إنتاجية فدان منه تعادل 70 فدانًا من بنجر السكر| «الإستيفيا».. حكاية «الورقة الحلوة»

صورة موضوعية
صورة موضوعية

■ كتب: ياسين صبري

السكر جزء مهم من النظام الغذائي للإنسان، ولا يستطيع الاستغناء عنه فى نمط الحياة اليومية، إلا أن الاستهلاك المفرط منه يعتبر من المسببات الرئيسية لظهور العديد من الأمراض المزمنة مثل أمراض السمنة والقلب والضغط المرتفع والسكرى الناتج عن خلل فى دورة هرمونات الجسد التى تؤثر فى أعضائه المختلفة، وتضاعفت أهميته مؤخراً بعد تحذير الوكالة الدولية لبحوث السرطان من أن أشهر بديل سكر وهو الأسبرتام يعد مادة مسرطنة محتملة.

في مثل هذه المخاطر والأمراض المزمنة نلجأ لاستخدام مُحليات أقل ضررا على صحة الإنسان تتميز بانخفاض السعرات الحرارية مثل نبات الإستيفيا (stevia) وفقا للدكتورة شيرين المراسى الباحثة بمعهد بحوث المحاصيل السكرية بمركز البحوث الزراعية بالجيزة.

◄ لا يرفع السكر بالدم ويستخدم فى التغذية العلاجية لمرضى السمنة

الإستيفيا أو «الورقة الحلوة» نبات عشبى معمر يشبه ورقة النعناع ومنشأه الأصلى فى دولة باراجواى بأمريكا اللاتينية، اسمه العلمى stevia rebaudiana bertoni ويتراوح ارتفاع النبات عن سطح الأرض بين ٦٠ و٩٠ سم، وتعتبر الأوراق الجزء الأهم وهى المستهدفة من زراعة هذا النبات حيث تُخلقُ بها مواد التحلية خلال عملية البناء الضوئى.

وتتميز ورقة الإستيفيا بمعدل تحلية عالٍ بالمقارنة بغيرها من المُحليات سواء المصنعة أو الطبيعية، ورغم ذلك فإن سعراتها الحرارية ضعيفة للغاية وتكاد تكون شبه منعدمة نتيجة تركيبها الكيميائى، بالتالى لا ترفع مستوى السكر في الدم .

◄ الظروف البيئية 
وأوضحت الدكتورة شيرين المراسي، أن معدل احتواء الإستيفيا على المادة المحلاة يعتمد بالأساس على طبيعة الصنف المنزرع، وظروف الزراعة والبيئة المحيطة بالنبات وكفاءة عملية الاستخلاص. 

وبالنسبة للظروف المناخية المناسبة لزراعة الإستيفيا، فإنه يحتاج لدرجة حرارة بين ٢٠ و٣٥ مئوية، وتصلح زراعته فى معظم أنواع الأراضى الرملية والطينية والخفيفة، واحتياجاته المائية قليلة تتراوح بين ٢٥٠٠ و٣٥٠٠ متر مكعب سنويًا، ويفضل الرى بالتنقيط .

ويعتبر منتصف شهرى فبراير وسبتمبر أفضل وقت لزراعة الإستيفيا، ويمكث النبات فى الأرض من ٣ إلى ٥ سنوات، ثم تؤخذ منه الأوراق كل ثلاثة أشهر وتجفف ثم تطحن وتستخدم فى التحلية، كذلك يمكن زراعة البذور فى نهاية نوفمبر بالصوب فى أوانٍ مع ضبط درجة الحرارة والرطوبة المناسبة لعملية الإنبات .

ميزات الإستيفيا من الناحية الغذائية متعددة إذ إن لهذا النبات أهمية خاصة ضمن التوعية بالثقافة الغذائية، فهو يستخدم بحالته الطبيعية كورقة خضراء فى التحلية بصورة مباشرة وهى الحالة الأفضل صحيا أو لأنواع مثل المربى والأيس كريم والمشروبات الغازية والعصائر والمخبوزات. وتم إدخال الإستيفيا ضمن برامج التغذية العلاجية وأثبت نتائج جيدة فى علاج العديد من الأمراض مثل القلب والسكرى والضغط المرتفع والسمنة.

◄ اقرأ أيضًا | دراسات متضاربة حول بديل السكر الشهير| «الأسبرتام».. متهم بـ«السرطنة»

◄ استخدامات متعددة
وعلاوة على ما سبق، يستخدم الإستيفيا أيضا فى صناعة مستحضرات التجميل ومعاجين الأسنان وكذلك مصانع الأدوية، لا سيما الأدوية الجلدية لما يحتوى عليه من مواد مضادة لأنواع معينة من البكتيريا والفطريات.

وبما أن مصر تقع ضمن أحد أكثر الدول التى تواجه مشكلات وتحديات بسبب الأمراض المتعلقة بشكل مباشر أو غير مباشر بالاستخدام المفرط للسكريات فى نظام الحياة اليومية، تم إدخال نبات الإستيفيا ضمن اهتمامات الدولة بالصحة العامة، وكذلك ضمن استراتيجية الأمن الغذائى المصرى. وتم توفير البذور والشتلات المعتمدة للإستيفيا من خلال معهد بحوث المحاصيل السكرية ومركز البحوث الزراعية بالجيزة التابع لوزارة الزراعة، وأُجرى العديد من التجارب البحثية لتحديد مدى ملاءمته للظروف المناخية المصرية وإمكانية التوسع فى زراعته مع التوعية بأهمية زراعته على مستوى الجمهورية لعائده الصحي والاقتصادى .

◄ أنواع متعددة 
وأضافت الدكتورة شيرين: كل أنواع الإستيفيا تجود زراعتها فى مصر ومن بينها النوع الصينى والإسبانى والكندى، ورغم أن النوع الإسبانى هو الأعلى فى معدل احتوائه على مواد التحلية، فإن طعمه به مرارة قد تجعل المستهلك يفضل النوع الكندي عنه. ويوجد فى مصر مساحات مزروعة بنبات الإستيفيا من بينها مزارع خاصة فى منطقة الضبعة.

فيما يوضح الدكتور أبوبكر طنطاوي، أستاذ المحاصيل بكلية الزراعة بجامعة المنيا، أن الإستيفيا يعد من الزراعات المستقبلية فى العالم أجمع كونه يعتبر بديلا آمنا للسكر، فهو يعطى مذاقا جيدا دون الإضرار بمن يستهلكه لاحتوائه على محليات طبيعية .

وهناك ميزة أخرى لهذا النبات هى أن زراعة فدان واحد منه تعادل زراعة ٧٠ فدانا من محصول بنجر السكر نظرا لاحتوائه على نسبة تحلية عالية تساوى ٤٠٠ ضعف محصول البنجر، ولابد من نقل وتوطين التكنولوجيا التى تتعلق بكيفية استخلاص مادة التحلية من ورقة الإستيفيا حتى نتمكن من تحقيق الاستفادة الكاملة منها .