلم مرات عديدة ، فاتخذت صفاء قرارا شجاعا ، قررت أن تتزوج هذا الجني، فأصبحت تستيقظ من نومها في لذة وسعادة لم تعهدها من قبل ، سعادة لم تجدها مع زوجها الإنسي ،

عاشت مع هذا الجني عيشه الأزواج ، عاشت معه بطريقة غريبة لم تفهم منه شيئا !

كانت تتعامل وگأنها عروس صغيرة، حيث كانت ترتدي الثياب الشفافة ، كانت تتزين للقاء حبيبها ، كانت تطفئ أنوار شقتها ، كانت تجلس بمفردها ، أصبحت صفاء أسيرة في عالم الجني، أدمنت وجوده في عالمها ،

أصبح الجني يتجسد لها في اليقظة ،

لاحظ الأبناء تغيرا كبيرا في سلوك أمهم !

 لقد انقطعت عنهم ، لا تتكلم معهم ، وعندما تجلس معهم ، تحدث للأبناء أمورا غريبة ، كتشنجات ، وارتفاع أصوات ،بل إنها كانت أحيانا ترى أبناءها في صور حيوانات !

كما أنها كرهت امها ، وإخوانها ، وزوجاتهم،

قام الابن الأكبر بعرضها على أحد الروحانيين ، فأكد له الروحاني أن والدته بها مس من الجن ، أو عارض،

بدأت رحلة العلاج على يد أحد الروحانيين ، وأخذت تتردد عليه عدة مرات ، ولكن باءت هذه المحاولات بالفشل، فلقد كان يأتي هذا الجني عقب كل جلسة بشكل جديد، يحاول فيه أن يؤديها ، وبدأ يظهر الوجه القبيح لهذا الجني،

كانت صفاء في كل جلسة رقية تطلب من الراقي أن يضمها إلى صدره ، وأن يحتضنها ويقبلها ، كما كان يفعل الجني، وبعد فشل هذ العلاج

رجعت صفاء إلى ما كانت عليه ،

عادت إلى الوقوف أمام المرآة ، وهي ترتدي ثيابا قصيرة ،

كانت تردد" أبي السبب، فلقد دمر حياتي وأنا صغيرة "بل إنها قامت بإرسال صورا لها عبر وسائل التواصل وهي عارية ،

نصحها الروحاني بقراءة القرآن الكريم ، والمحافظة على الصلاة ،

فأخبرته بأن الجني يهددها بأنه سيؤذي أمها وأبناءها وإخوتها ،

وهنا قررت أن تعالج على يد شخص معروف عنه الصلاح والتقوى ،

وعندما وضع الشيخ يدها على رأسها قالت للشيخ " ضع يدك على ظهري ورقبتي وصدري " ،

فقال الشيخ لمن معها " إن هذه المرأة تعاني من الحرمان العاطفي ، ولابد

لها من أن تتزوج ،

وبالفعل تزوجت برجل يعمل محاسبا  في إحدى شركات السكر ،

وفي أحد الأيام ذهبت صفاء إلى الشيخ ، وأكدت له أنها حلمت بهذا الجني وهو قادم من بعيد،وكان ضعيفا هزيلا ، بعد أن كان قويا فتيا ، يحاول أن يقتلها ، حلمت به يستغيث بي وهو يحترق ، حتى اختفى عن الأنظار ،

ثم استيقظت من نومها على صوت طرق الباب بشدة ،فإذا من بالباب يخبرني بأن ابنها استشهد في سيناء  .