حمادة إمام يكشف: التماس سيد قطب الذى رفضه عبد الناصر!! لا يتوب الإخوان؟

حمادة إمام
حمادة إمام

فى يوم 28 أغسطس عام 1966 أرسل الملك فيصل بن عبدالعزيز برقية إلى الرئيس جمال عبدالناصر؛ يرجوه فيها عدم إعدام سيد قطب، وأوصل سامى شرف البرقيةَ لعبدالناصر فى ذلك المساء، فقال له عبدالناصر: «اعدموه فى الفجر».

لكن لماذا رفض عبدالناصر وقف إعدام سيد قطب والتعجيل بالتنفيذ رغم أن سيد قطب  فى 22 أكتوبر سنة 1965 كان قد انتهى من كتابة اعترافه كاملا وسلمه  لوزير  الحربية فى ذلك الوقت شمس بدران ودون أن يسأل فى محضر جمع استدلال شأنه شأن باقى المتهمين فى القضية فلم يجلس أمام ضابط التحريات العسكرية ولم يسأل كيف ولماذا وأين ومتى وإنما طلب أقلاماً وأوراقاً وكتباً بخط يده كل شىء من البدايات حتى يوم القبض عليه!!

لكن لماذا لم يسأل سيد قطب فى محضر رسمى وفقا للشكل القانونى  لمحاضر جمع الاستدلالات التى يتبعها إحالة ملف إلى النيابة لتبدأ تحقيقها للوصول إلى الحقيقة؟

شمس بدران وزير الحربية يجيب على هذا التساؤل فى كتابه تحت عنوان «ناصر سعاد... السادات وهمت»؟

بعد نقاش طويل مع سيد قطب اعترف بكل شيء من دون أى ضغط، لا منى ولا من أى ضابط آخر، بل كان الرجل متعاونًا معنا بدرجة أكثر مما كنا نتوقع، وطلب أن يكتب بنفسه القصة الكاملة للقضية من وجهة نظره، ملتمسًا العفو من رئيس الجمهورية مثلما حدث معه فى عام 1964!!

وهنا يطرح التساؤل لماذا عفا عنه عبد الناصر عام 1964ولم يعفو عنه عام 1966؟

ما قبل 1964 كانت هناك أسباب وما بعد عام 1964 طفت على السطح السياسى أسباب أخرى!!

عام  1964 بوساطةٍ من الرئيس العراقى آنذاك عبدالسلام عارف حصل سيد قطب على عفو رئاسى من الرئيس جمال عبد الناصر. 

بعد الحكم عليه بالسجن 15 عاما  فى قضية محاولة اغتيال عبدالناصر فى المنشية عام 1954والتى قضى منها عشر سنوات.

وعن الكيفية التى خرج بها  يكشف الدكتور سيد بن حسين العفانى فى كتابه  «زهر البساتين - من مواقف العلماء والربانيين» للدكتور سيد بن حسين العفانى، أول تدخل عراقى لانقاذ سيد قطب والافراج عنه بعد الحكم عليه عام 1954فى حادث المنشية حيث يقول على لسان اللواء محمود شيت المفكر الإسلامى المعروف ووزير الأشغال والشئون البلدية العراقية أنه كان بصحبة «عبد السلام عارف» فى القاهرة، وطلب من «عارف» أن يتوسط لدى صديقه لإخراج قطب من السجن، وبالفعل تحدث عارف مع ناصر ووافق، ويذكر «شيت» أنه طلب من عبدالناصر أن يسمح له بزيارة سيد فى سجنه ليبشره بالقرار فسمح الرئيس بذلك، وجاءت سيارة من القصر حملت شيت إلى السجن، وهناك قال له، أبشرك بالإفراج عنك قريبا جدا، وقص عليه وساطة عبدالسلام عارف.
لكن لماذا توسط الرئيس عبدالسلام عارف دون غيره من القادة العرب والمسلمين  للافراج عن سيد قطب؟

حسن البنا هو أول من وضع حجر الأساس لـ«تقارب إخوانى - شيعى» فى عام 1947 سعيا منه فى التقريب بين المسلمين من السنة والشيعة، عبر مقولته الشهيرة التى قالها حين زار وفد إيرانى «شيعى» مقر المركز العام لجماعة الإخوان المسلمين وضم الفقيه الشيعى «محمد تقى القمى»، قال: اعلموا أن أهل السنّة والشيعة مسلمون تجمعهم كلمة لا إله إلا اللَّه محمد رسول اللَّه، وهذا أصل العقيدة، والسنّة والشيعة فيه سواء وعلى التقاء، أما الخلاف بينهما فهو فى أمور من الممكن التقريب فيها بينهما.

حيث اجتمع البنا بعدها بالعالمين الشيعيين آية الله الكاشانى ومحمد القمى هذا الأخير الذى سبق زيارته برسالة للإخوان تظهر تصورا أوليا لإنشاء جمعية سنية

شيعية تسمى «بدار التقريب بين المذاهب». 

التأثير الأكبر لفكر سيد قطب فى التيارات الشيعية المعاصرة تجلى فى المفكر العراقى البارز محمد باقر الصدر، وفى حزب الدعوة الشيعي، الذى تشابهت العديد من أفكاره مع الأفكار التى خرجت من تحت عباءة قطب. ففى أواسط الخمسينيات من القرن العشرين، قام المفكر الشيعى البارز محمد باقر الصدر بتأسيس حزب الدعوة، واشترك معه فى تأسيسه بعض من كبار الرموز الشيعية العراقية فى ذلك الوقت.

مساندة الصدر لقطب ظهرت مرة أخرى بعد إصدار حكم الإعدام على الأخير. يذكر أحمد عبدالله أب زيد العاملي، فى كتابه «محمد باقر الصدر: سيرة ومسيرة»، أن المفكر العراقى هرع إلى خاله مرتضى آل ياسين، رئيس جماعة علماء النجف، وأقنعه بإرسال برقية استنكارية للرئيس المصرى للاعتراض على الحكم، وقام بكتابتها بنفسه.

فى 22 أكتوبر سنة 1965 وصل للرئيس عبد الناصر نص اعتراف سيد قطب والذى جاء فى 62 ورقة بدأ بمقدمه قال فيها:

لقد كتبت بياناً مجملاً قبل هذا تنقصه تفصيلات كثيرة، كما تنقصه وقائع وبيانات كثيرة. ولقد أسىء فهم موقفى وتقدير دوافعى فى كتابه ذلك البيان على ذلك النحو. وأرجو أن يكون فى هذا التقرير الجديد المفصل ما يفى بالمطلوب وما يجعل موقفى مفهوماً على حقيقته.

والله يعلم أننى لم أكن حريصاً على نفسى ولا قصدت تخليص شخصى بذلك الإجمال. ولكننى – ويجب أن أعترف بذلك – كنت أحاول أولاً وقبل كل شيء حماية مجموعة من الشباب الذى عمل معى فى هذه الحركة بقدر ما أملك لاعتقادى أن هذا الشباب من خيرة من تحمل الأرض فى هذا الجيل كله، وأنه ذخيرة للإسلام وللإنسانية حرام أن تبدد وتهدر. وإننى مطالب أمام الله أن أبذل ما أملك لنجاتهم، وإن ذلك البيان المجمل الذى لا يحتوى كل التفاصيل الدقيقة هو كل ما أملكه فى الظرف الحاضر للتخفيف عنهم، وقد يشملنى هذا التخفيف ضمناً، ولكن الله يعلم أن شخصى لم يكن فى حسابي، وقد احتملت المسئولية كاملة منذ أول كلمة.

أنهى سيد قطب كتابة الاعتراف بشكل تفصيلى بعد أن رفض الرئيس عبدالناصر الملخص الذى كتبه فى البداية.

صباح يوم 9 إبريل عام 1966،الساعة العاشرة والربع صباحا بدأت الجلسة.

لمحاكمة التنظيم  بدخول هيئة المحكمة، وتلا رئيسها الفريق الدجوى أمر تشكيلها، أثبتت المحكمة حضور المحامين والاعتذارات، ثم أدى أعضاء المحكمة القسم، ثم سأل رئيسها كل متهم: «هل تعترض على أن أكون رئيسا للمحكمة أو على أحد أعضائها؟»، ووقف المتهمون يجيبون عن السؤال بالترتيب، قال سيد قطب: «لا  أعارض».. 

واصلت المحكمة بقية الإجراءات بتلاوة نائب الأحكام نص التهم، وبعد ذلك وجه رئيس المحكمة سؤالا إلى كل متهم: «هل أنت مذنب أم غير مذنب؟»، أجاب المتهم الأول، سيد قطب: «غير مذنب».

بعد الإجراءات السابقة، تلا رئيس النيابة صلاح نصار، مقدمته الافتتاحية، 

وكشف كل خفايا التنظيم السرى الإرهابى ووسائله، قائلا: «لم يجدوا أمامهم من وسيلة توصلهم إلى الحكم سوى طريق واحد مفروش بالدم والخراب، رسم معالمه لهم قطبهم الدعى، الذى رسم لنفسه ألوهية عليا فى تنظيم الحياة الدنيا، والذى زعم أنه أغير الخلق على تعاليم الإسلام، والذى أثار هذه الفتنة»، أضاف: «وضع قطبهم دستورهم الذى يدعو حوارييه فيه إلى أن ينطووا على أنفسهم وينفصلوا عن مجتمعهم، ويستعلوا على أهليهم ويقيموا بينهم وبين مواطنيهم حاجزا من الحقد، ثم يدعوهم لتغيير مجتمعهم وقتل مواطنيهم، ناعقا فيهم بقوله: إننا اليوم فى جاهلية كالجاهلية التى عاصرها الإسلام».. 

وتواصلت المحاكمة بسؤال سيد قطب 

س: رئيس المحكمة: قل لنا معلوماتك تفصيلا عن التنظيم وصلتك به.

ج: صلتى الحقيقية بهذا التنظيم ترجع إلى ما بعد خروجى من السجن.

س: رئيس المحكمة: هل كنت واخد حكم سنة 1954 فى قضايا الإخوان؟

ج: أيوه.

س: كان الحكم إيه؟

ج: خمس عشرة سنة.

س: ومتى خرجت من السجن؟

ج: فى مايو 1964.

س: قلت صلتك الحقيقة، هو فيه صلة غير حقيقية. تقول لك صلتك بالتنظيم وأنت فى السجن؟

ج: لم أعلم أنه تنظيم إلا بعد خروجى من السجن.

س: قرر يوسف هواش – نائبك وخليفتك وزميلك فى السجن بقوله: سنة 1963 حميدة قطب شقيقتك بلغت سيد قطب فى السجن عن التنظيم.. وتقول فى مواقع أخرى كنت بتعززهم بمعلومات.. ما رأيك فى قول هواش؟

ج: لم يسأل.

س: تقول لك هل حصل قوله أم لم يحصل؟

ج: وجود تنظيم بهذا الاسم.. أنا عرفت أن هناك شبابًا يقرأ لى ويحب أن يتصل بي.

س: ما كانت صلتك بهذا الشباب إذا كانت كلمة تنظيم غير واضحة لك؟

ج: الصلة كانت على النحو التالى بالضبط.. إن حميدة أبلغتنى أن الحاجة زينب الغزالى أبلغتها أن شبابًا يقرأ لى فهناك مانع من الإطلاع على مسودات كتاب «معالم فى الطريق» قلت لا لا.

س: هل كانت المسودات فى البيت أم بتخرج من السجن؟

ج: بعضها كانت موجودة وبعضها يشار إليه يؤخذ من كتاب كذا.

س: يؤخذ من كتاب كذا.. من كان بيعملها – حميدة؟.. هل هى على درجة أستاذية؟

ج: كل من فى البيت يقرأ كتبى ويفهمها.

س: أنت تحدد الفصول؟

ج: أيوه.

س: وماذا أيضًا وأنت فى السجن سنة 1963؟

ج: هذه كل الصلة.

س: أما كنت تعلم وأنت فى السجن على حد قولك. الشباب اللى عاوز يقرأ لك أنه مسلح؟

ج: لا.

س: خرجت بعفو صحى سنة 1964 فى مايو لإصابتك بذبحة صدرية؟ وماذا؟

ج: بعد خروجى من السجن فى مايو 1964 لا أستطيع تحديد الزيارات وبدأ يزورنى الحاج عبد الفتاح إسماعيل.

س: وهل كان بيعرفك من قبل..؟

ج: لا.

س: استأذن من فى زيارتك؟

ج: كلم محمد قطب أنه يريد أن يتزود ومحمد قطب اعتذر له لأن طبيعة محمد لم يحب أن يتصل أى اتصالات ثقافية فقال له أريد أن اقابل سيد قطب فقال لى عبد الفتاح إسماعيل تثق فيه الحاجة زينب ويريد مقابلتك.. هل لديك مانع قلت لا.

س: الواسطة محمد والزكية زينب؟

ج: أيوه وأظن أنا واضح جدًا فى تعبيري.

س: وإن لم تكن دقيقًا لى أن أستوضحك؟

ج: أيوه.. والحاج عبد الفتاح سلم على وقال إنه ممن يقرءون كتبى وأنه قرأ فصول كتاب المعالم وكان فى ذلك الوقت تحت الطبع وإن معه شبابًا يقرءون لى وأنهم يريدون مقابلتى فأجبته لا مانع ولا أذكر فى المرة الثانية جه لى ثلاثة أو أربعة.

س: من قولك.. فى المقابلة الثانى جالى هو وعشماوي.

ج: حصل.

س: ما الذى حصل من كلام علي؟

ج: كلام ثقافى وأن معهم آخرين.. وما أعرفش مين فيهم اللى قالي.. والمهم جاء لى خمسة.

س: ومن هؤلاء الخمسة؟

ج: ده فى المقابلة الثالثة أحمد عبدالمجيد وصبرى الكومى وعبدالعزيز متولى وعبدالفتاح وعلى عشماوي.

س: أين جاءوا لك؟

ج: فى رأس البر.

س: وعبدالفتاح وعلى عشماوي؟

ج: لا أذكر والخمسة جونى فى رأس البر.

س: نحن يهمنا الخمسة. لأنهم أعضاء إيه؟

ج: أعضاء القيادة وتحدثوا معى حديثًا أوسع وذكروا لى أنهم ليسوا وحدهم ومعهم مجموعات أخرى من الشباب وذكروا لى تاريخ تكوين هذه المجموعة ومن وقتها إلى أن كونوا المجموعات.

فى صباح يوم 21/9/1966 توجه المتهمون فى القضية الأولى لسماع النطق بالأحكام فى نفس مبنى المحكمة، بمبنى قيادة الثورة بالجزيرة، وبعد عمل الترتيبات اللازمة فى مبنى القاعة تم استدعاء المتهمين واحدًا واحداً إلى حجرة أخرى لسماع الحكم، ثم التوجه به إلى السيارة، وكانت الأحكام للمتهمين السبعة الأول حسب ترتيب إدعاء الاتهام كما يلي:

1 – سيد قطب إبراهيم .. الإعدام شنقًا

الطريق الى المشنقة

1 – سيد قطب إبراهيم .. الإعدام شنقًا

2 – محمد يوسف هواش .. الإعدام شنقا

3 – عبد الفتاح عبده إسماعيل .. الإعدام شنقا

4 – علي عبده عشماوي .. الإعدام شنقا

5 – أحمد عبد المجيد عبد السميع .. الإعدام شنقا

6 – صبري عرفة الكومي .. الإعدام شنقا

7 – مجدي عبد العزيز متولي .. الإعدام شنقا
.......................

ولم ينفذ حكم الاعدام الا على الثلاثة الاوائل فقط بينما خفف الحكم على  الاربعة الاخرين والغريبة ان هولاء خرجوا فى عصر الرئيس السادات ولم يتوبوا بل عادوا للظهور مرة اخرى وتحولوا الى نجوم  ومؤرخين وكتبوا مذكراتهم  ونشرت ووزعت  بشكل ملفت للنظر وكانها نوع من التكريم