«مع سبق الإصرار».. قصة قصيرة للكاتبة فاطمة مندي

«مع سبق الإصرار» قصة قصيرة للكاتبة فاطمة مندي
«مع سبق الإصرار» قصة قصيرة للكاتبة فاطمة مندي

قفت أمام زجاج حجرة العناية المركزة وقلبي يرتعد؛ خوفا وكمدا، كان زوجي لا يرتدي شيئا لقد جردوه من هندامة، ورأيت عدد الطعنات المتفرقة في جسده الممدد على طاولتهم.

ووجدتهم يحاولون انقاذة، بعمل عدة صدمات بجهازهم الكهربائي، تعلقت بالأمل تمنت أن ينجو ولكن كيف؟! وهناك جرح في قلبه ينزف دون توقف.

كادت أظافري أن تخترق زجاج حجرة العناية، وعندما صفر الجهاز، لم تحملني ساقي، خارت قوتي وأنهار صمودي، أمام عنفوان الفراق.

بعد عدة أسابيع من انهياري في المستشفى، تحسنت قليلا، بالكاد أميز من حولي.

دخل الحجرة رجل أنيق الهيئة منمق الثياب مهذب الخلق والخلقة، ربت على كتفي وجلس على مقعد بجواري ثم تحدث لي في هدوء وصوت خفيض: قصي علي ما حدث.

 

قلت له وانا ابكي: ليتني ما هاتفته، وتعالت صرخاتي بين شهيق وزفير اسهبت

عندما سمعت بوق عربة الإسعاف أحسست بقلبي ينقبض وكاد أن ينخلع من، صدري، خمنت أنه زوجي.

حملت ابنتي وانتعلت أي شيء أمامي وأكملت ارتداء اسدالي وأنا أهرول علي السلم.

وجدت جمعا من الناس ينظرون لي نظرات غريبة، ومنهم من جرى نحوي يهدئني، وأنا في ثبات انفعالي ولكن شبة تائهة أنظر في أماكن متفرقة وكأنني ابحث عن شيء حتى اتبين الأمر، سمعت أحدهم يبكي ويذكر اسم زوجي، لم أبد انفعالا، بل هرولت خلف عربة الإسعاف أريد اللحاق بها، أريد رؤيته، هرولت كثيرا وأنا احمل ابنتي، وكانت دموعي تسترسل دون توقف.

وقفت لي عربة، عرض علي سائقها توصيلي عندما شاهدني اهرول منهارة، لم اتردد  ولم أفكر بل فتحت العربة ودخلت.

كنت أهذي ليتني ما هاتفته، ليتني التزمت الصمت.

كنت أعاتب نفسي وأعنفها بل كنت أنهرها : لماذا أخبرت زوجك؟

كان أحد جيراننا في تلا محافظة المنوفية يعاكسني في كل وقت اخرج فيه، وفي أحد الأيام هرول خلفي الي مدخل منزلي، وحاول التحرش بي في مدخله، وعندما نهرته، قد ثيابي بل  ومزقها ، فما كان مني إلا أن رفعت راحتي وهويت بها على وجهه، ووجهت له كل أنواع السباب.

عندما حضر زوجي في المساء حكيت له بعض المضايقات البسيطة من هذا الفذ لي ولم أقصها كلها، بل لم أخبره أنه حاول التحرش بي ولا مزق ثوبي،

في اليوم التالي حدثه زوجي بكل أدب لم ينهره، فقط قال له : أننا جيران، وهل تغفر لي مضايقتي لزوجتك ؟

اليوم وجدته على باب شقتي، ارتعد قلبي خوفا وهلعا كان يدق بابي دقات عنيفة، ويريد كسره.

هاتفت زوجي أن يلحقني، فما كان منه هو وذويه إلا أن انتظروه في مدخل المنزل، وقضوا عليه بأنصالهم.

حدثني صاحب العربة: وصلنا هذه هي المستشفى، هرولت داخلها دون أن أشكر له حسن صنيعة، سألت عنه، قالوا لي في حجرة العناية، ذهبت هناك وجدته ممددا بدون ملابس وجروح في جسده متفرقة، وذلك الجرح في قلبه، يحاول الأطباء إنعاشه بتلك الصدمات الكهربائية، ولكن دون جدوى.

تحدث وكيل النيابة إلى وهو يكتب: إذن هي ليست مشاجرة كما زعموا، أنه تحرش وقتل مع سبق الأصرار .