القاتل بعد الجريمة اتصل بعمه وأخبره: "أنا ريحتكم منه وأنا كمان ارتحت"

مصير «نادر» ينتظر تقرير الطبيب النفسي| قتل والده بـ 3 طعنات.. وذهب إلى المقهى شاهرًا سكينه

صورة موضوعية
صورة موضوعية

■ كتبت: آمال فؤاد

..دائمًا تكون الأسرة وحدها هي التي تدفع ثمن مريض نفسي يعيش بينهم، دون أن يدركوا أن هذا المريض يشكل خطرًا لا على نفسه فقط ولكن على أفراد أسرته أيضًا؛ فالمريض النفسي في هذه الجريمة التي بين أيدينا وحققناها على أرض الواقع، مرضه لم يجعله بائسًا منطويًا على نفسه فقط ولكن تطور الأمر صعوبة إلى الحد الذي دفع فيه الأب ويعمل محاميًا الثمن حياته.

مقدمة أخرى لابد منها؛ هي جريمة قتل  تقشعر لها الابدان، تجرد فيها الابن من كل مشاعر الإنسانية والرحمة، واقدم على قتل والده الذي رفض الزواج من امرأة أخرى، بعد انفصاله عن والدته طوال حياته، حرصًا منه على مشاعر ونفسية ابنه، تحمل الشدائد والصعاب معه، بذل كل ما في وسعه وأفنى عمره على رعايته لتوفير كافة احتياجاته وتلبية رغباته، وحتى يعيش حياة مليئة بالسعادة، ويلتحق بالجامعة، وفي نهاية المطاف بدلا من أن يكون جزاء هذا الاب الشكر والعرفان ومراعته في الكبر لاقى الهوان والتعذيب والتعدي بالضرب على يد ابنه، ولم تتوقف الأمور عند التعدي فقط بل تصاعد وتطور الأمر لينهال الابن على والده بـ 6 طعنات في أماكن متفرقة بجسده وسالت دماؤه بين يديه حتا لفظ أنفاسه الأخيرة على سلالم العقار، لماذا أقدم الابن على هذه الجريمة؟وكيف نفذ سيناريو جريمته؟وهل انفصال والدته عن والده كان سببًا؟ وهل يعاني الابن من أي امراض نفسية؟،تفاصيل اكثر اثارة  تسردها  السطور التالية.

 

◄ شهود العيان: الابن أصيب بأزمة نفسية بعد انفصال والديه وموت أمه

البداية عندما تلقى قسم شرطة السيدة زينب بلاغًا من أهالي شارع طنطاوي جوهر بمنطقة السيدة زينب يفيد سقوط أب قتيلا على يد نجله، على الفور انتقل فريق البحث الجنائي إلى مكان الحادث، بالفحص ومعاينة فريق البحث تبين؛ أن الجثة لرجل في العقد السادس من عمره يرتدي كامل ملابسه يدعى شريف. ح مصاب بعدة طعنات متفرقة بالبطن والصدر، ثم جره الجاني من امام شقته بالدور الثامن الى الطابق السادس مما تسسب في حدوث كسور وكدمات  جراء سقوطه وسحله على درجات السلم.

كما كشفت تحريات فريق البحث؛ أن وراء ارتكاب الواقعة نجل المجني عليه حيث انهال عليه بالطعنات أمام شقته، بسبب مشادة كلامية دارت بينهما وطعنه بكل هذه الطعنات وسحله على درجات السلم، واتصل بعمه واخبره انه قتل والده، ونزل الى اسفل العقار في ثبات كامل مشهرًا سلاحه«سكين»وجلس على مقهى خلف  العقار.

ألقى رجال المباحث القبض على الشاب بتهمة قتل والده وتحرر محضر بالواقعة وأحيل إلى النيابة التي وجهت له تهمة القتل العمد، وكشفت التحقيقات معه؛ أنه كان دائم التعدي على والده، ويقوم بحبسه داخل الشقة وتعذيبه كي لا يخرج  للشارع، معتقدًا انه سيموت مثلما حدث لوالدته، ومعظم الأحيان كان يتعدى عليه للحصول منه على أموال، وكان الابن يطلب منه أن يبيع الشقة المقيمين بها ويشتري والده شقة أخرى جديدة في منطقة راقية، لكن المجني عليه لم يكن يملك أموالا لشراء شقة أخرى فكان يرفض طلبه مما استفزه وقتله، واتصل بعمه واخبره انه قتل والده جزاءً له لأنه لم يلب له طلباته، امرت النيابة بعرض المتهم علي الطب  الشرعي وإجراء تحليل مخدرات والتصريح بدفن الجثة عقب صدور تقرير الصفة التشريحية وحبس المتهم 4 أيام على ذمة التحقيقات.

■ الجار خلال حديثه مع محررة أخبار الحوادث

◄ شهود عيان
المحطة التالية لنا كنا في مسرح الجريمة، تحدثنا مع جيران المجني عليه ويدعى «شريف.ح   60 سنة،محامي، حيث أدلوا لنا في البداية؛ أنه بعد انفصاله عن أم المتهم واسمه  نادر 22 سنة، طالب بكلية الحقوق، نتيجة خلافات اسرية، اصيب الابن بحالة نفسية سيئة، وتدهورت حالته اكثر عندما علم بزواج والدته من شخص أخر، فكرس الأب حياته له لإخراجه من الحالة النفسية التي وصل اليها،وعرضه على اخصائي نفسي لكن الابن رفض أخذ العلاج، وانطوى على نفسه وابتعد عن الناس، وكانت صدمته عندما اخبره والده بوفاة والدته نتيجة حادث سيارة وعقب ذلك ازدادت حالته سوءً، واتهم والده انه السبب في وفاتها وتدمير حياته بعدم وجودها معهم، فبدأ الابن يتشاجر ويعتدي بالضرب على والده، وتطورت حالته المرضية لسنوات جعلته يكره والده وفي نفس الوقت يخاف أن يتركه فيخرج فيموت في حادث سيارة مثلما حدث مع والدته.

قال علاء محمد، أحد الجيران وشاهد عيان:إن الحادث حقا مؤسف وقع في حوالي الساعة  الرابعة مساء بعدها ظلوا يبحثون عن نادر الذي خرج من العقار بشكل طبيعي والجميع كان ينظر اليه ولا أحد يستطيع الاقتراب منه خوفًا من انفعاله، لكننا خرجنا عقب خروجه من العقار  نستغيث بالناس في الشارع، فما حدث بينه ووالده المجني عليه شريف مشاجرة كبيرة وصلت لأسماعنا وتطورت الأمور بينهما، بعدها أشهر الابن السلاح الأبيض في وجه والده الذي خاف على نفسه، وتوجه مسرعًا نحو باب الشقة وفتحه محاولا الفرار ولكن الابن انهال عليه بالطعنات وسقط الاب على الأرض جثة هامدة امام باب شقته، ثم رأينا المجني عليه يواصل السقوط على السلالم حتى الدور السادس التي تلطخت بالدماء.

وأضاف الشاهد؛ ان الجاني كان دائم الشجار مع والده وانهما يقطنان بالعقار منذ 5 سنوات وقبل وقوع الجريمة بثلاثة أيام نشبت مشاجرة بين الابن ووالده أمام العقار وتدخل الجيران لفض الشجار بينهما وذهب كل منهما في طريق وانتهى الامر.

البعض يقول انه مريض نفسيا، وأن والده المجني عليه حاول كثيرًا معه ذهب به الى مستشفى الامراض النفسية لكن الابن امتنع عن تعاطي الادوية.

وقالت «منة.أ» واحدة من الجيران: المجني عليه كان يصرخ نتيجة تعذيب المتهم له فقد كان يضربه ويتعدى عليه بشكل مستمر، لدرجة أنه يغلق باب الشقة على والده لكي لا يخرج خوفا من أن يتركه، ولا يعود اليه مرة ثانية لدرجة انه في بعض الأحيان كان المتهم يغلق باب الشقة على والده من الخارج مفضلا أن ينام هو علي السلم وكان بعض الجيران يشكون من تصرفاته، لكن لا أحد يتوقع أنه يقتل والده.

سألتها: هل كنتم تتحدثون مع الابن؟، أجابت الشاهدة قائلة: دائمًا منطوي على نفسه ولا يتحدث مع أحد وإذا صادفناه نجده يقف على باب العقار لا يتحدث مع أحد.

◄ ساعة الجريمة
واضافت الشاهدة منة: الجريمة وقعت في تمام الساعة الرابعة والنصف عصرا حين فزع الجيران من أصوات صراخ  مرتفعة مصدرها شقة المجني عليه وعقب الصراخ فوجئوا بصوت ارتطام بالأرض وعند استطلاع الامر شاهد بعض الجيران الابن وهو ينهال على والده بالطعنات، في الطعنة الاولى حاول الاب الإفلات من ابنه مهرولا نحو السلالم لكن الابن اسرع وراءه وانهال عليه بالطعنات حتي سقط من اعلى سلم الدور الثامن الى الدور السادس، وبمنتهى الثبات تركه غارقا في دمائه واتصل بعمه واخبره انه قتل والده وقال له؛»انا ريحتكم منه وانا ارتحت كمان»ثم اخذ السكين وفتح باب المصعد ونزل في هدوء وجلس على مقهى خلف العقار وظل يتحدث بطريقة غير مفهومة مع الناس.

◄ تحليل شخصية القاتل
كان لابد من تفسير علمي حول هذه الجريمة وشخصية القاتل، توجهنا بالسؤال هذا إلى د.علي عبد الراضي أستاذ الطب النفسي، فقال لنا: إن مثل هذه الحالات تعاني من ظلالات وهلاوس نفسية نتيجة صدمات شخصية قوية، ودائمًا الامراض الذهانية المصحوبة بظلالات نفسية تزداد في فترة الصيف،وهذا الشاب تعرض لصدمات نفسية متعددة ومتتالية؛ أولا الخلافات الأسرية  التي تعرض لها هذا الشاب والتي نتج عنها انفصال والدته عن والده، فقدان الشعور بوجود الام في حياته، خلق نوعًا من أنواع الصدمة النفسية والعصبية تسببت في امراض نفسية متعددة، ثانيا ظلالاته النفسية هذه تخيل له أن والده هو مصدر الألم والاوجاع، فقرر أن يقتله ظنًا منه أن الخلاص منه هو النجاة من الاوجاع التي يعاني منها.

فضلا عن أن ظلالات وهلاوس المتهم جعلته يتخيل أن خوف والده عليه وطريقة تربيته له وحرمانه من والدته وانفصاله عنها السبب في اوجاعه وآلامه، فالمريض النفسي «الذهاني»عندما يمتنع عن أخذ الادوية حالته النفسية تتضاعف ومن الممكن ان يوذي نفسه بالانتحار أو يوذي الغير بالتعدي والضرب وقد يصل الامر إلى القتل كما في جريمتنا هذه، كما ان العقدة الوليدية في علم النفس قد تكون وراثية أو نتيجة صدمات حياتية تتسبب في اتهام المريض للمحيطين به باتهامات غير حقيقية سواء الأقارب أو المحيطين دون ادراك الحقيقة؛ فتدفعه إلى ارتكاب ابشع الجرائم  في حقهم. 


 

 

 

;