أمواج

خروف العيد من بعيد

عبد الحميد عيسى
عبد الحميد عيسى

ارتباط أزلى منذ سنوات طويلة بينى وبين الأضحية والابتعاد بها عن خراف المحروسة لما رأيته منهم من مزاحمة الناس فى شوارعها، وبجاحتها فى مشاركة السيارات فى الإشارات وسيرها عكس الاتجاهات دون أى مخالفات. لهذا كان إصرارى كل عام أن أذبح أضحيتى فى مسقط رأسى فى «قفط»، حيث الخروف الذى لا يبرح مكان الإقامات بل ودائماً يتبع التعليمات، حتى أنه لا يخرج من إقامته هو وأقرانه إلا لساعات معدودات أو النظر من الشرفات لاستنشاق الهواء أو يطمئن على حنجرته بـ»ماء» ثم يعود مرة أخرى انتظارًا لتقديم نفسه للتضحية.

ومع إصرارى على السفر كل تلك المسافة للاستمتاع بالعيد وسط الأخوة والأهل إلا أن الجزار الذى يقوم بذبح الأضحية أصبح أيضًا وكأنه فرد من الأسرة لارتباطى به منذ سنوات حيث تظل اتصالاتنا به مستمرة طوال فترة ما قبل العيد حتى تحين ساعة الصفر ليكون يوسف الجزار بطل هذه الملحمة الذى أرى ابنه وقد اكتسب فى كل عام جديدًا فى تلك المهنة وكيفية التحكم فى قيادة الخروف وإجادة السلخ ولم يتبق له سوى عملية التقطيع لعدم قدرته على حمل الساطور فوق «القرمة» لكنى رأيت فى والده نظرات الرضا بأن المستقبل ينتظره لرفع المعاناة عنه فى المستقبل القريب.

سيظل خروف العيد الذى يعيش بعيدًا عن ضوضاء القاهرة الملاذ الأمن الذى ينتقى غذاءه ليكون لنا دواء.