أوروبا تخطط لتشديد إجراءات الهجرة

مهاجرون فى منطقة جرودنو البيلاروسية عند الحدود مع بولندا
مهاجرون فى منطقة جرودنو البيلاروسية عند الحدود مع بولندا

بعد مفاوضات صعبة انتهت بإقناع إيطاليا واليونان بالموافقة، وافقت 21 دولة أوروبية على صفقة ما بين الدول على الحدود الخارجية وتلك على الحدود الداخلية والتى ترفض استقبال المهاجرين الجدد. ولو وافق البرلمان الأوروبي، سيعطى القانون الجديد سلطة صلاحية فرض قيود واسعة لإرسال طالبى اللجوء غير المؤهلين من حيث أتوا، ويطلب من الدول التى ترفض استقبال أعداد كبيرة من المهاجرين أن تساهم فى صندوق مركزي. 


إلا أن مصداقية الخطة الأوروبية تعتمد على الدول الساحلية غير الأوروبية  مثل دول شمال افريقيا  لتقوم  بالحد من عمليات التهريب.


وبموجب الاتفاق، الذى ستتم مراجعته فى غضون عام ومن المقرر وضع اللمسات الأخيرة عليه قبل انتخابات الاتحاد الأوروبى عام 2024، ستكون كل دولة مسئولة عن عدد محدد من الأشخاص، لكن لن يكون عليها بالضرورة أن تستقبلهم.


وستتمكن البلدان، التى لا تريد استقبال المهاجرين غير الشرعيين واللاجئين الذين يصلون إلى الاتحاد الأوروبي، من مساعدة الدول المستضيفة بالمال، بتقديم نحو 20 ألف يورو عن كل طالب لجوء لم يتم نقله إلى مكان آخر..
وامتنعت عن التصويت أربع دول - بلغاريا ومالطا وليتوانيا وسلوفاكيا - وعارضت دولتان فقط الخطة - بولندا والمجر، اللتان رفضتا منذ فترة طويلة فكرة إعادة توطين المهاجرين وطالبى اللجوء إلى اراضيهما.
ومع ذلك، فإن تنازلات اللحظة الأخيرة قد استوفت مطالب بعض هؤلاء الرافضين، وفى النهاية، تمت الموافقة على الاتفاقية، التى تتطلب الأغلبية بدلاً من الدعم الجماعي، من قبل 21 من 27 دولة عضوا فى الاتحاد الأوروبي.
يُلزم الاتفاق الدول الأعضاء بإنشاء مراكز على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبى (على الحدود البرية وفى المطارات على وجه الخصوص) للمهاجرين الذين لديهم فرصة ضئيلة إحصائياً للحصول على اللجوء. كما يتضمن الاتفاق نقطة أخرى أثارت الجدل وهى إدخال الفحوصات الأولية لطالبى اللجوء، فى غضون أسابيع من وصولهم إلى التكتل، فى مرافق الاستقبال على حدود الاتحاد الأوروبى. ويرى المراقبون أن الإجراء الحدودى الذى تم الموافقة عليه يهدد بإحياء المشاهد المأساوية التى حدثت فى الجزر اليونانية قبل عدة سنوات من خلال إنشاء المزيد من معسكرات الهجرة المكتظة وغير الملائمة على أطراف الاتحاد الأوروبي.


  ولهذا نددت منظمة أوكسفام الخيرية برغبة الاتحاد الأوروبى باحتجاز طالبى اللجوء و»خصوصا الأطفال، فيما يشبه السجون على حدود أوروبا» أى عدم دخولهم أراضى الاتحاد الأوروبي، على أن تخضع طلبات لجوئهم لفحص سريع من أجل تسهيل عودتهم إلى بلدهم الأصلى أو بلد العبور لكن المفوضية الأوروبية تقول إن الإجراء له طابع إنسانى أكثر، لتجنيب المهاجرين البقاء فى حالات من عدم اليقين لفترات طويلة.

 
الاتفاق بين دول  الكتلة قد ينهى سنوات من الانقسام تعود لعام 2015 عندما وصل أكثر من مليون شخص، معظمهم من الفارين من الحرب فى سوريا، إلى الاتحاد الأوروبى عبر البحر المتوسط.
وتقول صحيفة بوليتيكو الأمريكية إنه من أجل تحقيق هذا الاتفاق، أعلن الاتحاد الأوروبى عن استعداده تقديم مساعدة مالية لتونس، دعما لاقتصادها المتعثر، شريطة وقف تدفق المهاجرين لأراضيها، حيث صرحت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، خلال زيارتها لتونس، الأسبوع قبل الماضي، برفقة جيورجيا ميلونى رئيسة وزراء إيطاليا، ورئيس وزراء هولندا، مارك روته، بأن الاتحاد مستعد لتقديم ما يصل إلى 900 مليون يورو لدعم الاقتصاد التونسي، بالإضافة إلى 150 مليون يورو إضافية ستقدم بشكل فورى لدعم الميزانية بمجرد «التوصل إلى الاتفاق المطلوب».


وأضافت فون دير لاين أن الاتحاد الأوروبى مستعد أيضًا لتزويد تونس بمبلغ 100 مليون يورو لإدارة الحدود والبحث والإنقاذ وإجراءات مكافحة التهريب وغيرها من المبادرات لمعالجة قضية الهجرة.


كما أعلن وزير الداخلية الفرنسى جيرالد دارمانان عن مساعدة بقيمة 26 مليون يورو لدعم تونس فى كبح الهجرة غير النظامية، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
يذكر أن كثيرا من المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء يصلون إلى تونس لمحاولة الهجرة عن طريق البحر إلى أوروبا، إذ تبعد بعض مناطق الساحل التونسى أقل من 150 كيلومتراً من جزيرة لامبيدوسا الإيطالية.


وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، قضى أو فُقد 2406 مهاجرين فى البحر الأبيض المتوسط عام 2022 ومنذ بداية عام 2023، تم تسجيل 1166 حالة وفاة واختفاء.
ويرفض الرئيس التونسى حتى الوقت الراهن الضغوط المرتبطة بملف الهجرة، حيث قال فى تصريحات إن «تونس لن تتحول إلى حارس حدود للدول الأوروبية».
ويشبه النموذج الحالى ما تم التوصل به مع تركيا عام 2016، والتى منحت من خلاله أنقرة 6 مليارات دولار للحد من اللاجئين المتجهين من سوريا إلى أوروبا. 


فقد وصل مليون شخص عبر تركيا واليونان أو ساروا من خلال دول البلقان. وأرهقت الموجة دول الشنجن، ذات الحدود المفتوحة وجعلت دول الاتحاد الأوروبى تتهم بعضها البعض. ودفعت إيطاليا المال وقدمت القوارب لخفر السواحل الليبيين فى محاولة لإعادة  المهاجرين من حيث أتوا.
سميحة شتا