نقطة نظام

دولت فهمى.. لا أتعاطف معك

مديحة عزب
مديحة عزب

شاهدت مؤخرا على إحدى المنصات الإعلامية فيلم «كيرة والجن» والذى يحكى قصصا عديدة من كفاح المصريين ضد الاحتلال البريطانى وبالذات خلال فترة ثورة عام تسعة عشر من القرن الماضى، وقد تطرق الفيلم لقصة الفتاة المصرية الصعيدية دولت فهمى والتى كانت تعمل مدرسة، فقد قامت طواعية ودون أن يطلب منها أحد بالتضحية بسمعتها وشرفها لتنقذ شابا فدائيا من حبل المشنقة، ولما كان الفيلم قد نوه فى تتراته عن أن الأحداث مستوحاة عن قصة حقيقية وليست طبق الأصل.

فقد شدتنى الأحداث لقراءة قصة دولت فهمى الحقيقية تلك الفتاة الصعيدية والتى تعمل مدرسة فى القاهرة، فوجدتها كاملة ومكتوبة على يد الكاتب الكبير مصطفى أمين، وقد قدمتها المخرجة أنعام محمد على فى سهرة تليفزيونية بكل تفاصيلها منذ قرابة الخمسة والثلاثين عاما تحت عنوان دولت فهمى التى لا يعرفها أحد..

فقد كان هناك شاب مصرى فدائى ينتمى لتنظيم سرى للمقاومة، وقبض عليه متلبسا بمحاولة قتل أحد الوزراء الموالين للاحتلال وخلال التحقيق معه اعترف بمسئوليته عن الحادث، فواجهه المحقق بأنه ثبت بالتحريات أنه لم يكن مبيتا بشقته ليلة الحادث وطلب منه ذكر المكان الذى بات فيه ليلته، ولأنه كان مبيتا فى بيت أحد قادة التنظيم السرى للمقاومة فقد سكت تماما ورفض الإفصاح عنه خشية القبض عليه، وفى محاولة لإنقاذ الشاب من الإعدام طلب التنظيم من دولت فهمى والتى كانت إحدى عضواته الذهاب إلى المحقق والادعاء بأن الشاب هو عشيقها وأنه قد قضى ليلته معها فى شقتها..

وبعكس ما جاء فى الفيلم فإن هذه الشهادة فى الحقيقة لم تفلح فى شىء، فمن ناحية تم الحكم بالإعدام على الشاب الفدائى ومن ناحية أخرى كانت فضيحة الفتاة بجلاجل أمام أهلها الذين استدرجوها إلى الصعيد وقتلوها..

الحقيقة أنى لم أتعاطف مع دولت فهمى إطلاقا لأن سمعة البنت وشرفها ليسا ملكها وحدها بل ملك أبيها وأمها وأشقائها والعائلة بأكملها وليس من حقها إطلاقا العدوان على هذه الملكية العامة..

وكان الأشرف لرجل التنظيم أن يتحلى بالشجاعة ليعترف أنه هو الشخص المطلوب بدلا من أن يدفع فتاة بريئة عديمة الخبرة فى الحياة للتضحية بسمعتها وشرفها..

لقد ذكرتنى هذه الواقعة بالمشهد الجميل للفنان عادل إمام فى فيلم السفارة فى العمارة حينما طلب منه الإرهابى «ضياء الميرغنى» التضحية بحياته ليصعد فوق فى السما فقال له عادل إمام طب ما تطلع انت وأنا أستناك تحت..

أنا عراقى وأحب مصر

تأثرت بشدة عندما قرأت بوست لشاب عراقى يعبر فيه عن حبه لمصر واكتشفت أن هناك من غير المصريين من يهيمون حبا فى المحروسة وكيف لا وهى كنانة الله فى الأرض، والبلد الوحيد فى الدنيا التى اختصها الله سبحانه وتعالى بالتجلى عليها.. يقول الشاب العراقى: مصر هى الدولة الوحيدة التى تقشعر جلودنا كعرب عندما يأتى ذكرها فى أغنية أو قصيدة..

فلو قال المطرب مثلا «مصر يا أم العجايب أو مصر يا أم البلاد» فيكون للكلمة أثرها على القلب الذى يطلق الأحاسيس الجياشة ليحتضن الكلمة ثم نجد أنفسنا وقد غمرتنا تلك المشاعر التى لا يمكن تفسيرها إلا بتأثير مصر البالغ الذى يحدث حتى مع أشخاص لم يسبق لهم رؤيتها أو زيارتها ولم يشربوا حرفيا من نيلها، لكنها هى التى زارتهم فى بيوتهم وتربعت فى قلوبهم وفى غرفة الجلوس معهم..

لقد نهلوا من نيلها مجازيا حتى قبل أن يبدأ وعيهم بالتشكل .. علاقتنا بمصر مثل علاقة سكان المحافظات والأقاليم بعاصمة وطنهم. ينتمون لها حتى ولو لم يسبق لهم زيارتها.. مصر القوة الناعمة التى دخلت فى جيناتنا وسارت فى دورتنا الدموية.. هى العاصمة وكلنا محافظات.
ما قل ودل:

ما ينفعش تفضل قاعد وقافل على نفسك، إنزل وقابل الناس، حتتعلم حاجات كتير أهمها إنك تفضل قاعد وقافل على نفسك.