«تاجر الطيور» قصة قصيرة للكاتب إبراهيم الديب

قصة قصيرة للكاتب إبراهيم الديب
قصة قصيرة للكاتب إبراهيم الديب

 

لم تهدأ نفس لص الفراخ، البط، والطيور عامة المهني المحترف، بعد أن علم من مصادر موثوق منها، أن هناك مجموعة من الديوك الرومي, تسكن إحدى العشش، تأكد أيضاً من المصدر الموثوق منه أنها؛ طابت وأصبح من واجبه قطف الثمرة، وحان قطع رقابها؛ لتصبح ولائم شهية, مستقرة في أواني الطهي .

 

أخذ اللص يدرس, ويدبر كيفية: الدخول والخروج من البيت الذي يقع أسفل العشة وهدفه المرتقب بطريقة آمنة, حتى لا يفتضح أمره كما حدث في عملية السطو الأخيرة على عشة الفراخ، التي برر موقفه حينها لمن عاتبه، بسبب هذه السرقات التي لا تليق بالرجال وتذهب بماء الوجه, ولكن اللص عقب على ذلك بفترة صمت عميق مهيب, وكأنه فيلسوف يوناني قديم يجلس على جبل الأولمب, قبل أن يقسم لمن عاتبه، أن الأمر ليس كما يعتقد البعض، لأنه في الحقيقة ضحية ومغلوبا على أمره، في أكثر الأحيان، لأنه بمجرد رؤيته للطيور، بل للريش فقط  يفقد صوابه مباشرةً, ولا يهدأ له بال حتى يستولي عليها, وحاول إقناع الجميع أن الدافع وراء ذلك لم يكن السرقة .

واضطر أن يبوح بسر خطير عن سبب القيام بعمليته الأخيرة, ويتمثل هذا السبب في أن هذا النوع من الفراخ سلالته نادرة لأنه نتيجة لقاء بين ديك باكستاني وفرخة هندية فأراد يحتفظ بهذه السلالة وأنه أراد الاحتفاظ بالفراخ عنده فترة من الوقت على سبيل الاستعارة وأنه كان ينوي أن يعيدها لصاحبها مرة أخرى، بعد عملية البيض والفقس عنده ليحتفظ بالسلالة، كان يرجو بشرحه التفسير، أكثر من التبرير.؟!

 

 

 

 وبعد أن انتهى اللص من وضع خطته المحكمة، والتي بناها على أسباب منطقية وهي: خروج الزوجة لزيارة والدتها في يوم ووقت معلوم من كل أسبوع، ولا تعود للبيت إلا؛ في وقت متأخر, وهو نفس التوقيت الذي يكون فيه الزوج منهمك في لعب الطاولة مع أصدقائه في المقهى .

 

تسلل اللص لسطح البيت،  وأصبح داخل العشة بسلاسة، ودون أي عائق يذكر كما هي الخطة المعدة سلفا، وأصبح وجه لوجه مع الديوك الرومي، وهو في حالة النشوة بلقائهم الذي مني بها نفسه كثيراً، والذي أصبح  حقيقة الآن فاحتضن أحدها، وقبله وفعل مع بقيتهم مثل ما فعل معه،  يبلغ عددهم خمسة ديوك فقط لا غير، فأخذ بوضعهم في الأقفاص بسرعة لمغادرة السطح والبيت والمنطقة كلها بصيده الثمين مهنئاً نفسه، ومثنيا عليها نجاحه وتقدمه في العمل من عملية لأخرى..

 

ولكن فوجئ بصعود الزوج للسطح وهو يتحدث في التليفون مع إحدى النساء، اعتقد اللص أنها زوجته، ولكن اتضح من خلال الحديث الذي استمر طويلا، إنها عشيقته والذي باح لها الزوج بأسرار حياته، وطال أيضاً الحديث عن زوجته افتراء عليها، وأن حياته جحيم معها ووصفها بأمور معيبة أنصت اللص لكل ذلك دون رغبة منه, لحديث الزوج مع عشيقته, وكان يسبهما في نفسه فقد أفسدا العملية برمتها, ويفضح أمره مرة أخرى بأنه يقوم بأعمال خسيسة تذهب بماء الوجه.

وبالفعل اكتشف الزوج عملية السرقة وهجم على اللص الذي بدأ باستعطافه أن لا يفضحه على رؤوس الأشهاد، ولكن الزوج رفض وفي نفس اللحظة وصلت الزوجة من بيت والدتها وهي في طريقها لسطح البيت بعد أن ترامي لسماعها الضجيج الذي خلفه الحوار بين الزوج واللص.

 

 وعندما اقتربت الزوجة منهما هدد اللص الزوج بأنه سيفضح أمره أمام زوجته بشأن المكالمة الطويلة مع عشيقته، إذا أخبرها أنه لص وطلب من الزوج أن يخبرها أنه تاجر طيور, وأن الضجيج المثار كان بسبب؛ الخلاف على السعر فقط فنادى الزوج على زوجته لتحمل معه الديوك الرومي لينزل ثلاثتهم الدرج بالأقفاص والزوجة تدعو للتاجر بالتوفيق وبالمكسب والرزق الحلال..