نوبة صحيان

مهنة جميلة تنقرض!

أحمد السرساوى
أحمد السرساوى

مهنة الخباز أو صانع الخبز.. اختفت أو تكاد من مصرنا المحروسة!

ولا أقصد هنا العامل الذى يقف خلف أو أمام ماكينة الخبز الآلى لمجرد رص الأرغفة داخلها، أو إخراجها منها، وإنما قصدت «فن صناعة الخبز» وتنوعه كما كنا فى مصر قبل 50 سنة أو يزيد!

فبالأمس شاهدت فيلمين تسجيليين شيقين عن صناعة الخبز أحدهما فى إيران، والثانى فى ألمانيا، والفيلمان لا رابط بينهما سوى أن كليهما حديث، وكليهما يتحدث عن صناعة الخبز يدويا فى ثقافتين مختلفتين تماما، كما اتفقا على الاحترام العميق لمهنة الخباز، واحترام أهلها للتقاليد، بجانب التنوع المثير للدهشة فى الأصناف، والإتقان الواضح للمنتج، وطريقة تداوله ووصوله للمستهلك.

وأنا من عشاق الخبز، وعند زيارتى لأى بلد فى اى مكان بالعالم.. تكون المخابز أحد أهم مقاصدي، للاستمتاع برؤية أصنافه، وتذوقه لحظة خروجه من الفرن، خاصة لو كانت أصنافا غير معروفة لدينا فى المحروسة.

وأنا أشاهد الفيلمين اللذين لم يستغرقا معا أكثر من 20 دقيقة.. تداعت أفكارى حول مستوى صناعة الخبز، وطريقة تداوله فى بلادنا، واكتشفت أن الصناعة تدهورت، والاهتمام بترقيتها وبالعاملين فيها يكاد لا يُذكر، وأننا اكتفينا بنوعين فقط من الخبز مع تنويعات بسيطة منهما، حتى الأسماء المصرية للخبز اختفت! 

بينما كنا فى مصر القديمة.. أصحاب تاريخ فى الصناعة ويكفى أننا أول من اكتشف الخميرة وأهميتها فى تحضير الخبز، وبالمتحف القومى للحضارة المصرية هناك خمسة أصناف على الأقل من الخبز، تم اكتشاف أرغفة منها، وُجدت بمقابر العمال، فى الأقصر، تعود للدولة الحديثة فى عصر الأسرة الـ19.
أتصور لو وضعت وزارات التموين والصناعة والزراعة أياديهم معا فى الأمر لخرجنا بنتيجة مهمة نحو تطوير المهنة والعاملين فيها، فضلا عن طريقة تداول الخبز، التى تحتاج لإعادة نظر سريعة وعاجلة.