الممثلون والكتاب: نخوض حربًا وجودية وجاهزون لضربة قوية

هوليوود فى مفترق طرق| أكبر معركة عمالية منذ عقود.. والإضراب يصيبها بشلل تام

نجوم فيلم «أوبنهايمر» قبل انسحابهم من السجادة الحمراء عند بداية الإضراب
نجوم فيلم «أوبنهايمر» قبل انسحابهم من السجادة الحمراء عند بداية الإضراب

بعد فشل المفاوضات بين نقابة الممثلين الأمريكيين وتحالف المنتجين الذى يمثل الاستوديوهات ومنصات البث الكبيرة فى هوليوود، انضم الممثلون إلى الكتاب الذين سبقوهم فى إضراب منذ أحد عشر أسبوعا، وذلك بعدما أعلنت فران دريشر رئيسة نقابة الممثلين الخميس الماضى فشل الوفد المفاوض فى التوصل لاتفاق مرضٍ، وقالت فى مؤتمر صحفى اشتعل بحماس الحاضرين من أعضاء النقابة والصحفيين: «نحن ضحية كيان شديد الجشع، لقد صدمنا بالطريقة التى يتعاملون بها معنا، عار عليهم».

وهنا أصبحت هوليوود فى مفترق طرق ، العند والطمع وترجيح كفة مصالح الرأسمالية على حقوق العمال فى عقود عادلة تكفل لهم حياة كريمة، أدى إلى انهيار المفاوضات وفشل الوساطات فى تقريب وجهات النظر، والكل الآن يستعد لدفع فاتورة باهظة، تحالف المنتجين يتوقع خسائر بمليارات، لكنهم يؤكدون أنهم لن يرضخوا للإضراب مهما كان الثمن، خاصة وقد عرضوا زيادات فى الحد الأدنى للأجور يعتقدون أنها غير متوقعة أو مسبوقة، وفى المقابل يؤكد قيادات الإضراب المزدوج والمدعوم بقوة من كافة النقابات الأخرى، أنهم متمسكون بمطالبهم ومستمرون حتى النصر.

ما هى المطالب؟

لماذا يضرب الممثلون ومن قبلهم الكتاب؟ قد يتفهم كثيرون قضية الكتاب، وهم الأقل أجرًا فى الفئات المحظوظة بالعمل فى صناعة الترفيه، لكن يعتقد البعض أن الممثلين كلهم من أصحاب الثروات والقصور والسيارات الفارهة والعقود المليونية، فى حين أن تلك الصورة الخيالية عن نجوم هوليوود لا تنطبق إلا على بضعة مئات من مائة وستين ألف عضو بالنقابة التى تضم ممثلى الشاشة، سينما وتليفزيون وبرامج وغيرها، معظمهم يعانى الفقر ولا يجد ما يكفى أسرته!.

تطلب النقابتان زيادة سنوية بعقود العمل (يتم تجديد العقود كل ثلاث سنوات) تساوى نسبة التضخم، وزيادة نسبة التعويض عند إعادة بث الأفلام أو البرامج، أو وزيادة النسبة التى تتحملها الاستوديوهات فى معاشات التقاعد للأعضاء، والتأمين الصحى، غير قيود على استخدام الاستوديوهات للذكاء الاصطناعى كبديل للفنان نفسه.

عرض تحالف المنتجين زيادة الأجور فى العقود بنسبة ٥٪ للسنة الأولى، ثم ٤٪ للثانية، و٣,٥ للثالثة، فى حين تمسك الممثلون بزيادة قدرها ١١٪ للعام الأول لتوازى معدلات التضخم، ثم ٤٪ للعامين التاليين..

ويبدو الخلاف هنا هو الذى وصل بالمفاوضين لطريق مسدود، غير تمسك الممثلين بنسبة ٢٪ من إيرادات البث، وهو ما رفضه المنتجون أيضا، إضافة إلى زيادة بنسبة ٢٣٠٪ من البث الأجنبى ورفضه المنتجون بشدة (الزيادة التى أقروها لنقابة المخرجين الشهر الماضى ٧٦٪ فقط)، وتأتى نقطة الخلاف الجوهرية أيضا فى الاتفاق على تفاصيل بند حظر الذكاء الاصطناعى، لأن النقابة تريد بنودا قوية وصريحة تضمن موافقة الممثل الذى يتم استنساخ شخصيته على الشاشة فى أى أداء، وتعويضه عن ذلك كل مرة وليس عند التعاقد فقط، وهو ما وافق عليه ظاهريا تحالف المنتجين، ولكن لم يتفق الجانبان على البنود.

حيث يتمسك تحالف المنتجين بمنح الاستوديوهات تفويضا مطلقا من الممثلين لإنشاء ممثلين اصطناعيين والتدريب على طريقة أدائهم ليستخدمها فى أى أغراض دون تحديد..

أما الخلاف على نسبة المعاش التقاعدى، فكان واسعا أيضا، حيث تتمسك النقابة بزيادة الحد الأقصى للشريحتين من ١٥ ألفا و ٢٤ ألف دولار سنويا، إلى ٤٥ ألفا و٧٥ ألفا سنويا مقابل أكثر من ٤٠ عاما مرت على هذا الإتفاق الذى عقد بعد إضرابهم عام ١٩٦٠، الذى استمر عشرة أسابيع، شاركوا فيه الكتاب أيضا ويعد تاريخيا أقوى تحالف فى تاريخ هوليوود حتى هذه الأيام، ويأمل التحالف النقابى، كتاب وممثلون تحقيق انتصار قوى هذه المرة أيضاً.

نجوم هوليوود: إنها حرب وجود!

تخيل البعض أن نجوم هوليوود الكبار والذين يحصلون على أجور ضخمة سيتخلون عن زملائهم، وربما ينجح تحالف المنتجين فى الضغط عليهم لاستقطابهم فى صفهم لإنجاح المفاوضات، إلا أن.

ما حدث كان العكس، حرص النجوم الكبار على دعم زملائهم منذ اللحظة الأولى، وقبل قرار الإضراب، وتعمدوا أثناء المفاوضات نشر بيانات دعم قوية وقع عليها نجوم منها ميريل ستريب وجينيفر لورانس وتشارليز ثيرون، لتكن رسالة واضحة لتحالف المنتجين أنهم يد واحدة، وفى ظهر زملائهم، مطالبين قيادات التفاوض باقتناص اللحظة والفرصة والتى يجدونها مناسبة وتاريخية لتحقيق العدل الذى لاتريده الاستوديوهات، وفى اليوم الأول للإضراب نزل بعضهم إلى الشوارع فى المواقع التى حددتها النقابة فى لوس انجلوس ونيويورك.

آدم سكوت واوليڤيا وايلد وسوزان ساراندون وبول دانو وزو كازان وچيسون سوديكس، والتزم بعضهم المنازل يغردون على تويتر لدعم النقابة، وذهب البعض لمواقع التواصل الاجتماعى المختلفة يعرضون القضية بكلمات بسيطة توضح للمتابعين أسباب الإضراب، فى حين انتهز البعض الفرصة ليتحدث لمشاهدى التليفزيون والمواقع الإخبارية دعما للعمل النقابى، قال مات ديمون لوكالة أسوشيتدبرس قبل عرض فيلم «أوبنهايمر» بلندن الخميس.

أول أيام الإضراب: «نضرب من أجل حماية زملائنا المهمشين،٢٦٠٠٠ دولار سنويا هو الحد الذى يجب عليك الحصول عليه لتحصل على تأمين صحى، وهناك عدد كبير لا يحقق هذا الرقم، حقوق البث وإعادة العرض كفيلة بتحقيق هذا الرقم وتخطيه أيضا»، وخرج مع سيليان ميرفى وإميلى بلانت وكل نجوم الفيلم على الفور من على السجادة الحمراء حين بدأ الإضراب بتوقيت نيويورك امتثالا لقرارات النقابة التى تمنع المشاركة فى تصوير أى عمل أو الترويج له، وتمنع أيضا الظهور فى البرامج أو حضور حفلات الجوائز والمهرجانات السينمائية داخل وخارج أمريكا.

وقالت مارجو روبى لشبكة سكاى نيوز إنها تدعم الإضراب، وتؤيد القرارات النقابية بشدة، وكانت قد ظهرت فى العرض الأول لفيلمها «باربى» قبل الإضراب بأيام، ثم لم تظهر ثانية.

وفى الترويج لفيلمها قبل الإضراب بيوم قالت چيمى لى كورتيس «أرواح فنانينا القدامى تحثنا فى هذه اللحظة على النضال من أجل حقوقنا كمبدعين، أقف بقوة مع نقابتى».

بكل الأشكال يعبر النجوم عن دعمهم لنقابتهم، حتى من يخاف شمس لوس انجلوس الحارقة نزل إلى الشواطئ وهناك قام بإضرابه، مظاهر مثيرة وأخرى بديعة، تنقلك بين المتعة والإعجاب بموقف الفنانين جميعا كتابا وممثلين وعاملين، كلهم على قلب رجل واحد، وهدف واحد يراهنون على تحقيقه، وقد استعدت النقابتان لمعركة النفس الطويل وأعدت شيكات دعم لمن سيتأثر من التوقف عن العمل.

الرئيس الأمريكى يدعم الإضراب!

وفى اليوم التالى للإضراب، صرح الرئيس الأمريكى بايدن من خلال بيان رسمى بأنه «يؤمن بأن جميع العمال وبينهم الممثلون يستحقون رواتب ومزايا عادلة»، وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض إن الرئيس يدعم حق العمال فى الإضراب، ويأمل فى التوصل إلى اتفاق متبادل المنفعة بين الطرفين.