«دموع حسناء» قصة قصيرة للكاتب عبد العزيز حمادي

عبد العزيز حمادي
عبد العزيز حمادي

في الطابق الثالث بعمارة" الصاوي" تقع عيادة الدكتور محمد للنساء والولادة ، أخرجوها  من غرفة العمليات، كانت متعبة مشدودة تم وضعها علي السرير لكي ترتاح بعد العملية القصيرية، رأي زوجته "زمزم " بخير، وكانت الممرضة تحمل المولود الجديد.

 

نسي نفسه وزوجته وكل من في صالة العيادة والعالم كله.. ركض إليها، طرح سؤالا المشهور في مثل هذه الحالات

ماذا رزقت ؟

أجابت:  طفله ؟  قابلها بتيارات من الحزن تخرج من جوفه ومن بين ضلوعه، تمر بحلقه وتخترق رأسه، إنها جميلة وقالت زمزم إنها " حسناء ".

نظر إليها شفاه "حسناء " طرية تتحرك وكأنها تريد أن تبتسم لوالدها، اقتربت" نورا "من زمزم  في ابتسامة تترك خلفها الكثير من المعاني، زمزم تتمنى إنجاب طفل، ولم لا لكي تخاوي ياسين.

 تتقرب نورا من زمزم كأنها تهمس بشئ: زمزم بنت مش ولد.

نورا: تتربى في عزكم

زمزم بصوت: منخفض جدا يا ولاود "ستين"، البنت من حقك  ..

لكن عيونه كانت تتكلم لماذا أتيت؟ لا أريدك أنت !، أريد ذكر وليس أنثي معي اثنين وأنت الثالثة، كم انتظرت قدوم هذا المولود؟!

 

دخل إلى زوجته بعد أن نقلوها إلى غرفتها.

تحدثت  إليه: ألم تر أنها جميلة جدا، انظر إلى هذه الشعرات ما أروعها

لم يرد عليها سوى: حمدا لله على سلامتك

غضبت زمزم وأغرورقت عيناها بالدموع، ضمت ابنتها، نظرت إليه نظرة فاحصة كاد يعميها الحزن، أشاحت وجهها عنه وأرضعت حسناء، فتدفقت في لبنها جرعات زائده من الحنان والحب لعلها تعوضها ما ستفقد من حنان الأب.

 

حسناء تكبر وتحلو وأبوها غير راضي عنها، غافل عن لحظات السعادة التي تغمر الوالدين عندما يرقبان حركات وسكنات ولدهما اليوم لغة وغدا، تحبو وبعده تقف وتمشي وهكذا، عيناها الزرقاوان تلمعان وتسحران كل من يراها بصفائهما وبريقهما، تمر من منزل نورا أو يجتمعان على موتور المياه لغسل الأواني وبعض الحصر وملابس الأطفال، تقول زمزم لنورا: البنت كبرت البنت لكريم يا بنت ستين ....!!

حسناء كبرت صار عمرها ثلاث سنوات وخصل  الشعر  الاشقر وصل إلى  الأكتاف، ذات يوم كان أبوها يجلس علي الأريكة ذاهلا عما حوله فأمسكت الكرة ورمتها إليه، ارتطمت الكرة برجله ولم ينتبه!  ركضت نحو الكرة ورمتها إليه مرة أخرى أيضا لم ينتبه .. صعدت على الأريكة قبلت يده ووضعتها علي وجهها لكنه لم يتحرك !!

نظرت إليه فإذا هو نائم، وضعت رأسها علي حضنه وبدأت تغني بكلمات حفظتها من أمها وهي تمرر يدها علي يده وكأنه طفلها وهي تنومه، دخلت الأم فوجدت زوجها نائم نوما عميقا تفاجأت وامتلات عيناها بالدموع وفي صوت مرتفع تصرخ زوجي مات زوجي مات.