شجون جامعية

حكاوى الجوائزِ

د. حسام محمود فهمى
د. حسام محمود فهمى

الجوائزُ هى التقديرُ للمُجتهدِ وفقًا لقواعدٍ تُحققُ العدالةَ، اِحترامًا للجهةِ المانحةِ، دولةٌ كانت أو جامعةٌ وللحاصلين عليها. عدالةُ الجائزةِ هى عنوانٌ للدولةِ كلِها. حديثُ الجوائزِ أغلَبُه شجونٍ، فهو يثيرُ أسىً يتناسبُ مع ما تحمِلُه الجوائزُ فى أحيانٍ من غيابٍ للشفافيةِ والموضوعيةِ.

بدايةً، مبروك للفائزين بجوائزٍ. اللافتُ أنَه كثيرًا ما يحصلُ عليها مسئولون سابقون وإداراتٌ جامعيةٌ ومُقَرَبون بصورةٍ أو بأخرى من دوائرِ المجلسِ الأعلى للجامعاتِ ووزارةِ التعليمِ العالى وأكاديميةِ البحثِ العلمى والمجلسِ الأعلى للثقافة.

يبدأُ طريقُ جوائزِ الدولةِ العُليا سواء النيل أو التقديرية بترشيحٍ من جهةٍ ما، وهو ما يتطلبُ علاقاتٍ مُتشعبةٍ لراغبِ التَرَشُحِ ومباركةً من الإدارةِ. من المُمكنِ ِأن يستمرَ ترشيحُ أشخاصٍ بعينِهم لسنواتٍ وسنواتٍ حتى تكون الجائزةُ أخيرًا من نصيبِهم!!

البعضُ يرون أنه للتَرَشحِ لابدَ من لفتِ الأنظارِ ليس فقط بإنتاجِهم العلمى إنما بالظهورِ فى المناسباتِ ومواقعِ التواصلِ باِستظرافٍ وبعدمِ إبداءِ آراءٍ واضحةٍ، وهو ما يتأبى عنه كثيرون. وهناك طريقٌ آخر، ألا يُرشَحُ البعضُ بسيفِ الحياءِ لسابقِ شغلِهم كراسى عليا؟ فإذا ما نالَ الساعى للجائزةِ ترشيحًا تبدأُ مشاويرٌ شاقةٌ لاستكمالِ الملفِ ما بين توقيعاتٍ واِستماراتٍ وشهاداتٍ، وهو طريقٌ مُجهِدٌ نفسيًا وليس مُعَبدًا لكلِ مُرَشحِ.

الترشيحاتُ للجوائزِ لابُدَ أن تنأى عن التربيطاتِ. جوائزٌ بمئاتِ الآلافِ من الجنيهات لكل شخصٍ لا يجوزُ أن تكونَ محصورةً داخلَ دائرةٍ محدودةٍ؛ جوائزٌ بالملايين من ميزانية الدولةِ لابد لها من رقيبٍ. هل مَنحُ الجوائزِ من أعمالِ السيادةِ؟ هل سنشهدُ يومًا تخضعُ فيه الجوائزُ للرقابةِ القضائيةِ؟ ‏أليست اِنعكاسًا لصورةِ الدولةِ؟ أليست مالًا عامًا؟

أما جوائزُ الجامعات فحدوتةٌ، قواعدُ منحِها مُتَغَيِّرةٌ؛ لسنواتٍ تكونُ لمن هم على رأسِ العملِ، ليسوا فى إعارةٍ أيًا كانت، وتكونُ للمتفرغين كتتويجٍ لمسيرتِهم، ثم فجأةً تختفى الشروطُ!!

أما بابُ التقدمِ لها فيكونُ مواربًا فى انتظارِ البعض، قد يكونون من شاغلى كراسى على مستوى الدولة أو إداراتِ الجامعاتِ!!

أهى جوائزُ ولاءٍ ورضا؟ ولاءٌ لمن يأخذُ قرارَ الترشيحِ والمنحِ ورضا منه عن الحاصلِ على الجائزةِ؟! فى الجامعاتِ تنغلقُ قنواتُ الحوارِ فى ما يخصُ أوجاعِ أعضاءِ هيئاتِ التدريسِ وتنفتِحُ لما يشكو الطلابُ!!

ألا ينعدمُ الرأيُ لدرجةِ أن بعضَ رؤساءِ مجالسِ الأقسامِ يؤدون وكأنهم تلاميذٌ فى أولى اِبتدائى عليهم فقط طاعةُ الإدارةِ؟! واقِعُ الحالِ، اِنكفاءُ أعضاءُ هيئةِ التدريسِ على أنفسِهم وتباعُدُهم عن الإدارةٍ.

عددُ الرسائلُ العلميةُ التى عليها اسمُ المُرَشَحِ أحدُ معاييرِ التَمَيُّزِ فى جوائزِ الدولةِ والجامعاتِ، وهو معيارٌ بلا مصداقيةٍ فى ظلِ شِلَلِيةِ الاِستحواذِ على الإشرافِ وغيابِ خُطَطِ البحثِ العلمى، مع تهافتِ الطلابِ على المشرفِ الذى يَمنحُ الدرجةَ سريعًا. أيضًا تُخَصَصُ درجاتٌ إضافيةٌ لتَمييزِ من شَغَلَ مناصبًا قياديةً؛ فى جوائزِ الجامعاتِ من الواردِ أن تتلاشى معاييرِ التمييزِ بين المُرشحين أمام حائزى الكراسى.

إذا كان من اللازمِ حجزُ جوائزٍ لمن شَغلوا كراسى فلماذا لا تُخصصُ لهم جوائزُهم؟! ثم هل فعلًا تخضعُ ملفاتُهم للتحكيم؟ ألا تَكفى مزايا المنصبِ؟ وهل حصولُهم على جائزةِ الجامعةِ يكونُ عن عملِهم خارجَها؟ إحساسٌ مريرٌ لَما تكونُ المنافعُ للبعضِ.

اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلَبُ للراحةِ وللجوائز،،

أستاذ هندسة الحاسبات بجامعة عين شمس