«بيت الروبى».. الكوميديا وهوس «السوشيال ميديا»

طارق الشناوى - صفاء الليثى - نور
طارق الشناوى - صفاء الليثى - نور

إيثار حمدى

من خلال خلطة فنية جاذبة استطاع صناع العمل فى فيلم «بيت الروبى» تقديم كل ما يحتاج إليه عشاق سينما الصيف، فالمخرج بيتر ميمى تمكن من تقديم كادرات تشبه اللوحات المرسومة عن طريق استغلال المناظر الطبيعية الخلابة فى المنطقة الساحلية، إلى جانب تمزيق الصور نفسها وهو يستعرض مدى الصخب والزحام وسلوك التطفل فى شوارع القاهرة. 

أما أبطال العمل فقد تنافسوا فى تفجير الضحكات داخل قاعة العرض بداية من النجمين كريم عبد العزيز وكريم محمود عبد العزيز وانتهاء بالطفلين معاذ جاد ولوسيندا، ومرورا بالفنانة نور ومحمد عبد الرحمن وتارا عماد، والنجم شريف دسوقى، من خلال كوميديا الموقف، بعيدا عن الأفورة والاستظراف والتصنع.


وبرع محمد الدباح وريم القماش كاتبا القصة والسيناريو والحوار فى طرح قضية السوشيال ميديا بكل ما تحمله من إيجابيات وسلبيات على المجتمع من خلال دراما كوميدية تشعر المشاهد بأنه أحد أبطال العمل لأنها تمس حياته الشخصية، بينما جاءت الموسيقى التصويرية مناسبة تماما لأجواء العمل، ليخرج الجمهور من قاعة العرض مستمتعا بكل تفصيلة فى الفيلم. 

وفى هذا الملف، تستضيف صفحة أخبار السينما الناقدين الكبيرين طارق الشناوى وصفاء الليثى، ولكل منهما رؤية خاصة ومختلفة عن أول أفلام العيد «بيت الروبى».

طارق الشناوى: الواقع  يهزم  التوقع

أتصور أن هناك قدراً لا ينكر من الذكاء فى الطرح المبكر لفيلم (بيت الروبى) ليسبق باقى أفلام العيد التى استعدت لتنقض على (العيدية)، الفيلم لا ينطبق عليه توصيف سينما العيد بمعناه المباشر، التى تتكئ على الحدث الصاخب أو النكتة الصارخة أو المعركة الدموية، الأفلام الأخرى التى عرضت قبل 24 ساعة مثل (تاج) بطولة تامر حسنى ودينا الشربينى، و(البعبع) لأمير كرارة وياسمين صبرى، و(مستر أكس) لأحمد فهمى وهنا الزاهد، تستطيع أن تعتبرها سينما العيد ( كما يقول الكتالوج)..

اسم كريم عبد العزيز جاذب للجمهور ولو أضفت إليه حالة البهجة التى بات يحققها تواجد كريم محمود عبد العزيز خاصة بعد فيلمه (من أجل زيكو) ستزداد جرعة الترقب، إلا أن الواقع الذى شاهدناه على الشاشة تضاءل كثيرا عن سقف التوقع..

المخرج بيتر ميمى واحد من أكثر أبناء جيله موهبة وأيضا غزارة، دائما لديه مشروع يعيش فيه على شاشتى  السينما أو التليفزيون، بيتر قارئ جيد للجمهور، كما أنه يقدم رؤية إخراجية عصرية، لديه مساحة مشتركة ومقننة مع المتفرج يتركها ليكمل هو الباقى، يجيد رسم الجو العام، وهكذا شاهدنا فى البداية أسرة الروبى، فى مدينة نائية على شاطئ البحر الأحمر، ساهم مدير التصوير حسين عسر وديكور أحمد فايز فى تأكيد أجواء العزلة، تبتعد نحو 300 كيلو متر عن القاهرة، تركيبة العائلة تصنع دائرة محكمة الإغلاق، الزوج كريم عبد العزيز وزوجته نور وطفلاهما، أعجبتنى الطفلة ( الكلبوظة)  لوسيندا سليمان، تملك طلة محببة وخفة ظل حافظ المخرج على تدفقها..

هذا البيت عاش فى سكون وبرودة رسمتها الإضاءة، عاد كريم محمود عبد العزيز من أوروبا، بعد أن تورط  فى خناقة كان يعمل حلاقا، ومعه زوجته تارا عماد، الفتاة  المهووسة بـ (السوشيال ميديا) التى تغتصب حق الإنسان فى الخصوصية، بينما تلك العائلة جدرانها  العزلة،  سور مرتفع لا تسمح لأحد بتسلقه، لم يجد السيناريو الذى كتبه محمد الدباح وريم القماش الكثير ليقدموه، سوى مجرد البحث عن مشكلة وعقدة مفتعلة للشخصيات الرئيسية لتفسر العزلة، اتهام كاذب لنور التى تؤدى دور طبيبة أمراض نساء وتوليد، وحاول المخرج تقديم الشخصيات الثانوية أشبه بضيوف شرف مثل شريف الدسوقى وحاتم صلاح ومصطفى أبو سريع.

استوقفنى محمد عبد الرحمن سارق الضحك الذى يرشق فى القلب، والممثلة الجديدة سارة عبد الرحمن بفطرية أدائها..

السيناريو نقطة الضعف الرئيسية، افتقد المنطق الذى يجعلك تقتنع بفكرة العزلة القائم عليها الفيلم، بين الحين والآخر كان يبحث عن مشاهد صاخبة لجذب الجمهور، خناقة فى الشارع أو أغنية فى فرح، الهدف الذى يتناوله الفيلم وهو حق الإنسان الطبيعى فى أن يعيش حياته كما يريد، إلا أن الشريط السينمائى، الذى يتحدث عن الخصوصية، يفتقد أساسا فى بناء السيناريو  المنطق والخصوصية!!.

صفاء الليثى: الشعب ينتصر لذوقه

البداية مع الأب النجم المحبوب واسمه إبراهيم مع أسرته فى منزل صحراوى، ثم يصل الأخ الأصغر إيهاب بسمات البطل الشعبى كوافير حريمى لا يكف عن الدعابات، منها أنه مستعد أن يطلق زوجته الحامل فى ابنه فورا إذا تسببت فى التفريق بينه وبين أخيه..

لا يخبرنا الفيلم عن عمل الأخ الكبير ولكننا كمشاهدين مقتنعين تماما بأنه رب الأسرة الحامى لأسرته زوجته وابنه وابنته والراعى لأخيه الأصغر وسنعرف لاحقا لماذا اختار أن يرحل بهم بعيدا عن العاصمة لندخل فى قضية الفيلم عن سطوة وسائل التواصل الاجتماعى على حياة الناس، تركيبة الشخصيات تناسب نجمنا كريم عبد العزيز وأخاه الأصغر كريم محمود عبد العزيز وفى بطولة تالية الفنانة نور وتارا عماد اتساقا مع اعتقاد جازم عند المنتجين بأن جمهور السينما فى الفترات الأخيرة أغلبهم من الشباب مع قلة من الفتيات والأمهات، وهذه الشرائح لاحظت وجودها فعليا أثناء مشاهدتى للفيلم قبل بداية العيد، أسر من أم وابنتيها ومجموعة من الشباب، تجاوبوا مع التعليقات الخارجة والسوقية من رواد السوشيال ميديا وتحققت لهم متعة الاستمتاع بكوميديا ناتجة عن الإيحاءات، ينتقد صناع الفيلم هذه الأجواء وخاصة فى المنطقة العشوائية التى يعيش فيها ابن العم، ومع قدر من المتعة واللزمات التى تثير الضحكات مع ابن العم الذى يقوم بدوره الكوميديان محمد عبد الرحمن..

توليفة الفيلم المصرى لم تتغير منذ سنوات وتتناول شخصيات متوسطة تعمل فى مهن يحترمها المزاج العام ومهن أخرى تكون مصدرا للإضحاك منها وعليها، يعود الأخ الكبير بعد خطبة عصماء عرضت دون قصد ليحقق نجومية ويتعاون مع محركى الترندات ويحقق نجاحات لأخيه ولابنه مع زملاء النادى والمدرسة وتعود مشكلة الزوجة للظهور فتفسد كل شيء مرة أخرى، ولكن الأخ الكبير يقرر أنهم سيواجهون مصائرهم ويتحدون هذا العقل الجمعى الذى يتسلى بمصائر الآخرين سلبا وإيجابا..

المخرج بيتر ميمى كان موفقا مع اختياره للكريمين، كل فى دور يتسق مع صورتهما لدى جمهور وأحب كلا منهما منفردا فى أدوار سابقة..

بعض المشاهد اتسمت بالسخونة وأضفت صفة الشعبية على الفيلم منها مشهد فرح ابن العم وإجبار إبراهيم على الغناء فيرتجل أغنية يتجاوب معها الجمهور، مثل هذه الأجواء الشعبية تقدم فى الأفلام بنماذج درامية بعيدا عن الحارة الحقيقية التى عبر عنها مخرجونا الكبار فى أفلامنا الخالدة.   

 

نور: «بيت الروبى» رسالة مهمة بعيدًا عن دور الواعظ

بعد سنوات عجاف عادت الأضواء تتلمس طريقها إلى موهبة الفنانه نور وتستقر هناك فوق وجهها الملائكى، ويبدو أن نور أرادت تعويض ما فاتها فى السنوات الخمس الأخيرة منذ تجربتها الباهتة فى «تصبح على خير» فى 2017، فبدأ طريق عودتها بـ «نبيل الجميل» برفقة هنيدى عيد الفطر الماضى والتى أزيلت لافتاتة الدعائية مؤخرا لتستبدل بلافتات فيلمها الجديد «بيت الروبى»، فى رسالة واضحة مفادها.. أن نور قد عادت.

عن «بيت الروبى» قالت: منذ البداية تحمست للفيلم كثيرا وخاصة أنه يوجه رسالة مهمة جدا بطريقة لايت وخفيفة ومن خلال مواقف كوميدية بعيدا عن النصح والإرشاد والدور الأبوى بالشكل المباشر، فلا يصح أن نملى على المشاهد ما يجب وما لا يجب فعله، فنحن نطرح القضايا على الطاولة ونرصد أبعادها ومن ثم نترك القرار الأخير للمشاهد، وأعتقد أن رسالة فيلم «بيت الروبى» واضحة تماما وهى المشكلات الكارثية الناتجة عن السوشيال ميديا وما يمكن أن تؤدى إليه، فى حين أننا لم نتجاهل ما قدمته من إفادة للبشرية.

وتضيف: أقدم دور دكتورة إيمان الروبى التى تعمل طبيبة نساء وتوليد ومتزوجها من ابن عمها الأنفلونسر إبراهيم  الروبى الذى يجسد دوره الفنان كريم عبد العزيز ومن ثم تدور الأحداث فى قالب كوميدى خفيف نتيجة أننى «إيمان» لا أستطيع الإنجاب ومن هنا تحدث مشكلات عائلية تنتج عنها مفارقات كوميدية كبيرة.

وتقول نور انتظرت فرصة أن يجمعنى عمل مع كريم عبد العزيز، فذلك كان حلما كبيرا لى وتم تحقيقه كما أن العمل مع المخرج بيتر ميمى ممتع للغاية فهو مخرج كبير ولا يرهق الممثل، فهو يعرف ما يريده من كل ممثل ويستطيع إخراجه بسهولة وهنا تكمن عبقريته، فعلى مدار أيام تصوير الفيلم كان الذهاب للوكيشن أمرا محببا لكل الممثلين فكواليس الفيلم كانت رائعة للغاية وتتسم بالبهجة.. وعن تسريب إحدى صورها وهى متورمة الوجه من كواليس  فيلم «نبيل الجميل» قالت: الأمر أرعب أطفالى ووالدتى كثيرا حيث إن قصة الفيلم كانت تدور حول عمليات التجميل التى تجرى دون داعٍ طبى.

إقرأ أيضاً|أمير كرارة يصل إلى العرض الخاص لفيلمه الجديد «البعبع»