يعد اللبن المتخمر هو أحد منتجات الألبان التي عرفها الإنسان من قديم الزمن نظرا لكون اللبن مادة سريعة التجبن (التحول من الصورة السائلة الي الصورة الجيلية)، وهو
عبارة عن لبن حدثت به تغيرات كيماوية في صفاته راجعه للكائنات الحية الدقيقة الموجودة في اللبن وهذه الكائنات قد تكون موجوة أصلا أو تم إضافتها، وتعرف التغيرات الناتجه عن عمل هذه الكائنات الحية الدقيقة باسم التخمر، وقد يستخدم اللبن الفرز أو اللبن الكامل في صناعة الألبان المتخمرة ومنتجاتها.
أوضح د.محمد زكي عيد، باحث بقسم تكنولوجيا الألبان بمعهد بحوث الإنتاج الحيواني، أن للألبان المتخمرة صور وأشكال مختلفة تختلف باختلاف المنطقة فهو في الشرق الأوسط والبلدان العربية عامة يعرف باسم اللبن الزبادي (سواء كان سادة أو مدعم ببعض الطعوم والفواكه) واللبن الرائب وفي مصر يعرف باسم الزبادي ولبن الزير والكشك واللبن الخض المتخمر والقريش.
واتضحت الأهمية الغذائية للألبان المتخمرة في بداية القرن الماضي عندما أشار لها العالم متشينيكوف metchnikof بعد أن ربط بين طول عمر سكان منطقة البلقان واستهلاك الألبان المتخمرة لديهم أي أنه وجد علاقة بين طول عمر سكان هذه المنطقة ومعدلات استهلاك الألبان المتخمرة وقد أرجع متشينيكوف ذلك للميكروبات أو الكائنات الحية الدقيقة الذي يحتوي عليها اللبن التخمر، حيت أن ناتج نشاط هذه الكائنات (التخمر) يعمل على تحديد نشاط الميكروبات التعفنية في الأمعاء الدقيقة مما يقلل وبشكل واضح من التغيرات الغير مرغوبة في الجسم، ومن هذا المنطلق أصبحت الألبان المتخمرة ومنتجاتها تندرج تحت الأغذية المشجعة للحياة والمعروفة باسم probiotic food .
اقرأ أيضًا| وزير الزراعة يجتمع مع الباحثين في مجالي الإنتاج الحيواني والبساتين
وتتلخص الأهمية الغذائية للألبان المتخمرة فيما يلي:-
1- الهضم
كما هو معروف أن أساس الهضم هو تحويل المركبات العضوية الكبيرة إلى مكوناتها الأساسية باستخدام النظام الأنزيمي الحيوي داخل الجسم وبمعنى أخر تحويل السكريات العديدة والمحدودة إلى وحداتها الأساسية من السكريات الأحادية، والبروتينات إلى الببتيدات والأحماض الأمينية والدهون إلى الأحماض الدهنية فنجد أن بكتريا حمض اللاكتيك والعاملة على تحويل سكر اللاكتوز إلى حمض لاكتيك تعمل أيضا على التحللات الجزئية الكبيرة في اللبن من بروتين ودهن بجانب سكر اللاكتوز مما يزيد ما يعرف باسم القيمة الحيوية biological value مقارنة باللبن العادي.
2- حساسية اللاكتوز:
بعض الأشخاص والذين لم يتعودوا على شرب أو استهلاك اللبن الخام منذ الصغر أو الطفولة لم تتعود أمعائهم على إفراز إنزيم اللاكتيز lactaes أو الأنزيم المحلل لسكر اللاكتوز أو يعرف علميا باسم B-galactosides وعند هضم اللاكتوز لغياب هذا الانزيم أو تحويله لمكوناته الأساسية (الجلوكوز والجالكتوز) فيؤدي إلى حدوث إسهال ومشاكل معوية، فعند وصول اللاكتوز الغير مهضوم إلى الأمعاء الغليظة تنشط عليه البكتريا التعفنية مما تعمل على حدوث إلاسهال والاضطرابات المعوية .
وعليه فإن الألبان المتخمرة والذي عملت فيه البكتريا على تحويل معظم اللاكتوز إلى حمض لاكتيك هي البديل الصحي للألبان العادية بالنسبة لتلك المجموعة من الأشخاص ذوي الحساسية من سكر اللاكتوز.
3- التشابه بالقيمة الغذائية أو التركيب الكيماوي مع اللبن العادي:
حيث أن اللبن المتخمر كالزبادي أو اللبن الرائب يشابه التركيب الكيماوي للبن العادي باختلاف أثر أو فعل البكتريا وتحويل الشكل من لبن سائل إلى لبن متجبن فقط مع حدوث بعض التركيز البسيط في المكونات داخل اللبن الزبادي نتيجة المعاملة الحرارية خلال المراحل التصنيعية مما يؤدي لحدوث تبخير بسيط في المحتوى المائى للبن السائل وبالتالي زيادة نسبة المواد أو الجوامد الصلبة الكلية.
4-الإفراز الأنزيمي للميكروبات:
تحتوي الألبان المتخمرة والمحتوية أساسا على على البكتريا والتي لها القدرة الطبيعية على الإفراز لمجموعة من الأنزيمات الميكروبية والتي تعمل على هضم الغذاء داخل الجسم نفسه ولهذ السبب نجد أن الأغذية الصعبة الهضم مثل اللحوم وغيرها يوضع معها الزبادي على هيئة ما يعرف بسلطة الزبادي، حيث أن الأنزيمات المفرزة بواسطة البكتريا فيها تساعد على هضم تللك اللحوم وينصح لذلك دائما باستهلاك اللبن الزبادي واللبن الرائب مع تناول الأغذية صعبة الهضم.
5- تقليل نسبة الكوليسترول بالدم:
ثبت حديثا أن استهلاك الألبان المتخمرة مثل الزبادي والرائب كمغذيات أو في الغذاء تعمل على تقليل نسبة الكولسيترول بالدم، وللكوليسترول الأثر المعروف أو المسبب لنشأة أمراض تصلب الشرايين وأمراض القلب ويعلل هذا الأمر بأن الألبان المتخمرة تحتوي على مواد مضادة أو مقللة لتكوين الكوليسترول نفسه عن طريق أن تلك المواد تثبط أو توقف الأنزيمات المشتركة في بناء الكوليسترول في الجسم، كما تعمل الألبان المتخمرة ومحتواها البكتيري على خفض النسب العالية من الكوليسترول في الدم ويرجع هذا إلى استهلاك الكوليسترول نفسه في البيئة والحد من امتصاصه في الأمعاء والذي يعزى لقدرة هذه البكتريا على فك أحماض الصفراء، حيث أن لهذه الاحماض قدرة على امتصاص الدهون وكذلك الكوليسترول.
6- إنتاج المضادات البكتيرية :
البيكتريا المتواجدة في الألبان المتخمرة لها القدرة على تثبيط ومنع البكتريا المرضية عن طريق إفراز مواد مضادة طبيعية ومن امثلتها البكتريوسين becteriocin والنايسين nicin وغيرها حيث من المحتمل مستقبلا أن يتم تطور هذه المضادات الطبيعية على نطاق واسع في مقاومة البكتريا المرضية للإنسان وبالتالي زيادة القدرة المناعية الطبيعية للإنسان.
7- القدرة على الالتصاق :
لبكتريا الألبان المتخمرة القدرة على النمو والتزايد أثناء مرورها خلال القناة الهضمية وهذا يرجع إلى مقدرتها على الالتصاق بجدر الأمعاء ومقاومة الظروف البيئية الغير مناسبة.
8- تثبيط الخلايا السرطانية :
ثبت حديثا أن استهلاك الألبان المتخمرة وخاصة لبن الاسيدفلاس وهو نوع من أنواع الألبان المتخمرة تستخدم فيها بكتريا تسمى L.ACIDOPHILUS في تخمره من إبطاء لتطور بعض الاجزاء السرطانية في بعض حيوانات التجارب مما سيفتح الباب حديثا لتوضيح الدور في تثبيط بعض النموات السرطانية للخلايا
مما سبق يمكن اعتبار الألبان المتخمره ضمن الأغذية الواقية PROTICTIVE FOOD .
