بقلم: علاء عبد الكريم
وكأن مصر في عيدها الشعبي والتاريخي، والمصريون يردون لها هويتها بعد أن اختطفها مجموعة من اللصوص 365 يومًا، الشعب المصري عاشق دائمًا للحرية والحضارة، حدد موعدًا لعصابة المقطم ومندوبها في القصر الجمهوري، قالوا لهم، «موعدكم يوم 30 يونيه، وأن يأتي المصريون من كل فج وناحية ضحى».
وكان وعي الشعب العظيم هو البطل في هذه الثورة الشعبية ضد الجماعة الفاشيست.
خرجت مصر كلها، رجالها ونساؤها، شبابها وفتياتها وأطفالها، يستعدون للغناء للحرية، الهواء المصري جاء في هذا اليوم محملاً بالنسمات الرطيبة، النيل والسماء والشمس الساطعة كلها ألوان مصرية لا ينازعها فيها أحد.
نعم أمة كانت ولا تزال في عيد..،
ونحن نستقبل الذكرى العاشرة لثورة 30 يونيو ستبقى هذه الذكرى علامة محفورة فى ذاكرة التاريخ، هي ذكرى إنقاذ وطن، طوق النجاة، الذى أنقذ البلاد من حكم جماعة أقصى ما تديره هو مكتب لصوصية لا دولة بحجم مصر، العصابة التي تسلمت يومًا ما بعد ثورة يوليومن الضباط الأحرار أسلحة وذخائر للمشاركة في معركة القناة، لكن باعت هذه الأسلحة لحساب قياداتها واشتروا بها أطيانًا وشيدوا عمارات، وأنها عكس ما تردد بأنها قامت من أجل الدعوة وحماية الدين، عصابة تحالفت مع الشيوعية والصهيونية وتجسست لصالح إسرائيل وأمدتها بمعلومات عن حكومة مصر وقتها، عصابة فككت مفاصل الدولة وضربت بأمنها القومي عرض الحائط، لتأتي من بعدها ثورة30 يونيو تبني وطنًا وتصحح مسارًا، ثورة مجيدة سطرت خلالها جماهير أمتنا بإرادتها الأبية ملحمة خالدة للحفاظ على هوية الوطن، وبرهنت بعزيمتها القوية على أن الشعوب حينما تنتفض لا يمكن أن يقف أمامها عائق».
هؤلاء الذين تظاهروا بالدين وهم في حقيقة الأمر ارتكبوا أمورًا قبيحة؛ استطاعوا وعلى مر تاريخهم الأسود أن يضللوا كثيرًا من الشبان ويضموهم إلى صفوفهم؛ فكانوا يلجأون في أول الأمر إلى الشباب ذوي النوازع الدينية الشديدة يخدعونهم بالشعارات الدينية، ورويدًا رويدًا يبدأ نشاط التنظيم يستوعبهم في الجلسات والمناقشات ثم في النشاط الرياضي بقصد اللياقة البدنية ثم في التدريب على السلاح دون أن يعلموا ما الهدف مما يفعلونه، وفجأة وبعد التلقين والتدريب وحمل السلاح تبدأ مكاشفة الواحد منهم بأجزاء من خطط إرهابية – وليس بخطط كاملة –تقنعهم بأن الهدف هو نصرة الدين ضد مجتمع الجاهلية، وعند هذا الحد يكون الشاب منهم قد تورط إلى القدر الذي لا يمكنه من التراجع، ووصل الحال في بعض الظروف إلى أن قادة التنظيم الإرهابي هدد من أراد التراجع بالقتل؛ من القصص المثيرة التي وردت في إحدى القضايا الإرهابية؛ قصة الطبيب الشاب الذي استطاع قرامطة القرن العشرين التضليل به وجره إلى طريقهم الإجرامي، فقد حضر إليه ذات يوم أحد أصدقائه وراح يناقشه في أمور الدين، وسأله: ما رأيك في القراءة في التفسيرات للقرآن من كتاب في ظلال القرآن»؟، فرد عليه الطبيب: «لا مانع عندي»، فطلب منه صديقه الإخواني أن يشتري أحد أجزاء الكتاب من إحدى المكتبات وقال له: سأخبرك فيما بعد بالخطوة التالية للقراءة والتثقيف الديني.
لم يدرِ الطبيب الشاب الذي تخرج حديثًا في كلية الطب جامعة القاهرة أن تلك الخطوة كانت الأولى في سلسلة الخطوات التي شدت به إلى الهاوية التي تردى فيها مع العصابة الإرهابية فلم يستطع منها خلاصًا؛ وتعدد اللقاء بين الطبيب الشاب وبين صديقه الإرهابي الذي قال له ذات يوم: هناك شخص يدعى «عليًا» يسكن في شارع شبرا وهو متدين ويعرف الله حق المعرفة، ويريد أن يتعرف بك، فهل لديك مانع؟!
وعندما لم يُبد الطبيب اعتراضًا صحبه صديقه إلى مسكن «علي» هذا وهناك وجه الطبيب بالحقيقة التي خُفيت عنه طويلًا إذ قال له علي: ما رأيك في أن تنضم إلينا؟، إن هناك أشياء كثيرة أكبر من عملية القراءة التي تقوم بها.
وتساءل الطبيب: وما هي الخطوة التالية؟!
أن نثبت الإسلام على الأرض!
كيف؟!
لا يمكن إلا أن يكون ذلك بالتفجير والاغتيالات والإرهاب!
لكن هذا قد يعرضنا للاعتقال وربما الموت شنقا.
أليس إيمانك بالقوة الكافية لأن تبيع نفسك في سبيل الله، إنك لابد أن تقوي إيمانك حتى تفهم الآية التي تقول «إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة»، وعندها ستصبح قادرًا على تحمل أعباء الجهاد في سبيل الله.
ووقع الطبيب الشاب ضحية التضليل بالدين والقرآن وأصبح عضوًا عاملًا بالتنظيم الإرهابي الخطير، ليس هو وحده ولكن تمكن التنظيم ومنذ أن انشأه الههم المعبود البنا الساعاتي، من التأثير على كثير من الشبان من خريجي كليات الطب والصيدلة والهندسة والعلوم والتجارة، ضللهم بالخديعة والكذب؛ فعندما سئل أحدهم وهو خريج كلية العلوم؛ «كيف تم التأثير عليك إلى هذا الحد»؟، أجاب قائلًا: «شعرت أن التعصب جعلني في حالة تنويم مغناطيسي»!
ويكشف لنا أيضًا هذا الحوار الذي دار بين المحقق وأحد المتهمين في قضية تنظيم 65، سأله المحقق: على من سيقع الضرر من نسف المنشآت ومن هذه القنابل الحارقة في دور السينما والمسارح والشوارع؟
وجاء رد الإرهابي؛ «بأن الهدف كان إحداث أكبر كمية من الفوضى والذعر!
فسأله المحقق: وما الهدف من هذا؟!
وكان الرد الشاذ: حتى يقوم مجتمع الإسلام!
وسكت الإرهابي حين قال المحقق: «هل يمكن أن يقوم مجتمع الإسلام بنسف المصانع والقناطر ومحطات الكهرباء والمطارات وإلقاء القنابل الحارقة في دور السينما والمسارح والشوارع وبالقتل وسفك الدماء».
وما أشبه اليوم بالبارحة في تاريخهم الملطخ بالدماء؛ فما رآه الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ وقبل أن يمضي المعزول وجماعته عامًا واحدًا في حكم مصر كان مرعبًا ومخيفا؛ رأى الرجل جسد مصر كسيحًا، نيران الإرهاب بدأت تشتعل في كل مكان، خططت الإرهابية لإشعال الفتن وتقسيم المجتمع إلى نصفين، مسلم وكافر، شرعوا في توطين تنظيم القاعدة و»داعش» في سيناء ومنحهم بطاقات رقم قومي مصرية، مرة باسم أنصار بيت المقدس ومرة باسم جيش مصر الحر أو الجيش البديل أو ولاية سيناء، تسربت الكتب القديمة التي تتحدث عن فقه الأتباع والطاعة إلى الشارع، انعدمت النظرة الشاملة لمستقبل مصر سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا،ويكفي أن مجلة «فورين بوليسي» الأميركية نشرت تقريرًا رصد الأخطاء الكبرى للمعزول التي دمرت مصر في 369 يومًا، وأشارت إلى تحمله المسؤولية الكاملة.
كان الرجل حاد البصر.. نافذ البصيرة، أحرص على مصر من حرصه على الحياة، فلم تكن ثورة المصريين في يونيه إلا للدفاع عن حقهم في التفكير والتعبير، والتصدي للأدعياء الذين نصبوا أنفسهم حماة للدين والفضيلة، من جماعة لم يشغلها وهم يحكمون مصر؛ سوى أوهام الخلافة، رغم أنه من يقرأ متمعنًا في تاريخ الخلافة الإسلامية التي امتدت طوال الحكم الأموي والعباسي، وما تلاها حتى الخلافة العثمانية؛ يرى أنها لم تكن في الواقع إلا حكم سياسي متدثر برداء الدين، يُخفي خلفه إرهابًا وتسلطًا وإجرامًا لا حدود له.
وصدر قرار المصريين، بالخروج الأبدي للخونة؛ بحثًا عن الأمن والأمان والاستقرار، والقضاء على العصابات الإرهابية وتحقيق التنمية الشاملة في كل المجالات، وأن تعود لمصر مكانتها الريادية عربيًا وأفريقيًا ودوليًا، وهو ما حدث بالفعل؛ فرأينا استراتيجية طويلة المدى تتماشى مع أهداف التنمية المستدامة، خصصت الدولة المليارات للقضاء على العشوائيات ونقل سكانها إلى الأسمرات 1 و2 و3، وأهالينا والمحروسة وروضة السيدة وبشاير الخير وغيرها.
وأطلق الرئيس السيسي في يناير 2019، مبادرة حياة كريمة، لتوفير جودة الحياة للفئات الأكثر احتياجًا، وتحسين مستوى المعيشة لملايين المصريين، رأينا الإنجازات تتحقق ووفقًا لرؤية مصر 2030، في مجالات الصحة، والتعليم، والحماية الاجتماعية والكهرباء، وامتدت المشروعات العملاقة في كل ربوع مصر، ورأينا مئات المشروعات التنموية، التي جعلت من أرض الفيروز مدعاة للفخر والإعجاب.
وما كان يتحقق هذا الاستقرار والتنمية إلا بتضحيات رجال القوات المسلحة والشرطة، نعم نقولها وبملء الفم مدوية؛ أن الأمن والأمان الذي تشهده مصر حاليًا كان ثمنه دماء وأرواح وتضحيات الشهداء.