تحققت تحذيرات العلماء، ودخل العالم فى موجة حر غير مسبوقة، وسجلت درجات الحرارة أكبر معدلاتها منذ أن بدأ قياس درجات الحرارة فى كل أنحاء المعمورة. كل دول العالم تشهد ما لم تره قبل ذلك من ظواهر مناخية. الحديث عن الجو عندنا بأنه حار جاف صيفاً، دفىء ممطر شتاءً كما تعلمنا جميعاً أصبح من الذكريات(!!) ومع ذلك فنحن بين الأفضل فى هذه الموجة الحارة حيث لا حرائق للحقول، ولا فيضانات مدمرة، ولا جفاف قاتلا كما نشهد حولنا. لكن أحداً لا يستطيع تجاهل المخاطر بعد ما يراه العالم، وبعد أن أصبح السؤال هو: هل هى موجة عابرة، أم أن القصة ستطول؟ وهل فات الوقت للتعامل مع ظاهرة الاحتباس الحرارى وما ينتج عنها، أم أن الفرصة مازالت متاحة للإنقاذ إذا تحملت كل الدول (وخاصة تلك المسئولة عن الكارثة) مسئولياتها؟
الثابت الآن أنه منذ أن بدأ رصد درجات الحرارة فى العالم قبل حوالى قرن ونصف لم تصل الحرارة فى كوكب الأرض إلى ما وصلت إليه فى الشهر الماضى، وأن الوضع سيستمر حتى نهاية العام على الأقل!! والثابت الآن أن درجات حرارة مياه المحيطات ارتفعت إلى أعلى معدل لها على الاطلاق، والنتيجة هى أن ذوبان الجليد يرفع مستوى المياه فى البحار والمحيطات -كما هو الحال فى البحر المتوسط- وأن اضطراباً خطيراً فى أحوال المناخ يهدد كل بلاد العالم. حيث نرى الفيضانات مع الجفاف والحرائق بفعل درجات الحرارة مع السيول التى لا تنقطع، مع تأثيرات خطيرة على الزراعة ونقص متوقع فى إنتاج المحاصيل وفى موارد المياه.
وسط كل هذه المخاطر مازالت الدول الأغنى لا تفى بالتزاماتها لتخفيض التلوث المناخى، ومازال التعاون مقطوعاً بين أمريكا والصين فى هذه القضية رغم أنهما المسئولتان الاساسيتان عن الانبعاثات الضارة التى تسبب التلوث وتتسبب فى ارتفاع الحرارة بصورة أصبحت تهدد الحياة الآمنة لكل الناس.
سيظل الخلاف بين العلماء والساسة مستمراً فى هذه القضية، لكن الأمر الآن يختلف.. ما حذر العلماء سابقاً وأهمله الساسة يتحقق، والبشر يعانون من آثاره. لهذا لا يمكن تجاهل تحذيرات العلماء الجديدة بأننا لسنا أمام موجة حر طارئة بل أمام خطر داهم لابد أن يحشد العالم كل إمكانياته لتلافى آثاره ربما لو كانوا دفعوا تكاليف حروبهم من أجل قضية المناخ لكانوا الآن يستمتعون بصيف معتدل، وما كنا نشهد الآن كيف تشوينا حرارة الجو، وتخنقنا الرطوبة، وترفع فيه الشواطئ لافتة: ممنوع الاقتراب!!
