أقول للبنت إذ دلَّت حدائقَها
أنا وأنتِ غمامٌ فاتَ رتبتَه
أنا غنيٌّ عن الدنيا وزينتِها
إلا عن المسك في عينيكِ نشوانا
وعن شقائقِ نعمانٍ برابيةٍ
أشهى من الغيبِ والعرفانِ عرفانا
وعن مَجرَّة وَردٍ في ترائبِها
أدُور كالسِّرِّ في المجذوبِ ولهانا
أدور مختطَفَ الأشواق مرتديًا
فصوِّفي جسدي الموجُوعَ أغنيةً
تعبتُ من حمليَ الأسماءَ باهتةً
وأنتِ وحدكِ من أُشفى برقصتها
ومَن تطلُّ على البلوى فتكشُطها
قهرًا، ومن تهبُ الفردوسَ مجَّانا
ومَن إذا نظرتْ للمحل ضجّ غنى
فلا تظني بأني عشتُ قبلكِ! لا
لا! أيُّ عيشٍ لماءٍ عاشَ عطشانا؟!
وقيل في سالف الألواح سيدتي
عن حسنكِ الحُرِّ شيئاً أسكرَ الحانا
فلا تفري من الدرويش، واستبقي
باب الهوى، وانثري التفاح قربانا
سنشعل الليل رقصاً إذ يليق بنا
تصوَّري مُذ متى في النار أغنيتِي
عشرُون دهراً أوضِّي الوردَ مبتهلاً
أن أغسلَ الشَّجرَ الشفَّافَ أغصَانا
عشرُون يختبرُ البستانُ صبرَ يَدِي
حتى تناهيتُ في البُستانِ إذعَانا
وفي مُنَازَلَتي إيَّاه كَم ضحكَتْ
غنَّيتُه أبداً، والأغنياتُ شِفَا
أتذكُرين مَسِيلَ الوَرد في لغَتي؟
غازلتُه بيَدي! كان المَسَا عِنباً
يا شهقة الطِّيبِ، يا أسرار سجدته
يا وحي محرابه، يا كان ما كانا
صبي لي الآن زهر اللوز أحمله
معي؛ لأصعد فوق الضوء سلطانا
بالانتظار أنا، والأغنيات معي
بالانتظار، ويهذي الوقتُ حيرانا
أقول للتين في ثغر الجميلة: يا
روحي! ويا روح روحي! مجدُنا الآنا
تينٌ ووَرْدٌ ومَسرى الشَّوقِ بينَهما
هذا يجرُّ فَمِي بالإنحيَاز لهُ
أعطَيتُ للنِّعمَةِ العذراءِ كلَّ دَمِي
مَا أعذَبَ التِّينَ فَرَّاساً ومُفتَرَساً
ملَأتُ ثَغري به إذ صَاح: وَا طَرَبَا
والتين يَطرَبُ قبلَ الوَردِ أحيَانا !!