انفراد| رحلة نساء داعش وجهاد النكاح بحيثيات «خلية المنيا الإرهابية»

المستشار محمد السعيد الشربيني رئيس المحكمة
المستشار محمد السعيد الشربيني رئيس المحكمة

تنفرد «بوابة أخبار اليوم» بنشر حيثيات حكم محكمة جنايات القاهرة، الدائرة الأولى جنائي بدر، المنعقدة بمقر مأمورية استئناف بدر، بقضية خلية المنيا الإرهابية، ورحلة نساء داعش المتهمات وجهاد النكاح وكيفية تعرفهم وزواجهم بالمتهمين الذين ارتكبوا الجرائم الإرهابية.

صدرت حيثيات الحكم برئاسة المستشار محمد السعيد الشربينـي، رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين عصام علي أبو العلا ومحمود محمد زيدان، الرئيسين بمحكمة استئناف القاهرة، وبحضور حسين عامـر وكيل النيابة، وأمانة سر ممدوح عبد الرشيد.

اقرأ أيضا| انفراد| كتابات أجنبية بحوزة المتهمين بحيثيات إعدامهم بـ «خلية المنيا الإرهابية»

التسلل عبر الحدود الجنوبية    

قالت المحكمة في حيثيات حكمها، أنه لما كان الأمن المصري قد ضيق الخناق على المتهمين الأربعة الأُول ومن معهم من الخارجين على القانون، وقام بمطاردتهم في أمكان اختبائهم بالصحراء مما حدى بهم (المتهمين الأول والثاني والثالث والرابع) بالتسلل عبر الحدود الجنوبية للبلاد بطريق غير مشروع، حيث تسللوا إلى دولة السودان عبر الدروب الصحراوية دون المرور بالمنافذ الشرعية للبلاد، واستقروا هناك وكانوا من حين إلى أخر يخرجون لارتكاب جرائمهم في جمهورية مصر العربية ودولة ليبيا، التي يسمونها (بالجهاد في سبيل الله)، وزيادة في الإمعان على الاستقرار بدولة السودان، راحوا يطلبون الزواج من زوجات مصريات.

الزوجات المصريات    

وهنا تجلى دور نجلاء محمود عفيفي حسين (المتهمة السادسة)، والتي سعت بالبحث لاختيار الزوجات المصريات بالمواصفات التي تتفق وتوافق على الزواج من هؤلاء، وترضى عيشتهم المهددة المشتتة المطارَدة، فليس أفضل ممن ينتمون إلى نفس الفكر وذات العقيدة «ممن ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا»، فكانت البداية بتعرفها على المتهمة الخامسة ياسمين أحمد صبحي، والتي كانت تلتقيها مصادفة بسجن العقرب حيث كانت المتهمة الخامسة تزور والدها المحبوس على ذمة اتهام بالانضمام إلى جماعة أنصار بيت المقدس، بينما كانت المتهمة السادسة في زيارة زوجها المحبوس على ذمة قضية سياسية (ولها أيضاً ولدان محبوسان على ذمة إتهام انضمام لداعش)، وبدأت العلاقة بينهما تتطور في الحديث عن الأمور الحياتية بما في ذلك خلافاتها الزوجية التي انتهت لاحقاً بالطلاق، وكانت المتهمة نجلاء عفيفي تسدي لها النصح والإرشاد، وتطرق الحديث بينهما عن الوضع القائم في البلاد والتي وصفته نجلاء عفيفي بأنه لا يطبق الشريعة الإسلامية، ويسمح بعرض المسلسلات والعري، وأن الانتخابات والديمقراطية حرام شرعاً لأن الله سبحانه وتعالى هو مصدر السلطات وليس البشر.

الدولة الإسلامية في العراق    

وعقب طلاق المتهمة الخامسة من زوجها بدأت «نجلاء عفيفي» تحدثها عن أفكار جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام، وتحاول أن تقنعها بأفكارهم وتوصفهم لها بأنهم موحدين بالله وملتزمين بتعاليمه وأنهم على المنهج الصحيح ولابد للشباب جميعاً أن يحذوا حذوهم، كما كانت تنشر على حسابها على الفيس بوك المسمى "أم حسن سبانخ" بوستات تتضمن تلك الأفكار.

ورشحت لها المتهمة نجلاء زوجاً وصفته بأنه ملتزم دينياً وسيرعى لها أبنها ــــ من زواجها الأول ــــ وأنه يقيم في مدينة أسوان، وأخبرتها بأنها حتى في حالة رفض أهلها السفر فإنها لا تعير أي اهتمام لذلك لأن ولايتها أصبحت بيدها فلا حاجة لموافقة أهلها على الزواج كونها (سيب) سبق لها الزواج من قبل، وأخبرتها أيضاً بأنها سيرافقها في السفر فتاتين أخريين للزواج في أسوان أيضاً، وأن ذلك بمثابة الخروج في سبيل الله، ثم أضافتها في جروب على التليجرام يضم هذه المجموعة التي تنتوي السفر، فتعرفت من خلال ذلك الجروب على أسماء عبد الباسط (المتهمة الثامنة)، وهي من مدينة بني سويف ولها شقيق يدعى حذيفة محبوس على ذمة أحد القضايا، وكانت ستسافر إلى أسوان للزواج من صديق شقيقها حذيفة ويدعى محمود شعبان (المتهم الثالث) كوصية شقيقها قبل موته في قصف أمني في الصحراء، حيث أوصى أن تتزوج شقيقته أسماء من صديقه محمود شعبان، أما الثانية فكانت أية حسين أبو السعود (المتهمة السابعة)، وهي من مدينة بني سويف أيضاً ولم يسبق لهما الزواج. وبدأن يتبادلن على هذا الجروب أفكار التنظيم (الدولة الإسلامية في العراق والشام داعش)، حتى طرحت عليهن نجلاء (المتهمة السادسة) فكرة "الخروج" ومعناها أنهن يهاجرن في سبيل الله وينتقلن للعيش مع المجاهدين ويتزوجن منهم، بدعوى ابتغاء مرضات الله حينما يتوجهن إلى مكان يحمل قاطنيه نفس الفكر.

فسافرن على هذا الأساس، وبدون علم أهل المتهمتين السابعة والثامنة، حيث حضرا والمتهمة السادسة نجلاء إلى بيت المتهمة الخامسة بمدينة العبور وكان ذلك في حضور والدتها المتهمة التاسعة فاطمة حمدي محمد رفاعي، التي استقبلتهن وساعدتهن في استقلال الحافلة التي تقلهن إلى محطة القطار للسفر لأسوان بعد قضاء ليلة عندها.

وتوجهوا جميعاً إلى مدينة كوم أمبو بأسوان مستقلين القطار المؤدي لذلك، وعند وصولهم فوجئوا بأن الأزواج يقيمون في السودان، فسافروا إليهم بواسطة أحدى السيارات نصف النقل عبر الدروب الصحراوية في رحلة استغرقت ثلاث ليال (أربعة أيام) بمعرفة دليل يدعى "حميدتي"، وقبل بدء الرحلة قام السائق ويدعى "أحمد" بتغير لوحات السيارة المعدنية، وظلوا هكذا يبيتون في الصحراء تارة ويسيرون في دروبها تارة أخرى، حتى وصلوا قرية بربر السودانية، ومنها إلى مدينة الخرطوم، حيث منزل من يدعى "أحمد أبو هاجر" والذي تمت في بيته الرؤية الشرعية للتعارف والتزاوج من المتهمين الثلاثة الأول، وأخبرتهم المتهمة نجلاء بان من سيتزوجون هم أعضاء في الدولة الإسلامية ويعملون فيما يُسمى "الحسبة" وهي أن يأمرون الناس بالمعروف وينهوهم عن المنكر.

وقد أسفرت الرؤية الشرعية ــــ التي تمت في جزء منها بنظام الاقتراع بين الأزواج فيمن وعلى من تبدء الرؤية ــــ بخلاف أسماء عبد الباسط (المتهمة الثامنة) والتي عقدت وجهتها على الزواج من محمود شعبان (المتهم الثالث)، وهو مصري الجنسية من محافظة بني سويف وكنيته "طلحة"، أما آية حسن (المتهمة السابعة) فتزوجت من عزت محمد حسن (المتهم الأول) وهو من محافظة الشرقية، بينما وقع نصيب المتهمة الخامسة في الزواج من محمود جمال عبد المنعم وكنيته "أبو البراء" (المتهم الثاني)، وتم الزواج بدون أوراق أو عقود رسمية، اكتفاء بالقول الشفهي وحضور الشهود.

ومنذ اليوم الأول من زواج المتهمة الخامسة بالمتهم الثاني أخبرها أنه عضو في مجموعة تابعة لولاية سيناء التابعة لدولة الإسلام في العراق والشام، ومعه عضو أخر يدعى عبد الرحمن، وأن أمير هذه المجموعة والذي يعطي الأوامر فيها هو عزت المكنى "أبو محمد" (المتهم الأول)، أما نائب المجموعة فهو محمود شعبان المكنى طلحة (المتهم الثالث)، وأن المجموعة يتم تمويلها بالمال من ولاية سيناء، وأعضاء المجموعة يحملون الأسلحة الألية، وأهدافها أنها تنفذ عمليات لصالح الولاية في الصحراء الغربية في مصر، وأن الدخول للمجموعة يكون عن طريق مبايعة أمير المجموعة "أبو محمد" ، وأمير الدولة الإسلامية في العراق والشام، وأنهم قبل هروبهم للسودان قاموا بارتكاب عملتين الأولى:- هي قيام أبو طلحة (المتهم الثالث) بقتل حارس أحد المزارع في الصحراء الغربية كونه كان ينتمي للجيش المصري (مساعد متقاعداً)، الثانية:- قيامهم باستيقاف أتوبيس يقل جماعة من الطائفة المسيحية وسرقة أغراضهم.

وعلى الرغم من أن البيئة المحيطة بالمتهمة الخامسة قد هيأت لها تبني هذه الأفكار والعقيدة الضالة ــــ بحسبان أن والدها محبوس على ذمة قضية الانضمام لأنصار بيت المقدس)، إلا أنها اعتبرت نفسها منضمة لولاية سيناء بعد زواجها من المتهم الثاني "أبو البراء"، وذلك على خلاف المتهمة السابعة التي اعتنقت فكرهم وانضمت إليهم منذ عام 2015 كما أن شقيقها إبراهيم كان يعتنق نفس الفكر وتم القبض عليه في أوائل عام 2018 على ذمة قضية انضمام إلى داعش، وبدأت تدخل على مواقع الإنترنت ومشاهدة فيديوهات لتنظيم الدولة الإسلامية، كما دخلت على تطبيق التليجرام للتعرف على أناس تعتنق ذات الفكر، وكان ذلك سبباً في تعرفها على نجلاء محمود عفيفي وشهرتها أم مصطفى (المتهمة السادسة) ، أما المتهمة الثامنة فقد اعتنقت هذا الفكر في عام 2019 بناء على تأثير الحوار مع المتهمة السادسة، هذا بخلاف أن أسماء لها شقيق يدعى حذيفة كان يعتنق هو الأخر نفس الفكر، والذي أوصى قبل قتله في الصحراء بوجوب زواجها من صديقه محمود شعبان (المتهم الثالث) المنضم لتنظيم داعش والذي كان محبوساً معه في نفس السجن، وهو الأمر الذي لم تجر معه القرعة على الزواج من المتهمة الثامنة باعتبار أنها سافرت للزواج من المتهم الثالث خصيصاً.

وفي ديسمبر 2020 وحال تواصلها مع شقيقتها حبيبة أحمد محمد صبحي (المتهمة العاشرة) عبر أحد برامج الهاتف المحمول المرئية (الماسنجر)، شاهدها محمد أسامة نجل صاحب العقار الذي يُقيمون به (سوداني الجنسية وصديق المتهم الثاني زوج شقيقتها ياسمين) وطلب الزواج منها مما حدى بالمتهمة التاسعة أن تصطحبها هي وأشقائها ويتوجهوا للإقامة بدولة السودان، حيث سافروا بطريق غير مشروع بمساعدة أخرين من مدينة أسوان والذين جهزوا لهم سيارة أقلتهم عبر الدروب الصحراوية حتى وصلوا فجراٍ إلى منطقة صحراوية على شاطئ نهر النيل، عندئذاً حضر مركب صغير بماتور ظل يسير في النهر قرابة التسع ساعات، ثم استبدلوه بمركب أخر بعرض النهر حتى وصلوا إلى مدينة حلفا بالسودان ومنها إلى الخرطوم، والتقوا ياسمين وزوجها محمد جمال، وأقاموا في ذات العقار المملوك لوالد محمد أسامة في مدينة الجبرة، حتى تم القبض عليهم وترحيلهم إلى جمهورية مصر العربية.