فى الصميم

انتهى التمرد.. وبقيت الأزمة!!

جلال عارف
جلال عارف

كما كان تمرد قائد ميليشيات «فاجنر» على القيادة الروسية مفاجئاً للجميع داخل روسيا وخارجها. جاءت النهاية فى اليوم التالى بصورة مفاجئة أيضاً لتنسحب قوات «فاجنر» إلى قواعدها بعد أن وصلت إلى قرب موسكو وليذهب قائدها «بريجوجين»، إلى المنفى فى بيلا روسيا بعد أن تم إسقاط الاتهامات ضده وضد قواته والتى كانت تصل لحد الاتهام بالخيانة العظمى!


انتهى خطر الصدام المباشر بين الجيش الروسى وقوات «فاجنر» وتحدث الجانبان عن «حقن الدماء الروسية» لكن القصة لم تنته«!» وحجم الأضرار التى أحدثها تمرد «فاجنر» القصير يحتاج لوقت لكى يتم حسابها، وأسرار ما حدث بالفعل وما وراء الأحداث تترك العديد من الأسئلة التى تنتظر الإجابات حول صمت «بوتين»، الذى طال كثيرا على تجاوزات «بريجوجين»، وسكوت القيادة العسكرية الروسية على اتهامات قائد «فاجنر» لها وعلى زحف جنوده حتى أطراف العاصمة موسكو دون أى مقاومة.. علما بأن الزاحفين إلى موسكو لم يكن عددهم يزيد على خمسة آلاف جندى من جنود «فاجنر» لا يحتاج التعامل معهم إلا لدقائق!!


صحيح أن «بريجوجين»، أقر فى خطابه الأخير أن سبب تحرك هو قرار انهاء عمل شركة «فاجنر» بصورتها السابقة واخضاع أعضائها لسلطة الجيش اعتبارا من نهاية هذا الشهر، لكن يبقى تشكيكه فى سبب الحرب فى أوكرانيا وطعنه فى كفاءة القيادة العسكرية للحرب أمراً خطيراً حين يصدر من واحد كان بين الأقرب إلى «بوتين»، وكانت قواته هى الأكثر شراسة فى الحرب ضد أوكرانيا، وكان - حتى التمرد الأخير- صاحب شعبية كبيرة وطموح أكبر!!


وبالتأكيد.. سينتظر الروس اجابات تطمئنهم بعد ما حدث. فليس سهلا أن ترى العاصمة الروسية قوات متمردة على أبوابها، وليس بسيطا أن تعلن الطوارئ وتوضع المتاريس فى الشوارع، وأن يطل شبح الحرب الأهلية فى وقت تخوض فيه الدولة حربا فى أوكرانيا تواجه فيها حلف «الناتو»، الضرر وقع بالفعل، ولكن قد يكون للقصة وجهها الآخر. ففى الداخل الروسى لن تكون الأوضاع بعد التمرد كما كانت قبلها. وفى الخارج قد يستوعب الجميع الدرس، وقد تتغير الرهانات فى حرب أوكرانيا، وقد يكون تمرد «بريجوجين»، إنذارا يدفع الكل لمراجعة المواقف.. وتلك قصة أخرى تستحق الوقوف عندها.