النائب محمد أبوالعنين يكتب: ثورة 30 يونيو.. بداية الانطلاق لبناء الجمهورية الجديدة

النائب محمد أبوالعنين
النائب محمد أبوالعنين

سيظل يوم 30 يونيو 2013 أحد أهم الأيام الفارقة فى تاريخ مصر وأعظمها. حين خرج الملايين من أبناء الشعب المصري العظيم منتفضين ضد قوى الشر والظلام، ليستعيد هويته وينقذ وطنه من الفوضى والانهيار.

وكان القرار الوطنى والتاريخى من القوات المسلحة بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي لتلبية نداء الشعب والانحياز إلى إرادته الحرة لتكتب ثورة 30 يونيو تاريخًا جديدًا لمصر وللمنطقة وتخرج بها من النفق المظلم الذى أريد لها أن تبقى فيه.

لم تكن ثورة 30 يونيو المجيدة مجرد انتفاضة لإزاحة نظام حكم رفضته جموع الشعب، بل كانت فاتحة ونقطة انطلاق لعصر جديد.. عصر البناء والتعمير.. بناء دولة جديدة وجمهورية ثانية تستعيد بها مصر مكانتها ومجدها.

تحية إعزاز وتقدير إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي، رمز ثورة 30 يونيو، الذى لبى نداء الشعب وحمى إرادته الحرة ونجح فى تحقيق أهداف ثورته والذى أنقذ البلاد من شبح الحرب الأهلية والفاشية الدينية، الذى يبنى ويعمر وينمى ويطور ويغير الواقع ليبنى مصر الجديدة التى نفخر بها جميعًا.

وتحية إلى قواتنا المسلحة الباسلة عمود الدولة المصرية، الحارس الأمين لمقدرات الشعب، وسنده فى الأزمات، وساعده فى التنمية. وتحية لأبطال القوات المسلحة والشرطة وأجهزة الدولة السيادية الذين وفروا لمصر نعمة الأمن والأمان وحموا الشعب من شرور الإرهاب وبراثنه.

إن تجربة مصر فى البناء والتنمية خلال السنوات الــ 10 الماضية هى ملحمة وطنية ونتاج رؤية وتخطيط وعمل قائد وطنى مخلص، والتفاف شعب عظيم، وجهد مضنى ومنظومة عمل ناجحة شاركت فيها كافة مؤسسات الدولة وفى مقدمتها القوات المسلحة والحكومة والشرطة والبرلمان وكافة أجهزة الدولة.

لقد وضع الرئيس السيسي منذ اليوم الأول طموحات كبيرة. قال إن برامجى هى رؤى سقفها عنان السماء، لن التزم إلا بالخيال الواسع، أحلم بأن أجعل بلدى دولة عظيمة، وتحقيق قفزات كبيرة.
فكانت النتائج على قدر الطموحات والعمل والإخلاص. لقد استطاعت مصر فى سنوات قليلة أن تبنى دولة جديدة، وأن تنتقل من حالة يرثى لها، توقفت فيها عجلة الإنتاج، وتراجع النمو، وزادت البطالة، ونقصت السلع الأساسية، وغاب الأمن.. إلى حالة من الاستقرار، اقتصاد ينمو، مشروعات قومية كبيرة، خريطة عمرانية جديدة، استعادة المصداقية والقوة والمكانة، دوائر جديدة فى العلاقات الخارجية، وجعل مصر أقوى دولة عسكريا فى المنطقة.

كان الرئيس السيسي أول رئيس يضع رؤية مستقبلية، تستهدف أن تكون مصر من أكبر 30 اقتصادًا فى العالم ويتضاعف فيها دخول الأفراد 3 أضعاف ويتم مضاعفة مساحة المعمور من 7٪ إلى 14٪ أى ما تم تنميته على مدار آلاف السنين نسعى لبناء مثله حتى عام 2030 من خلال المشروعات القومية العملاقة فى كل أنحاء مصر والجيل الجديد من المدن الذكية وعاصمة إدارية جديدة تعادل مساحتها ثلاثة أضعاف مساحة باريس ومشروع الريف المصرى لاستصلاح وزراعة المليون ونصف مليون فدان ومشروع الدلتا الجديدة لزراعة واستصلاح أكثر من 2 مليون فدان. رأينا الرئيس وهو ينشىء أمام كل محافظة محافظة جديدة، وأمام كل مدينة مدينة جديدة، وجدنا دمياط ودمياط الجديدة المنصورة والمنصورة الجديدة سوهاج وسوهاج الجديدة.

كما أدخل الرئيس السيسي لمصر فكرًا جديدًا هو فكر القيمة المضافة العالية. فثروة الدول ليس فى مواردها وإنما فى كيفية استغلالها وتعظيمها للقيمة المضافة من هذه الموارد، فموقع قناة السويس الفريد يتم استغلاله لتتحول المنطقة إلى عاصمة اقتصادية جديدة لمصر ومركز للجذب الاستثمارى والصناعى العالمى، وموقع مصر يتم استغلاله لتصبح مركزًا لوجستيًا عالميًا من خلال تطوير الموانئ والبنية التحتية وشبكة طرق فتحت شرايين جديد للتنمية. والأراضى الصحراوية التى كان سعر المتر فيها 50 جنيهًا عندما خططت فى صورة مدن الجيل الرابع والخامس ارتفعت قيمتها كأراض  فقط بما يجاوز 10 تريليونات جنيه أضيفت للثروة القومية.

نجح الرئيس السيسي فى تحويل التحديات إلى فرص، نقص الكهرباء ومشكلة الطرق ومشكلة الموانئ ومشكلة الإسكان ونقص الغاز، تحولت إلى فرص. وأعاد للدولة قوتها ومصداقيتها، وثقة المستثمرين فيها وقام بترسيم حدودها البحرية فتدفقت الاستثمارات خاصة فى قطاع البترول، وتحولت مصر خلال سنوات قليلة من دولة مستوردة للغاز إلى دولة مصدرة له وأصبحت مركزًا إقليميًا لتداول الطاقة فى الشرق الأوسط ومن دولة لديها عجز كبير فى الكهرباء وتقطع الكهرباء يوميا بالساعات عن المنازل والمحال والمصانع إلى دولة مصدرة للكهرباء وننفذ مشروعات للربط الكهربائى لتصدير المزيد.

لقد مرت على مصر خلال السنوات الــ 10 الماضية أصعب التحديات: ثورتى 2011 و2013 وجائحة كورونا والحرب الأوكرانية الروسية، لكن بفضل جهود الرئيس السيسى وسياساته الاستباقية وإصلاحاته الجريئة استطاع الاقتصاد المصرى الصمود بل وتحقيق نمو مرتفع.

هذا النمو المرتفع هو مفتاح حل مشاكل مصر الاقتصادية، هو الذى يخلق الوظائف، ويزيد الدخول، ويوفر موارد حقيقية لتمويل الموازنة والإنفاق الاجتماعى، وهو الذى يزيد الصادرات فيقل عجز الميزان التجارى ويحدث استقرار فى سعر الصرف.

إن الأرقام لا تجامل أحدًا وتعكس حجم الطفرة والجهد الذى بذل خلال السنوات الــ 9 الماضية فقد تضاعف معدل النمو 4 أضعاف من 1.8٪ عام 2013 إلى 6.6٪ قبل الأزمة الحالية وتضاعف الناتج المحلى مما لا يتجاوز 1.7 تريليون جنيه عام 2013 إلى ما يجاوز 11.8 تريليون جنيه مستهدف فى موازنة 2023/2024 وتضاعف الاحتياطى النقدى من أقل من 14 مليار دولار إلى أكثر من 34.5 مليار دولار. وتضاعفت إيرادات قناة السويس من 5 مليارات دولار إلى أكثر من 9.4 مليار سنويا.

وفر هذا النمو المرتفع للدولة الموارد المالية للارتقاء بجودة حياة المواطن ومكنها من القضاء على قوائم الانتظار فى العمليات الجراحية وبدء تطبيق التأمين الصحى الشامل والقضاء على فيروس سى، ومضاعفة مخصصات التعليم والصحة والأجور، وإطلاق أكبر مشروع اجتماعى فى العالم هو حياة كريمة، وبناء مئات الآلاف من السكن الاجتماعى ومتوسط الدخل، والقضاء على العشوائيات وإنشاء الآلاف من الكيلو مترات من الطرق والمحاور التى خلقت شرايين جديدة للتنمية.

إن حزمة الإجراءات التى تنفذها الحكومة حاليا بتوجيه من الرئيس السيسى والتى تستهدف إفساح المجال أكثر أمام القطاع الخاص وتحسين مناخ الأعمال، وتوطين الصناعة وتشجيع الزراعة، وزيادة الصادرات، ودعم التحول للاقتصاد الأخضر والطاقة المتجددة، وتنمية رأس المال البشرى، وإدماج مصر فى الثورة الصناعية الرابعة. ستسهم فى جذب مزيد من الاستثمارات وإعطاء مزيد من قوة الدفع لمزيد من النمو المرتفع والانطلاق الاقتصادى والذى سيؤدى خلال سنوات قليلة إلى نقل مصر إلى مكانة جديدة وتمكينها من محاكاة معجزة النمور الآسيوية فى التنمية السريعة والمستدامة.

صحيح إن حجم التحديات الحالية غير مسبوق، لكن لنا فى نجاح ثورة 30 يونيو مثل وعبرة بأن إرادة الشعوب لا تقهر وأن مصر كما تغلبت على الأزمات السابقة قادرة بحكمة قيادتها وقوة مؤسساتها والتفاف شعبها على اجتياز المرحلة الصعبة التى تمر بها العالم لتستكمل مسيرتها نحو النمو والتنمية والحياة الكريمة.