إنها مصر

إسرائيل.. إلى متى؟

كرم جبر
كرم جبر

فجأة أعلنت إسرائيل انتهاء العملية العسكرية فى جنين بعد تحقيق أهدافها، وقبلها بساعات صدرت تصريحات بأن العملية لن تتوقف قبل تحقيق عشرة أهداف.. فما هى؟

وخرج الفلسطينيون بعد انسحاب القوات الإسرائيلية يطلقون الأعيرة النارية فى الهواء، ويحتفلون بفشل العملية ذات الأهداف الغامضة؟

ولن يكون هذا المشهد هو الأخير كما هو ليس الأول، فبعد فترة تطول أو تقصر، ستبادر إسرائيل بحصار بعض المناطق الفلسطينية خصوصاً المخيمات، والقيام بعمليات تفتيش وملاحقة وسقوط شهداء.. ثم تعلن نجاح العملية، وفى انتظار عملية جديدة.

إسرائيل.. إلى متى؟

الدماء لا يتم غسلها بالدماء، والجراح لن تندمل بمزيد من الرصاص، والحقيقة المؤكدة منذ 75 عاماً هى أن الفلسطينيين لن يستسلموا ولن يتنازلوا عن حقوقهم المشروعة فى دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

ومهما تجبرت إسرائيل واستخدمت قوتها الباطشة، وحاصرت المخيمات وهدمت المنازل وأسقطت الشهداء.. فلن تستطيع أن تقمع المقاومة، لأن الأراضى الفلسطينية بالفعل مزروعة بالمقاومة.

إسرائيل لا تدرك أن القوة الباطشة لن تحميها وسط محيط عربى مأجج بالغضب بسبب تصرفاتها العدوانية ضد المدنيين والنساء والأطفال، فكيف تطلب ود جيرانها وقيام علاقات طبيعية، وهى تلجأ لأساليب تؤدى إلى مزيد من العنف والكراهية؟

إسرائيل تريد أن تصادق العرب وتفتح معهم صفحة جديدة، ولن يكون ذلك بمزيد من الدماء والشهداء والإجراءات القمعية ضد الشعب الفلسطينى.
إسرائيل تعلم جيداً أن الرأى العام العالمى والمنظمات الدولية لن تجبرها على شىء، فالأمم المتحدة تكتفى بإصدار القرارات السابقة وتنادى بتطبيقها، دون آليات واضحة للتنفيذ، والمنظمات الأخرى تكتفى بالشجب والإدانة والإعراب عن القلق.

وأمريكا يستريح ضميرها لمقولة أن إسرائيل لها حق الدفاع الشرعى عن نفسها، وكأنها تقول لمن يصرخ.. لا تصرخ، ولا تقول للمعتدى.. لا تعتدى.
العالم صار يتعامل مع القضية الفلسطينية بمقولة «قلوبنا معكم والله يرعاكم».. ولكن وسط اليأس والإحباط والتخاذل، هناك شعب قرر أن ينال حقوقه المشروعة أياً كانت التضحيات.

هى حرب استنزاف طويلة المدى بين دولة تعتمد على قوتها المدججة بالسلاح والعتاد، وشعب صابر وصامد يبحث عن حقوقه المشروعة، ولن يبخل فى تقديم مزيد من الشهداء، ولكن تزداد صعوبة الموقف فى ظل الخلافات الحادة بين الفصائل، وأصبحت وحدة الصف الفلسطينى مسألة حياة أو موت.

لا يفيد البكاء على الماضى أو أن نقول ليتهم سمعوا كلام السادات، ولكن أن يتوحد الفلسطينيون وأن تشعر إسرائيل بأن سياسة البطش والقمع حصيلتها مزيد التوتر والاشتعال، وأن الإذعان للسلام هو الطريق الوحيد لأمنها وأمن المنطقة.