روح الشهيد.. حصن الوطن وصانعة الإنجازات

الفريق أول عبدالمنعم رياض
الفريق أول عبدالمنعم رياض

 كيف استطاعت الأمة المصرية على مدار 7 آلاف سنة الحفاظ على وجودها وثابت حدودها دون تغير؟.. سؤال دائمًا يطرحه العالم والاجابة على هذا السؤال مرهقة للكثير، فقد يلجأون إلى علوم التاريخ والجغرافيا ومراجع السياسة، حتى يجيبوا على هذا السؤال، لكن التفسير واضح لقوة تلك الأمة الممتدة جذورها لآلاف السنوات، ولكن دائمًا تكون الاجابات على السؤال غير مكتملة لانها تفتقد الجزء الحقيقة وهو روح الأمة المصرية، نعم روح الأمة هنا هو؛ روح الشهيد.

الشهيد هو البطل الخارق الذى يتخذ القرار فى أقل من ثانية ليقدم روحه فداء الوطن من أجل الحفاظ عليه، قد يبدو انه إنسان عادي ولكن عندما تسمع أو ترى بطولاته تكتشف أنك أمام إنسان غير عادى وفى لحظة مصيرية بكل ما تحمله الكلمة من معان.. إنسان خرج وسط الكثير يشبههم فى الملامح، ولكن اختار بنفسه أن ينتقل إلى جانب الشهداء الذين قدموا أنفسهم فداءً للوطن دون لحظة خوف أو تردد.

فالتاريخ المصري مليئ بحكايات الأبطال الذين اختاروا طريق الشهادة قابلوا العدو ببسالة لا مثيل لها، نجحوا فى تدمير العدو ولحظة الاستشهاد لم يفكروا سوى فى الوطن، هذا ما تخبرنا به سير الشهداء الأبطال، وقد تكون تلك الروح العجيبة المدفونه داخل نفوس ملايين المصريين هي السر الحقيقي فى ثبات الوطن الغالى وقدرتها على عبور المحن ومواجهة الاعداء طوال التاريخ الطويل.

أومن بأن ثبات الوطن تاريخيًا وجغرافيًا ما هو إلا نتيجة لتضحيات رجال اختاروا الوطن واثقين بأن أرواحهم غالية ولكن ثمن الوطن دماء شرفاء مثلهم.. رجال يختارون الوطن لحظة الخطر وينسى الأبطال أسرهم الصغيرة، بيوتهم، ينسون طموحاتهم، فقط ما يتذكرونه هو الوطن.

الوطن يختار رجاله يصطفيهم فى اللحظات الفارقة، ودائمًا يكون هؤلاء الرجال مثالا للتضحية والقوة والشجاعة يمنحون الأمة المصرية الاستقرار.. الأمان.. الوجود، وتكون أرواحهم الغالية ثمن الحياة في النهاية.

القدر جعل وطننا الغالي مستهدفا، على مر التاريخ دائمًا ما يوجد الطامعين الحالمين بالسطو على أرض مصر، معتقدين أن الأمة المصرية قابلة للسيطرة عليها، ولكن دائمًا ما يواجهون المخلصين أبطال الأرض وحماة العرض؛ ففى التاريخ الحديث تعرضت مصر لحربين الأول كان العدو فيه واضحًا ينتظر على حدودنا استغل غفوة ليتمكن من احتلال سيناء الغالية، اعتقد العدو وقتها أن الأمر سهل السيطرة عليه، بدأ فى تأمين نفسه وبناء الخط المنيع غير القابل للعبور، ولكن كالعادة مع كل أزمة حقيقية يظهر حراس الوطن المخلصين وأبرزهم كان الشهيد البطل الفريق أول عبدالمنعم رياض الذى أختار الذهاب وسط الحرب دون الجلوس فى مكتبه، اختار القتال وانطلق إلي الخطوط الأمامية للجبهة وسط جنوده وضباطه يواجه عدو الأمة ببسالة، ضاربًا بعرض الحائط كل بديهيات التنظيمات العسكرية، ليحصل فى النهاية على ما يريد "الشهادة" ويعطي مثلاً حقيقيًا لروح الأبطال ومعني القيادة ويظل علامة مهمة فى ذاكرة التاريخ ويعطي درسًا لكل من يريد الحفاظ على الأمة المصرية، لتمر سنوات معدودة ويتحقق العبور والانتصار والحفاظ على الوطن الغالي بـ روح أبطالنا الشهداء.

العدو من الداخل

مرت السنوات ليظهر عدو أخر ولكن تلك المرة من الداخل نجح فى بداية الأمر بخداع عدد من المصريين، تسلل حتى وصل للحكم، اعتقدوا بأن تنظيمهم الإرهابي سيحكم البلاد لعقود طويلة ولن يستطيع أحد أن ينتصر عليهم، بدأ مرشدهم وأعضاء مكتب التنظيم "الجماعة الاخوانية الإرهابية" بمحاولات السيطرة على البلاد والتصرف فى أرضها كعزبة مملوكة لهم، نسوا أو تناسوا أن للوطن هوية تحميه وأمة قادرة على مواجهة كل أشكال العدوان، مرت الأيام وسقط النقاب وظهر وجههم الحقيقي للشعب العظيم، وفى أقل من عام انتفض أبناء الأمة المصرية وواجه التنظيم الإخوانى الارهابي، وبدأت مطالبات الرحيل، العناد قادهم للجنون وقرروا أن يقفوا أمام رغبة الشعب المصري معتقدين أن أجهزة الدولة ستنفذ ما يريدون، وتناسوا أن رجالنا من القوات المسلحة والشرطة هم أبناء الأمة المصرية، فكانت النتيجة توحد كل صفوف الأمة المصرية، وتنجح الهوية المصرية فى إعادة الوطن من أهل الخراب والظلام.

لم يجد هؤلاء المجرمون سوى الاعمال الإرهابية التخريبية، فكانت أعمالهم القبيحة هي تفجير الكنائس وحرق المساجد واستهداف رجال الشرطة فى سيناء وتفجير الأكمنة الشرطية داخل البلاد، معتقدين أن ما يفعلونه سيكون طريق العودة، ولكن الحقيقة كانت أن ما فعلوه كان بداية النهاية لتنظيم إرهابي عريق في الإجرام.

كالعادة ظهر رجال الوطن الأبطال الذين يختارون الوطن دون التفكير فى أي شيء، فما كان من أعمالهم إلا زيادة الإصرار على الحفاظ على الوطن الغالي.

دارت الحرب وظهرت روح الشهيد، روح الأمة المصرية، وقف الأبطال بكل بسالة وشجاعة يواجهون إرهابهم، واجه أبطالنا رصاص الغدر بصدورهم وقلوبهم التى لا تعرف إلا الوطنية وحب تراب مصر، النيران التى يشعلونها تأتى يد الأبطال القوية لتخمد نيران حقدهم وتلاحقهم وتسدد لهم ضربات قاسمة.

انتهت الحرب بانتصار الروح الوطنية، وعاد الوطن الغالى من يد أهل الخراب ولكن خلال تلك المعركة التى قدم خلالها الرجال المخلصين أرواحهم للوطن، حكايات أبطالنا تحتاج لمجلدات لتسرد بطولاتهم وكيف نجحوا فى التصدي لقوى الشر والخراب، من منا لا يتذكر البطل الشهيد العقيد أحمد المنسي ورفاقه من الجنود والضباط وبطولاتهم من أجل الحفاظ على الوطن، من منا لا يتذكر الشهيد البطل العقيد محمد مبروك الذى قاد حرب المعلومة أمام جماعة الدم، من منا لا يتذكر بطولات رجال القوات المسلحة والعملية الشاملة وتطهير سيناء من الإرهاب، من لا يتذكر بطولات رجال الشرطة المصرية وحماية أرواح المواطنين وبيوتنا، هم يسهرون ونحن عيوننا تنام ملء الجفون.

اليوم وبعد 10 سنوات من ثورة يونيو، عاد الأمان فى الشوارع، وعادت سيناء تستقبل قوافل التنمية الحقيقية، فعندما تشرق شمس كل يوم جديد وتشعر بالأمل والكرامة والطمأنينة تذكر أن أبطالنا الشهداء الذين دفعوا حياتهم ثمنا حتى نشعر بالأمان ونعيش دون الخوف على أنفسنا أو أبنائنا من جرائم الإرهاب.. فاليوم الأمن الذي نعيشه ثمنه أرواح الشهداء.

اقرأ أيضًا : عشر سنوات على الثلاثين من يونيو


 

;