السفير د. مزهر الدوري يكتب: في ضوء تمرد مجموعة «فاغنر» الروسية.. المليشيات المسلحة ومخاطر وجودها

 أ.د مزهر الدوري - سفير سابق
أ.د مزهر الدوري - سفير سابق

بقلم أ.د مزهر الدوري - سفير سابق

ما يجري في روسيا اليوم بعد تمرد (بريگوجين قائد مجموعة ڤاگنر) يجعلنا نبحث في أسباب تمرد هذه المجموعه على الحكومة الروسيه فمعلوم أن قائدها خريج سجون اجرامية حكم عليه في ثمانينات القرن الماضي قضى من محكوميته تسع سنوات واعفي من بقية المده بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وعمل  بعدعام١٩٩٢ في مطاعم (بطرس بورغ) ثم انشأ شركة خاصة للاطعمة فيها  تجهيز مؤسسات الجيش الروسي الغذائية وقد استفاد من تعرفه على الرئيس بوتين عندما كان نائب عمدة بطرس بورغ  وبعدها في بعد عام ١٩٩١ ثم استخدمه طباخا خاصا له في الكرملين في عام ٢٠٠٠  .


أنشأ شركة أمنية لاحقا و(بالتأكيد أنها كانت بعلم بوتن الذي توطدت صداقته به ) وظاهرها أنها مستقلة ليس لها علاقة بالجيش والمؤوسسات الامنية والرسمية الروسيه وقد ضمت مقاتلين سابقين  من الجيش والاجهزه الامنية الروسية  وكان لها دور كبير في دعم الجيش الروسي في احتلاله لشبه جزيرة القرم عام٢٠١٤ وقد لعبت دورا كبيرا  في سوريا  في في التصدي ودحر وذبح المعارضين للنظام بشار الاسد بل ساهم (بريگوجين) نفسه في القتل والذبح ثم توسعت ليكون لها دور في ليبيا والسودان وافريقيا .


في بدأ العملية الخاصة كلف بوتين (قوات فاگنر) بمهام قتالية في جبهة الحرب الروسية الاوكرانية وعزز قواته بسجناء ومجرمين اطلقت السلطات الرسمية الروسيه  سراحهم مقابل انضمامهم لقوات (فاگنر)وتسلحت هذه القوات بكل انواع الاسلحة من دروع ودبابات واسلحة خفيفة وثقيلة وصاروخية وطائرات مقاتله مختلفة بما فيها المسيرة واصبح تعدادها بعشرات الالاف  وقيل انها بلغت خمسين الفا واعطت لمنتسبيها مكافأت مغرية  كبيرة وامتيازات فاقت امتيازات الجيش الروسي ونجحت  في احتلال (باخموت) المحصنة بعد ستة شهور ومواقع اخرى ولقد نشب خلاف بين (شويغو وزير الدفاع ورئيس الاركان فاليري غراسيموف) من جهة وقيادة الجيش الروسي ورئيس مجموعة (فاغنر و بريغوجين) من جهة اخرى تفاقت هذه الخلافات بمبررات بان وزارة الدفاع الروسية امتنعت عن تزويدهم بالسلاح والعتاد في معركة (بالمونت) وبحكم ماحققته من انجازات عسكرية وانتصارات على الجيش الاوكراني في ساحة عملها  وتعاظم قوتها واستحقاقاتها باعتقاد قائدها مضافا لذلك تحول الخلاف بين قائد قوات فاغنر ووزير الدفاع ورئيس أركان الجيوش الروسيه الى خلاف وعداء شخصي عقّد الامر وادى الى تمرد (فاغنر) فاحتلت مقاطعة روستوف الاستراتيجيه ومقر القيادة العسكرية الجنوبية ومدينة (فارونيتش) وتقدمت ارتالها الى موسكو بل تضاعف هدفها الى  الاعلان عن هدفها بتغيير الرئيس بوتين والقيادة العسكرية .


إلا أن  مبادرة رئيس بلاروسيا (لوكوشنكو ) حليف بوتن وصديق (بريگوجين) انهى التمرد وعادت (فاغنر ) إلى قواعدها .

إن تبعات هذا الحدث المهم لن تمر بسهولة وستحتاج الى تنازلات من الطرفين تمليها طبيعة الحرب الدائرة بين روسيا واوكرانيا وثرواتها الان (سنستعرضها في مقال  لاحقا.).


إن إنشاء مليشيات مسلحة في الدول الى جانب القوات النظامية سيؤدي حتما الى الصدام  كما نرى الان في السودان عندما خرج  (حميدتي) قائد قوات التدخل السريع على قيادة الجيش السوداني متمردا فهو لايختلف كثيراً عن (بريكوجين) فقد منحه الرئيس البشير  رتبة رفيعه بدون خلفية مهنية سرعان مانقلب عليه والتحق بالانقلابيين وعندما شعر بقوتة وامكانيته وشعوره بان دور العسكري سينتهي بعد توقيع ميثاق السلام  تمرد على الجيش النظامي السوداني ونشب الصراع الدامي الذي يدفع الشعب السوداني ثمن هذا الصدام العسكري الذي دمر كل شئ ولم نعد نستيطع رؤية لنهايته قريبةً.


وفي ليبيا بعد إسقاط نظام العقيد القذافي رحمه الله ظهرت فية قوات ومليشيات متعددة لازال الصراع بينها قائما. وفي لبنان  مليشيا(حسن نصرالله )المهيمنه على مقاليد البلد.

وفي اليمن نجد مليشيا الحوثي بعد الانقلاب علي عبد الله صالح  خاضت صراعا حربياً مع الجيش الوطني اليمني  الى يومنا هذا.

وفي العراق نرى ان مليشيا الحشد الشيعي اضافة الى المليشيات الولائية لايران تمارس دورا مرشحا للصدام مع القوات النظامية والمؤسسات الامنية.

وفي سوريا تلعب المليشيات الموالية لايران دورا خطيرا لاتعرف نهايته وما سينتج عن نهايته.
 

أما إيران فقد شكل الخميني الحرس الثوري بعد استيلا ئه على السلطه عام١٩٧٩ وطورته وزودته بالاسلحة والمعدات بكل صنوفها المناظرة لصنوف الجيش الايراني الذي لم تعد له الكلمة الحاسمة في مستقبل ايران .


وبحكم كون إيران إلى يومنا هذا لم تتحول الى نظام  بدل (ثورة) حسب دستورها  وبقي هدفها (الثوري هذا)  هو تصدير(الثورة- التجربة الخمينية )الى الخارج لهذا ظلت  تساند وتدعم المليشيات الموالية لها  لنشر افكار وعقيدة الثورة الايرانية.


وفي الاتحاد السوفييتي فان الملشيات الشيوعية هي التي شكلت الجيش الاحمر بعد انشاء الاتحاد السوفييتي ١٩٢١ وكذا الصين والدول الشيوعية ودول اخرى.