ثورة يونيو.. المواجهة والبناء

علاء‭ ‬عبد‭ ‬الكريم
علاء‭ ‬عبد‭ ‬الكريم

بقلمعلاء‭ ‬عبد‭ ‬الكريم

  وكأن‭ ‬مصر‭ ‬في‭ ‬عيدها‭ ‬الشعبي‭ ‬والتاريخي،‭ ‬والمصريون‭ ‬يردون‭ ‬لها‭ ‬هويتها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اختطفها‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬اللصوص‭ ‬365‭ ‬يومًا،‭ ‬الشعب‭ ‬المصري‭ ‬عاشق‭ ‬دائمًا‭ ‬للحرية‭ ‬والحضارة،‭ ‬حدد‭ ‬موعدًا‭ ‬لعصابة‭ ‬المقطم‭ ‬ومندوبها‭ ‬في‭ ‬القصر‭ ‬الجمهوري،‭ ‬قالوا‭ ‬لهم،‭ ‬‮«‬موعدكم‭ ‬يوم‭ ‬30‭ ‬يونيه،‭ ‬وأن‭ ‬يأتي‭ ‬المصريون‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬فج‭ ‬وناحية‭ ‬ضحى‮»‬‭.‬

وكان‭ ‬وعي‭ ‬الشعب‭ ‬العظيم‭ ‬هو‭ ‬البطل‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الثورة‭ ‬الشعبية‭ ‬ضد‭ ‬الجماعة‭ ‬الفاشيست‭.‬

خرجت‭ ‬مصر‭ ‬كلها،‭ ‬رجالها‭ ‬ونساؤها،‭ ‬شبابها‭ ‬وفتياتها‭ ‬وأطفالها،‭ ‬يستعدون‭ ‬للغناء‭ ‬للحرية،‭ ‬الهواء‭ ‬المصري‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬محملاً‭ ‬بالنسمات‭ ‬الرطيبة،‭ ‬النيل‭ ‬والسماء‭ ‬والشمس‭ ‬الساطعة‭ ‬كلها‭ ‬ألوان‭ ‬مصرية‭ ‬لا‭ ‬ينازعها‭ ‬فيها‭ ‬أحد‭.‬

نعم‭ ‬أمة‭ ‬كانت‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬في‭ ‬عيد‭..‬،

ونحن‭ ‬نستقبل‭ ‬الذكرى‭ ‬العاشرة‭ ‬لثورة‭ ‬30‭ ‬يونيو‭ ‬ستبقى‭ ‬هذه‭ ‬الذكرى‭ ‬علامة‭ ‬محفورة‭ ‬فى‭ ‬ذاكرة‭ ‬التاريخ،‭ ‬هي‭ ‬ذكرى‭ ‬إنقاذ‭ ‬وطن،‭ ‬طوق‭ ‬النجاة،‭ ‬الذى‭ ‬أنقذ‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬حكم‭ ‬جماعة‭ ‬أقصى‭ ‬ما‭ ‬تديره‭ ‬هو‭ ‬مكتب‭ ‬لصوصية‭ ‬لا‭ ‬دولة‭ ‬بحجم‭ ‬مصر،‭ ‬العصابة‭ ‬التي‭ ‬تسلمت‭ ‬يومًا‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬ثورة‭ ‬يوليومن‭ ‬الضباط‭ ‬الأحرار‭ ‬أسلحة‭ ‬وذخائر‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬القناة،‭ ‬لكن‭ ‬باعت‭ ‬هذه‭ ‬الأسلحة‭ ‬لحساب‭ ‬قياداتها‭ ‬واشتروا‭ ‬بها‭ ‬أطيانًا‭ ‬وشيدوا‭ ‬عمارات،‭ ‬وأنها‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬تردد‭ ‬بأنها‭ ‬قامت‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الدعوة‭ ‬وحماية‭ ‬الدين،‭ ‬عصابة‭ ‬تحالفت‭ ‬مع‭ ‬الشيوعية‭ ‬والصهيونية‭ ‬وتجسست‭ ‬لصالح‭ ‬إسرائيل‭ ‬وأمدتها‭ ‬بمعلومات‭ ‬عن‭ ‬حكومة‭ ‬مصر‭ ‬وقتها،‭ ‬عصابة‭ ‬فككت‭ ‬مفاصل‭ ‬الدولة‭ ‬وضربت‭ ‬بأمنها‭ ‬القومي‭ ‬عرض‭ ‬الحائط،‭ ‬لتأتي‭ ‬من‭ ‬بعدها‭ ‬ثورة30‭ ‬يونيو‭ ‬تبني‭ ‬وطنًا‭ ‬وتصحح‭ ‬مسارًا،‭ ‬ثورة‭ ‬مجيدة‭ ‬سطرت‭ ‬خلالها‭ ‬جماهير‭ ‬أمتنا‭ ‬بإرادتها‭ ‬الأبية‭ ‬ملحمة‭ ‬خالدة‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬هوية‭ ‬الوطن،‭ ‬وبرهنت‭ ‬بعزيمتها‭ ‬القوية‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الشعوب‭ ‬حينما‭ ‬تنتفض‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقف‭ ‬أمامها‭ ‬عائق‮»‬‭.‬

هؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬تظاهروا‭ ‬بالدين‭ ‬وهم‭ ‬في‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬ارتكبوا‭ ‬أمورًا‭ ‬قبيحة؛‭ ‬استطاعوا‭ ‬وعلى‭ ‬مر‭ ‬تاريخهم‭ ‬الأسود‭ ‬أن‭ ‬يضللوا‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬الشبان‭ ‬ويضموهم‭ ‬إلى‭ ‬صفوفهم؛‭ ‬فكانوا‭ ‬يلجأون‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬الشباب‭ ‬ذوي‭ ‬النوازع‭ ‬الدينية‭ ‬الشديدة‭ ‬يخدعونهم‭ ‬بالشعارات‭ ‬الدينية،‭ ‬ورويدًا‭ ‬رويدًا‭ ‬يبدأ‭ ‬نشاط‭ ‬التنظيم‭ ‬يستوعبهم‭ ‬في‭ ‬الجلسات‭ ‬والمناقشات‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬النشاط‭ ‬الرياضي‭ ‬بقصد‭ ‬اللياقة‭ ‬البدنية‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬التدريب‭ ‬على‭ ‬السلاح‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يعلموا‭ ‬ما‭ ‬الهدف‭ ‬مما‭ ‬يفعلونه،‭ ‬وفجأة‭ ‬وبعد‭ ‬التلقين‭ ‬والتدريب‭ ‬وحمل‭ ‬السلاح‭ ‬تبدأ‭ ‬مكاشفة‭ ‬الواحد‭ ‬منهم‭ ‬بأجزاء‭ ‬من‭ ‬خطط‭ ‬إرهابية‭ ‬‭ ‬وليس‭ ‬بخطط‭ ‬كاملة‭ ‬تقنعهم‭ ‬بأن‭ ‬الهدف‭ ‬هو‭ ‬نصرة‭ ‬الدين‭ ‬ضد‭ ‬مجتمع‭ ‬الجاهلية،‭ ‬وعند‭ ‬هذا‭ ‬الحد‭ ‬يكون‭ ‬الشاب‭ ‬منهم‭ ‬قد‭ ‬تورط‭ ‬إلى‭ ‬القدر‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمكنه‭ ‬من‭ ‬التراجع،‭ ‬ووصل‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الظروف‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬قادة‭ ‬التنظيم‭ ‬الإرهابي‭ ‬هدد‭ ‬من‭ ‬أراد‭ ‬التراجع‭ ‬بالقتل؛‭ ‬من‭ ‬القصص‭ ‬المثيرة‭ ‬التي‭ ‬وردت‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬القضايا‭ ‬الإرهابية؛‭ ‬قصة‭ ‬الطبيب‭ ‬الشاب‭ ‬الذي‭ ‬استطاع‭ ‬قرامطة‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬التضليل‭ ‬به‭ ‬وجره‭ ‬إلى‭ ‬طريقهم‭ ‬الإجرامي،‭ ‬فقد‭ ‬حضر‭ ‬إليه‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬أحد‭ ‬أصدقائه‭ ‬وراح‭ ‬يناقشه‭ ‬في‭ ‬أمور‭ ‬الدين،‭ ‬وسأله‭:‬‭ ‬ما‭ ‬رأيك‭ ‬في‭ ‬القراءة‭ ‬في‭ ‬التفسيرات‭ ‬للقرآن‭ ‬من‭ ‬كتاب‭ ‬في‭ ‬ظلال‭ ‬القرآن‮»‬؟،‭ ‬فرد‭ ‬عليه‭ ‬الطبيب‭:‬‭ ‬‮«‬لا‭ ‬مانع‭ ‬عندي‮»‬،‭ ‬فطلب‭ ‬منه‭ ‬صديقه‭ ‬الإخواني‭ ‬أن‭ ‬يشتري‭ ‬أحد‭ ‬أجزاء‭ ‬الكتاب‭ ‬من‭ ‬إحدى‭ ‬المكتبات‭ ‬وقال‭ ‬له‭:‬‭ ‬سأخبرك‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬بالخطوة‭ ‬التالية‭ ‬للقراءة‭ ‬والتثقيف‭ ‬الديني‭.‬

لم‭ ‬يدرِ‭ ‬الطبيب‭ ‬الشاب‭ ‬الذي‭ ‬تخرج‭ ‬حديثًا‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬الطب‭ ‬جامعة‭ ‬القاهرة‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الخطوة‭ ‬كانت‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬سلسلة‭ ‬الخطوات‭ ‬التي‭ ‬شدت‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬الهاوية‭ ‬التي‭ ‬تردى‭ ‬فيها‭ ‬مع‭ ‬العصابة‭ ‬الإرهابية‭ ‬فلم‭ ‬يستطع‭ ‬منها‭ ‬خلاصًا؛‭ ‬وتعدد‭ ‬اللقاء‭ ‬بين‭ ‬الطبيب‭ ‬الشاب‭ ‬وبين‭ ‬صديقه‭ ‬الإرهابي‭ ‬الذي‭ ‬قال‭ ‬له‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭:‬‭ ‬هناك‭ ‬شخص‭ ‬يدعى‭ ‬‮«‬عليًا‮»‬‭ ‬يسكن‭ ‬في‭ ‬شارع‭ ‬شبرا‭ ‬وهو‭ ‬متدين‭ ‬ويعرف‭ ‬الله‭ ‬حق‭ ‬المعرفة،‭ ‬ويريد‭ ‬أن‭ ‬يتعرف‭ ‬بك،‭ ‬فهل‭ ‬لديك‭ ‬مانع؟‭!‬

وعندما‭ ‬لم‭ ‬يُبد‭ ‬الطبيب‭ ‬اعتراضًا‭ ‬صحبه‭ ‬صديقه‭ ‬إلى‭ ‬مسكن‭ ‬‮«‬علي‮»‬‭ ‬هذا‭ ‬وهناك‭ ‬وجه‭ ‬الطبيب‭ ‬بالحقيقة‭ ‬التي‭ ‬خُفيت‭ ‬عنه‭ ‬طويلًا‭ ‬إذ‭ ‬قال‭ ‬له‭ ‬علي‭:‬‭ ‬ما‭ ‬رأيك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تنضم‭ ‬إلينا؟،‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬أشياء‭ ‬كثيرة‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬عملية‭ ‬القراءة‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭.‬

وتساءل‭ ‬الطبيب‭:‬‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬الخطوة‭ ‬التالية؟‭!‬

أن‭ ‬نثبت‭ ‬الإسلام‭ ‬على‭ ‬الأرض‭!‬

كيف؟‭!‬

لا‭ ‬يمكن‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬بالتفجير‭ ‬والاغتيالات‭ ‬والإرهاب‭!‬

لكن‭ ‬هذا‭ ‬قد‭ ‬يعرضنا‭ ‬للاعتقال‭ ‬وربما‭ ‬الموت‭ ‬شنقا‭.‬

أليس‭ ‬إيمانك‭ ‬بالقوة‭ ‬الكافية‭ ‬لأن‭ ‬تبيع‭ ‬نفسك‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬الله،‭ ‬إنك‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬تقوي‭ ‬إيمانك‭ ‬حتى‭ ‬تفهم‭ ‬الآية‭ ‬التي‭ ‬تقول‭ ‬‮«‬إن‭ ‬الله‭ ‬اشترى‭ ‬من‭ ‬المؤمنين‭ ‬أنفسهم‭ ‬وأموالهم‭ ‬بأن‭ ‬لهم‭ ‬الجنة‮»‬،‭ ‬وعندها‭ ‬ستصبح‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬تحمل‭ ‬أعباء‭ ‬الجهاد‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬الله‭.‬

ووقع‭ ‬الطبيب‭ ‬الشاب‭ ‬ضحية‭ ‬التضليل‭ ‬بالدين‭ ‬والقرآن‭ ‬وأصبح‭ ‬عضوًا‭ ‬عاملًا‭ ‬بالتنظيم‭ ‬الإرهابي‭ ‬الخطير،‭ ‬ليس‭ ‬هو‭ ‬وحده‭ ‬ولكن‭ ‬تمكن‭ ‬التنظيم‭ ‬ومنذ‭ ‬أن‭ ‬انشأه‭ ‬الههم‭ ‬المعبود‭ ‬البنا‭ ‬الساعاتي،‭ ‬من‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الشبان‭ ‬من‭ ‬خريجي‭ ‬كليات‭ ‬الطب‭ ‬والصيدلة‭ ‬والهندسة‭ ‬والعلوم‭ ‬والتجارة،‭ ‬ضللهم‭ ‬بالخديعة‭ ‬والكذب؛‭ ‬فعندما‭ ‬سئل‭ ‬أحدهم‭ ‬وهو‭ ‬خريج‭ ‬كلية‭ ‬العلوم؛‭ ‬‮«‬كيف‭ ‬تم‭ ‬التأثير‭ ‬عليك‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الحد‮»‬؟،‭ ‬أجاب‭ ‬قائلًا‭:‬‭ ‬‮«‬شعرت‭ ‬أن‭ ‬التعصب‭ ‬جعلني‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬تنويم‭ ‬مغناطيسي‮»‬‭!‬

ويكشف‭ ‬لنا‭ ‬أيضًا‭ ‬هذا‭ ‬الحوار‭ ‬الذي‭ ‬دار‭ ‬بين‭ ‬المحقق‭ ‬وأحد‭ ‬المتهمين‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬تنظيم‭ ‬65،‭ ‬سأله‭ ‬المحقق‭:‬‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬سيقع‭ ‬الضرر‭ ‬من‭ ‬نسف‭ ‬المنشآت‭ ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬القنابل‭ ‬الحارقة‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬السينما‭ ‬والمسارح‭ ‬والشوارع؟

وجاء‭ ‬رد‭ ‬الإرهابي؛‭ ‬‮«‬بأن‭ ‬الهدف‭ ‬كان‭ ‬إحداث‭ ‬أكبر‭ ‬كمية‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭ ‬والذعر‭!‬

فسأله‭ ‬المحقق‭:‬‭ ‬وما‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬هذا؟‭!‬

وكان‭ ‬الرد‭ ‬الشاذ‭:‬‭ ‬حتى‭ ‬يقوم‭ ‬مجتمع‭ ‬الإسلام‭!‬

وسكت‭ ‬الإرهابي‭ ‬حين‭ ‬قال‭ ‬المحقق‭:‬‭ ‬‮«‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬مجتمع‭ ‬الإسلام‭ ‬بنسف‭ ‬المصانع‭ ‬والقناطر‭ ‬ومحطات‭ ‬الكهرباء‭ ‬والمطارات‭ ‬وإلقاء‭ ‬القنابل‭ ‬الحارقة‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬السينما‭ ‬والمسارح‭ ‬والشوارع‭ ‬وبالقتل‭ ‬وسفك‭ ‬الدماء‮»‬‭.‬

وما‭ ‬أشبه‭ ‬اليوم‭ ‬بالبارحة‭ ‬في‭ ‬تاريخهم‭ ‬الملطخ‭ ‬بالدماء؛‭ ‬فما‭ ‬رآه‭ ‬الرئيس‭ ‬عبد‭ ‬الفتاح‭ ‬السيسي؛‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬يمضي‭ ‬المعزول‭ ‬وجماعته‭ ‬عامًا‭ ‬واحدًا‭ ‬في‭ ‬حكم‭ ‬مصر‭ ‬كان‭ ‬مرعبًا‭ ‬ومخيفا؛‭ ‬رأى‭ ‬الرجل‭ ‬جسد‭ ‬مصر‭ ‬كسيحًا،‭ ‬نيران‭ ‬الإرهاب‭ ‬بدأت‭ ‬تشتعل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬خططت‭ ‬الإرهابية‭ ‬لإشعال‭ ‬الفتن‭ ‬وتقسيم‭ ‬المجتمع‭ ‬إلى‭ ‬نصفين،‭ ‬مسلم‭ ‬وكافر،‭ ‬شرعوا‭ ‬في‭ ‬توطين‭ ‬تنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬و‮»‬داعش‮»‬‭ ‬في‭ ‬سيناء‭ ‬ومنحهم‭ ‬بطاقات‭ ‬رقم‭ ‬قومي‭ ‬مصرية،‭ ‬مرة‭ ‬باسم‭ ‬أنصار‭ ‬بيت‭ ‬المقدس‭ ‬ومرة‭ ‬باسم‭ ‬جيش‭ ‬مصر‭ ‬الحر‭ ‬أو‭ ‬الجيش‭ ‬البديل‭ ‬أو‭ ‬ولاية‭ ‬سيناء،‭ ‬تسربت‭ ‬الكتب‭ ‬القديمة‭ ‬التي‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬فقه‭ ‬الأتباع‭ ‬والطاعة‭ ‬إلى‭ ‬الشارع،‭ ‬انعدمت‭ ‬النظرة‭ ‬الشاملة‭ ‬لمستقبل‭ ‬مصر‭ ‬سياسيًا‭ ‬واقتصاديًا‭ ‬واجتماعيًا،ويكفي‭ ‬أن‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬‭ ‬الأميركية‭ ‬نشرت‭ ‬تقريرًا‭ ‬رصد‭ ‬الأخطاء‭ ‬الكبرى‭ ‬للمعزول‭ ‬التي‭ ‬دمرت‭ ‬مصر‭ ‬في‭ ‬369‭ ‬يومًا،‭ ‬وأشارت‭ ‬إلى‭ ‬تحمله‭ ‬المسؤولية‭ ‬الكاملة‭.‬

كان‭ ‬الرجل‭ ‬حاد‭ ‬البصر‭.. ‬نافذ‭ ‬البصيرة،‭ ‬أحرص‭ ‬على‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬حرصه‭ ‬على‭ ‬الحياة،‭ ‬فلم‭ ‬تكن‭ ‬ثورة‭ ‬المصريين‭ ‬في‭ ‬يونيه‭ ‬إلا‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقهم‭ ‬في‭ ‬التفكير‭ ‬والتعبير،‭ ‬والتصدي‭ ‬للأدعياء‭ ‬الذين‭ ‬نصبوا‭ ‬أنفسهم‭ ‬حماة‭ ‬للدين‭ ‬والفضيلة،‭ ‬من‭ ‬جماعة‭ ‬لم‭ ‬يشغلها‭ ‬وهم‭ ‬يحكمون‭ ‬مصر؛‭ ‬سوى‭ ‬أوهام‭ ‬الخلافة،‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬يقرأ‭ ‬متمعنًا‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الخلافة‭ ‬الإسلامية‭ ‬التي‭ ‬امتدت‭ ‬طوال‭ ‬الحكم‭ ‬الأموي‭ ‬والعباسي،‭ ‬وما‭ ‬تلاها‭ ‬حتى‭ ‬الخلافة‭ ‬العثمانية؛‭ ‬يرى‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬إلا‭ ‬حكم‭ ‬سياسي‭ ‬متدثر‭ ‬برداء‭ ‬الدين،‭ ‬يُخفي‭ ‬خلفه‭ ‬إرهابًا‭ ‬وتسلطًا‭ ‬وإجرامًا‭ ‬لا‭ ‬حدود‭ ‬له‭. ‬

وصدر‭ ‬قرار‭ ‬المصريين،‭ ‬بالخروج‭ ‬الأبدي‭ ‬للخونة؛‭ ‬بحثًا‭ ‬عن‭ ‬الأمن‭ ‬والأمان‭ ‬والاستقرار،‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬العصابات‭ ‬الإرهابية‭ ‬وتحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬الشاملة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات،‭ ‬وأن‭ ‬تعود‭ ‬لمصر‭ ‬مكانتها‭ ‬الريادية‭ ‬عربيًا‭ ‬وأفريقيًا‭ ‬ودوليًا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬بالفعل؛‭ ‬فرأينا‭ ‬استراتيجية‭ ‬طويلة‭ ‬المدى‭ ‬تتماشى‭ ‬مع‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬خصصت‭ ‬الدولة‭ ‬المليارات‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬العشوائيات‭ ‬ونقل‭ ‬سكانها‭ ‬إلى‭ ‬الأسمرات‭ ‬1‭ ‬و2‭ ‬و3،‭ ‬وأهالينا‭ ‬والمحروسة‭ ‬وروضة‭ ‬السيدة‭ ‬وبشاير‭ ‬الخير‭ ‬وغيرها‭.‬

وأطلق‭ ‬الرئيس‭ ‬السيسي‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2019،‭ ‬مبادرة‭ ‬حياة‭ ‬كريمة،‭ ‬لتوفير‭ ‬جودة‭ ‬الحياة‭ ‬للفئات‭ ‬الأكثر‭ ‬احتياجًا،‭ ‬وتحسين‭ ‬مستوى‭ ‬المعيشة‭ ‬لملايين‭ ‬المصريين،‭ ‬رأينا‭ ‬الإنجازات‭ ‬تتحقق‭ ‬ووفقًا‭ ‬لرؤية‭ ‬مصر‭ ‬2030،‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الصحة،‭ ‬والتعليم،‭ ‬والحماية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والكهرباء،‭ ‬وامتدت‭ ‬المشروعات‭ ‬العملاقة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ربوع‭ ‬مصر،‭ ‬ورأينا‭ ‬مئات‭ ‬المشروعات‭ ‬التنموية،‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬أرض‭ ‬الفيروز‭ ‬مدعاة‭ ‬للفخر‭ ‬والإعجاب‭.‬

وما‭ ‬كان‭ ‬يتحقق‭ ‬هذا‭ ‬الاستقرار‭ ‬والتنمية‭ ‬إلا‭ ‬بتضحيات‭ ‬رجال‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬والشرطة،‭ ‬نعم‭ ‬نقولها‭ ‬وبملء‭ ‬الفم‭ ‬مدوية؛‭ ‬أن‭ ‬الأمن‭ ‬والأمان‭ ‬الذي‭ ‬تشهده‭ ‬مصر‭ ‬حاليًا‭ ‬كان‭ ‬ثمنه‭ ‬دماء‭ ‬وأرواح‭ ‬وتضحيات‭ ‬الشهداء‭.‬


 

;