د. هبة جمال الدين تكتب| السينما وكلمة السر مودي

د. هبة جمال الدين
د. هبة جمال الدين

صناعة السينما مصطلح محبب للنفس فمصطلح الصناعة يعكس منظومة تقنية منتجة داعمة للاقتصاد القومي، قادرة علي إحداث طفرة نوعية اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية وبالطبع بيئية. وما بالك لو كانت الصناعة سينمائية لتقوي الدور الخارجي والقوي الناعمة للدولة وتكفل النفاذ للخارج والتغلغل في المجتمعات، بشكل إيجابي مثمر إذا أحسن استغلالها وربما ستتحول لسلاح هدام إذا تركناها للمرتزقة من هادمي القيم والمجتمعات من أجل المكسب الرخيص والسريع دون تخطيط أو ما أصطلح علي تسميته بأفلام المقاولات.

هنا علينا التوقف التساؤل حول حال صناعة السينما المصرية التي كانت ثاني أكبر مصدر للدخل القومي بعد القطن المصري طويل التيلة في الماضي. فما هي نسبة مساهمتها في الدخل القومي المصري الآن؟ وما عدد فرص العمل التي توفرها؟ وما مدي قوتها الناعمة التي تمثلها الان خارج الحدود؟ وما هي دورها في تدعيم القوي الرمزية للدولة لتقوية الهوية والحس الوطني ومعالجة القضايا والمشكلات المجتمعية الملحة؟ وما مدي استثمارها لما تمتلكه الدولة من رأس مال بشري وبنية تحتية من استوديوهات ومواقع تصوير؟ وما دورها في الترويج السياحي لمصر عبر استعراض ما تمتلكه من ثروة تتجاوز ثلث أثار العالم ؟
 
قد تكون الإجابة صادمة، ولكن لن أقف أمامها كما لن أحاول معرفة أسباب التراجع التي تحتاج لدراسات عديدة لن يسعفنا الحال الان للتطرق إليها، ولكن علينا أن نطرح سبل الحل أو علي الأقل فرص لإعادة التطوير والإحياء التي تطرق الباب الآن.

فحل اللغز يكمن في ناريندرا مودي رئيس وزراء الهند الذي سيحل ضيفا علي مصر، فمصر الآن تترقب الزيارة وفرص الاستثمار الممكنة والتي وصفها السفير المصري بالهند السفير وائل محمد عوض " بزيارة ستغير قواعد اللعبة بالنسبة للعلاقات الثنائية. "

من هنا سأستلهم الحل الذي تحتاجه صناعة السينما المصرية، فالهند يمكنها إعادة إحياء روح صناعة السينما المصرية.

فلا يخفي عن القاصي والداني دور مدينة بوليود الهندية في السينما العالمية ، ففي عام ٢٠١٣ وحتي الان احتلت الهند المرتبة الأولي في إنتاج الأفلام سنويا تلتها نوليود نيجيريا وهوليود والصين. وتنتج سنويا ما يزيد عن ٢٠٠٠ فيلم بلغات مختلفة.

واستطاعت صناعة السينما الهندية بناء صرح اقتصادي كبير أسهم في إعادة إحياء الاقتصاد الهندي بعد الاحتلال البريطاني ١٩٤٧ ، وأصبحت السينما الهندية صناعة جاذبة للعمالة الهندية حيث تساهم بتوظيف ٢٣٪؜ من إجمالي سوق العمل بالهند، وبلغ نسبة عوائد السينما الهندية عام ٢٠١٨ حوالي ١٩.٨ مليار دولار . يضاف إلي ما تلعبه من قوي ناعمة كبيرة للهند منذ عشرات السنوات فمن منا لا يعرف النجم العالمي أميتبات شان وشاروخان وسوني دول وغيرهم من نجوم بوليود اللامعين. 

واستطاعت بنجاح باهر طرح الكثير من المشكلات المجتمعية ومحاولة حلها ومعالجتها، مروجة لأجمال المناطق الأثرية والطبيعية في الهند بل والثقافية والأكلات الشعبية.

النجاحات كثيرة للسينما الهندية الرائدة ، الأمر الذي يستلزم من المخطط طرح قضية صناعة السينما ضمن مجالات التعاون الأولي خلال زيارة رئيس الوزراء الهندي للقاهرة، فمصر تمتلك استديوهات تاريخية دخل مبني التليفزيون المصري وخارجه علاوة علي مدينة الإنتاج الإعلامي يضاف لميراثها من القوي الناعمة المؤثرة في المحيط العربي وخارجه في ضوء انتشار اللهجة واللكنة المصرية بين مختلف اقطار الدول العربية علاوة علي القوي البشرية والمناطق الأثرية التي تحتاج لإبراز جمالها عبر عمل درامي عالمي يمكن للسينما الهندية دعمه فلا يمنع من انتاج اعمال مشتركة، مع إقامة استثمارات مشتركة هندية مصرية لدعم صناعة السينما المصرية ؛ خاصة أننا مجتمعات شرقية نتفق في كثير من القيم كتقدير الاسرة والقيم والعادات والتقاليد ،  يضاف للتاريخ المصري الهند المشترك خلال حقبة نهرو عبد الناصر مما يمثل نقطة انطلاق جيدة بين الشعبين. 

إلا أنه علينا الانتباه من المحتوي فالسينما الهندية مع دورها الريادي ،ولكن هناك اختلاف فيما يقدم من نشر لبعض القيم المغايرة للسياق المصري كإيجار الارحام، ودعم التبني عبر الحدود ، والمواطن العالمي وخلافه علاوة علي القيم الدينية المغايرة وهنا من المهم تشكيل لجان فكرية لانتقاء اعمال تخدم السياق المصري ورؤية الدولة المصرية.

وفي الختام، فالهند حقا بلاد العجائب التي يمكنها تحقيق المعجزات في صناعة السينما المصرية ولكن عبر إدارة جيدة لتلك الفرصة تؤكد علي الهوية المصرية وتدعم القوي الناعمة المصرية وهي فرصة أيضا للهند للاستفادة مما تمتلكه مصر مقومات في البنية التحتية للسينما والبشرية والمقومات الطبيعية والاثرية علاوة علي التاريخية فكلانا فرصة للآخر في ضوء تعظيم المنفعة المتبادلة.