«خروف سعيد» قصة قصيرة للكاتبة نجوى عبد الجواد

 نجوى عبد الجواد
نجوى عبد الجواد

صبّح الكبش على نعجته بإمائة من قرنيه واقترب ليتبادلا الحديث. ابتعدت النعجة ووجهها يعلوه التكشيرة.

: مالها النكدية دي ع الصبح هي اتعدت من البني آدمين؟!

تكلَّف الابتسامة وقال: فيه إيه يا نعوجتي مالك يا قلبي البوز شبرين ليه؟

صاحت:عامل لي سبع وأنت متسواش.

: ليه الغلط ده بس ع الصبح.

: إنك ضعيف الإرادة، خائر  العزيمة، انهزامي، مستسلم...

 

هز الكبش رأسه وقد بدا عليه البلاهة وعدم الفهم :ده اللي هو أنا؟ أكيد بتشكري فيا يا نعوجتي

صاحت النعجة :طول عمرك كده مخك على قدك. يعني يا فالح منتظرك الدبح وأنت ولا على بالك هتفارقنى يا قاسي.

: والله ده أحسن ما في الموضوع.

: بتقول إيه؟

: بقول نصيبي كده هعمل إيه.

: تعمل زي ما عمل خروف يوسف.

: وعمل إيه بسلامته؟

: الجماعة دول اللي اشترونا كان عندهم خروف قبل كده من كام سنة

: وبعدين؟

: وبعدين قرب العيد وبدأ يعيش لهم الدور

: إزاي؟

: قطع الأكل وبان عليه البطل والتعب

: وبعدين؟

: وبعدين الدكتور يوسف كتب له الدوا

: ياترى حقن ولا برشام؟

: لا كازوزا! مع الراحة وتأجيل الدبح.

: وشرب؟!

: شفطة .. شفطة

: طب هو فين الدكتور ده؟

: هتلاقيه بسلامته ماسك الفاس في الغيط زي الحلاوة.

: قصدك أعمل كده؟

: وأكتر.

اللي سمعته إنهم هيودوك يا نور العين هدية للعروسة بنتهم، هييجى سعيد الفلاح وده في الغباء مفيش منه اتنين، ياخدك من هنا ع العربية طوالي، لما ييجى يشدك تعافر وتفرفر وتصرخ وتطب ساكت، وطبعا مش هيودوا للعروسة خروف عيان هدية، العريس وعيلته يزعلوا وكده تفضل معايا يا سبعى.

هز الكبش قرنيه معجبا بالفكرة: ما يجيبها إلا حريمها، ساعتها لك الحلاوة يا نعوجتى.

:طبعا غداك كامل مدة يومين.

: يا مفجوعة.

:تضحك بدلال معجبة بنفسها وبفكرتها.

يُحمَّل القمح على الجمل، وترس كراتين الفاكهة ويظهر سعيد متحمسا، هيروح مع الخروف وياخد بقشيش من العريس

ينظر الكبش إلى النعجة مطمئنا إياها على تنفيذ الخطة، ينظر لسعيد متحديا ويعلن المقاومة، يجد سعيد ثقلا في رفعه

:ياللا يا زفت عيب كده

يحرك قرنيه متحديا

عيب منظرى وحش قدام الناس، يقولوا إيه مش قادر على خروف.. ياللا الله يهديك وهزود لك البرسيم.

نظرات مشجعة من النعجة واستعراض عضلات من الكبش

: مالك يا سعيد كبرت ولا إيه؟ يصيح الحج.

يرى سعيد في الصيحة إهانة، ويقبل بكل قوته وغضبه على الخروف ويرفعه من الخلف. صرخات الكبش تصل لمسامع النعجة مع صوت تمزق "اللية" وانسياب دماء الخروف مع صعوده للسيارة المكشوفة.

ينظر سعيد للكبش نظرة من انتصر، لقد تمكن منه أخيرا. مع حزن النعجة لكن خطتها كما بدا لها نجحت، لقد صار ممزق الجسد مينفعش... إيه اللي عملته ده يا زفت هات الدكتور بسرعة يخيط له.

نظرات الألم من الكبش حل محلها نظرات غضب شيع بها نعجته والسيارة تتحرك به إلى مقره الجديد وودعها صارخا :ده جزات اللي بيسمع كلمة مراته تقولها.