حبيبة جمال
قضية غريبة من نوعها شهدتها محكمة زنانيرى؛ عندما تقدمت زوجة بدعوى قضائية لإثبات رجوعها إلى عصمة زوجها المتوفى بعد اكتشافها أنه طلقها منذ ١٦ عامًا، على الرغم من إنه كان يقيم معها تحت سقف واحد ويعاشرها معاشرة الأزواج حتى أنجبت منه طفلين خلال هذه المدة.. زوجة لا تشعر فقط بالصدمة نتيجة حرمانها وأطفالها من حقوقهم الشرعية في ميراث الزوج الراحل أو معاشه ولكنها تشعر أيضا بالخديعة بعد أن ظلت تعيش طوال هذه السنوات مع رجل طلقها دون أن تدري، ولم يكن أمامها سبيل سوى اللجوء إلى القضاء لإثبات أن زوجها أعادها إلى عصمته دون أن يثبت ذلك في الأوراق الرسمية بدليل أنه استخرج شهادات ميلاد لأطفاله بنفسه وهذا اعتراف من جانبه باستمرار الزواج وبنسب هؤلاء الأطفال.. القضية المثيرة تداولتها المحكمة عدة أشهر إلى أن حصلت على حكم بإثبات رجوعها إلى زوجها، لكنها الآن وعلى الرغم من هذا الحكم بالقضاء النافذ إلا أنها مازالت تواجه صعوبات مع أهل الزوج الراحل في منحها حقوقها ومع الجهات الحكومية في صرف المعاش المستحق لها ولأطفالها.. تفاصيل تلك القصة الغربية وكيف لعبت الصدفة دورًا في اكتشاف الحقيقة؟ تسردها السطور التالية.
الحكاية بدأت قبل ١٧ عامًا من الآن، عندما كان عمر بطلة قصتنا سناء ١٩ عاما؛حيث تقدم شاب للزواج منها، ومنذ الوهلة الأولى أعجبت به وشعرت بأنه سيكون زوج صالح وسند لها، وسيسعدها وتعيش معه في حب وسعادة، وبالفعل وافقت الأسرة على تلك الزيجة، وأقامت حفل زفاف كبير حضره الأهل والأصدقاء، وانتقلت سناء للعيش مع زوجها محمد في شقة بسيطة بمنطقة الزيتون، عاش الزوجان أيامًا من السعادة والحب، حياتهما كانت طبيعية جدا، محمد يخرج كل صباح لعمله في شركة الكهرباء، وسناء تقوم بدورها في المنزل، حتى رزقهما الله بأول طفل لهما، لم يكن هناك أي مشكلات أو خلافات بينهما، مرت السنوات وأنجبت سناء طفلا في ٢٠١٠م، وطفلة عام ٢٠١٢م، وكانت أسرة سعيدة مترابطة هادئة ولكن في غمضة عين تحولت حياة تلك الأسرة وانقلبت رأسًا على عقب، والبداية كانت عندما توفى محمد نتيجة أزمة قلبية، لتشعر سناء بالصدمة والحزن على فراق زوجها وحبيبها الذي عاشت معه ١٧ عاما في حب وفرحة، لم يمر على وفاة زوجها سوى ثلاثة أشهر فقط لتصاب سناء بصدمة أخرى وحزن أشد من حزنها على فراق زوجها ومفاجآت صادمة وغير متوقعة.. فماذا حدث؟!
بعدما توفى محمد ومر على وفاته ثلاثة أشهر، لم يكن أمام سناء سوى السير في إجراءات أخذ معاش زوجها، لكي تتمكن من تربية أولادها والإنفاق عليهم، فهي ليس لها أي مصدر رزق ولا تعمل؛ فلجأت للمحامية نهى الجندي لتقف بجوارها وتساعدها في الإجراءات القانونية حتى تتمكن من صرف المعاش.
قيد عائلي والصدمة
هنا داخل مكتب المحامية بدأ فصل جديد صعب ومحزن في حياة سناء، طلبت سناء مقابلة المحامية نهى الجندي، والتي رحبت بها وبدأت تسمع قصتها، فأخبرتها سناء أنها تريد صرف معاش زوجها المتوفى ولا تعرف ما هي الإجراءات أو الخطوات التي يجب أن تتبعها، فأخبرتها نهى أنها ستقف بجوارها، في البداية لابد من استخراج قيد عائلي وتحتاج في ذلك صورة من البطاقة وشهادة وفاة الزوج، وبالفعل في اليوم الثاني توجهت المحامية ومعها الزوجة للسجل المدني لاستخراج القيد العائلي وكانت الصدمة أن سناء مطلقة منذ ٢٠٠٧ أي منذ ١٦ عاما، لتبدأ سناء في الصراخ والعويل «مين دي... مين اللي مطلقة يا أستاذة... ده أنا أنجبت منه طفلين بعد ٢٠٠٧م.. طب وشهادات الميلاد دي ايه؟»، وكأن سناء في تلك اللحظة ستفقد عقلها وتصاب بالجنون، بدأت المحامية تطلب منها أن تهدأ حتى يفكران بهدوء ويصلان إلى حل، هنا جاء دور القانونية التي كانت لابد وأن تعرف نوع الطلاق هل غيابي أو عن طريق المحكمة لأن نوع الطلاق سيفرق كثيرا في تلك القصة.
استخرجت المحامية شهادة إشهاد طلاق والذي كان بالفعل أن الزوج طلقها غيابيا، حصلت نهى على اسم المأذون واتجهت إليه بصحبة سناء، وهناك أخبرهما المأذون أنه بالفعل الطلاق تم من خلاله، فسألته «هل الزوج ردها عندك؟، فأخبرها» لا»، في تلك اللحظة سرحت سناء بخيالها لـ ١٦ عاما؛ كان زوجها لم يترك البيت ولو للحظة.. لم يكن حتى هناك أي خلافات أو مشكلات بينهما، بدأت تسأل نفسها لماذا غدر بها؟، أي ذنب ارتكبته حتى يطلقها بهذا الشكل ويجعلها تعيش معه في خداع ١٦ عاما، لم تفق من شرودها سوى والدموع تسيل بغزارة من عينيها، والمأذون يسألها أين كان زوجك في خلال تلك المدة، فقالت» كان معي في البيت ولم يتركني لحظة حتى أنني أنجبت طفلين وهو بنفسه الذي استخرج لهما شهادتي الميلاد»، فأخبرها المأذون أن زواجها حلال شرعًا طالما أن الزوج لم يتركها وعاشرها معاشرة الأزواج وأنجب منها طفلين أي أنه بذلك ردها في فترة العدة، فـزواجها حلال في الدين ولكن أمام القانون هي مطلقة.
إثبات رجعة
تقابلنا مع المحامية نهى الجندي لنعرف تفاصيل أكثر، فقالت: «الحكاية باختصار زوجة اكتشفت بالصدفة أن زوجها طلقها منذ ١٦ عاما على الرغم من أنه كان يعيش معها وأنجبت منه طفلين، بعد معرفتي بحكايتها، كان لابد وأن أقف بجوارها حتى تحصل على حقها، لم يكن أمامنا سوى إقامة دعوى إثبات رجعة؛ لنثبت أن الزوج لم يطلقها وكان يعيش معها، واستندنا إلى شهادات الميلاد وشهادة الشهود، وعلى الرغم من أن أهل الزوج كانوا يشككون في ذلك وأنهم كانوا يعلمون جيدا بما فعله الزوج، لكن أنصفنا القضاء وحكم لها بإثبات الرجعة، ولكن إدارة المعاشات تنتظر حتى استخراج الحكم النهائي وستبدأ في صرف المعاش المستحق، والآن هناك قضية أخرى نسير فيها وهي الميراث، فالزوجة من حقها أن ترث في زوجها فهو لم يطلقها، حيث هناك مشكلات بينها وبين أهل الزوج في تلك الجزئية، ولدينا الأمل والثقة في القضاء أن ينصف تلك الزوجة المسكينة في هذه القضية أيضا».
اقرأ أيضًا : مفاجآت في مقتل طبيب الساحل .. المتهمون خططوا للحصول على فدية ٢٠٠ ألف دولار من أهله