«حمامة متمردة» قصة قصيرة للكاتب بيمن خليل

بيمن خليل
بيمن خليل

تداولتا حماماتان الحديث بينهما، وتأملتا فيما حولهما من الذات البشرية وأفعالها، فقالت الحمامة الأولى متمردة: لماذا خلقنا الله طيورًا من نفس وجسد فقط إن متنا فنينا؟

فأجابت الحمامة الثانية: يا حمامتي العزيزة، مَن نحن لنتدخل في إرادة الله، مع علمنا أننا عبيد له، نفعل مشيئته ولا نسأل لماذا أو كيف أو كفا.

فخجلت الحمامة الأولى من الرد، وهدأت من ثورتها قليلًا، وبعد قليل من الصمت عاودت تسأل ثائرة من جديد، وقالت: ألا تري هؤلاء البشر الهمجيون، مع أن الله مجّدهم وسلّطهم على كل دابة من مخلوقات الأرض على أن أننا دائمًا بالرغم من ذلك نجدهم يتمردون كثيرًا في كل شيء وعلى أصغر أصغر الأشياء، لا يعجبهم حالهم أبدًا، بل أيضًا يزدادون في التمرد والشكوى والتذمر الشديد على الله، وغير ذلك منهم من أنكروه وأنكروا وجوده، ومنهم من جردوه من صفاته.

أجابت الثانية بحكمة: مثلما خلق الله البشر وهم تفرقوا إلى خير وشر، كذلك جعل لهم الجنة والنار.

الحمامة الأولى: ولكن لماذا الله لم يجعل لنا أرواح مثلهم؟

أجابت الحمامة الثانية: قالت حمامة عجوز ذات يوم (دعونا نفنى، لربما خلق الله لنا أرواح لتعذّبنا).

وبعدها طارتا الحماماتات ناسيتان ما قالتا، وظلا يطيران ويمرحان حول شجرة خضراء.