إسلام عبدالخالق
الحقد.. كلمة واحدة تحمل أسوأ ما في النفس البشرية حين يغلبها الحسد وتسحقها الغيرة المكتومة ويكسوها الطمع؛ إذا سألت طفلًا ما عما يود أن يصبح عليه حين يكبر ستجد الإجابة في الغالب أنه يريد أن يُصبح طبيبًا، حتى عوام الناس يُبجلون أهل المعطف الأبيض ويصفونهم بملائكة الرحمة، لكن بين هؤلاء الملائكة كان المتهم، عاصيًا خبيسًا بنفسٍ شيطانية لا يُحب صاحبه ولا يرجو له الخير، ترصد له واستدرجه وقتله شر قتلة طمعًا فيما بحوزته من مال لا حق للجاني في قرشٍ منه.
داخل منزل بسيط في مدينة ههيا في محافظة الشرقية، وبين الجدران التي كانت شاهدة على حياة الطبيب المجني عليه وشبابه، وما أن تدلف قدماك إلى المكان حتى يستشعر قلبك كم الحزن الموجود على فراق الشاب، وهناك وسط الجالسين كانت والدته التي عادت للتو من الأراضي المقدسة حيث كانت تؤدي فريضة العمرة، بكت السيدة كثيرًا حتى تأثرت نياط قلبها قبل وجنتيها حزنًا على فراق فتاها، لكنها تماسكت لأجل أن تسرد لـ «أخبار الحوادث» كواليس جريمة الغدر بفقيدها وابنها الطبيب الشاب «أسامة توفيق صبور»، مؤكدةً على أن ابنها قد تعرض للغدر وقُتل شر قتلة ولاقى جزاءً لم يكن يستحقه.
تقول الأم المكلومة الحاجة زينب: إن ابنها كان محبوبًا من الناس: «كان دايمًا يحكي لي عن حب الناس له وإن في عيانين بيروحوا العيادة مخصوص علشان معاملته الطيبة وابتسامته لهم».
وتابعت: كنت بدور له على عروسة علشان أفرح به لكن زميله المتهم منه لله حرمني من ابني ونور عيني.. نفسي أعرف ابني عمل إيه له علشان يعمل فيه كل دا ويموته الموتة دي.
وأوضحت الأم المكلومة، خلال حديثها أن المتهم زميل ابنها الطبيب قد قتل نجلها وحفر في أرض عيادته ودفنه هناك وأهال عليه التراب، وبعد ذلك أخذ في لصق بلاطات الأرض لتبدو كما لو كانت لم تشهد جريمة أو دفن حتى يدفن جريمته معه، لكن الله فضح أمره، قبل أن تشير إلى أن نجلها تم تعيينه في معهد ناصر منذ 4 سنوات، وهناك تعرف على الطبيب المتهم بقتله، وأن المتهم كان من مدينة الزقازيق وكانا زميلين معًا حتى انتهت تلك العلاقة الطيبة بالغدر من جانب المتهم.
البداية كانت بتلقي الأجهزة الأمنية في مديرية أمن القاهرة، إخطارًا يفيد بشأن ما تبلغ لـ قسم شرطة الساحل بالعثور على جثة «أسامة توفيق صبور» طبيب عظام في معهد ناصر يبلغ من العمر 30 عامًا، مدفونًا داخل عيادة خاصة تتبع زميل له في منطقة الساحة في محافظة القاهرة، فيما تبين وجود شبهة جنائية في الوفاة، وبالعرض على النيابة العامة قررت تشريح الجثة لبيان سبب الوفاة، وطلبت تحريات المباحث حول الواقعة وملابساتها وكيفية حدوثها.
على الفور، تم تشكيل فريق بحث جنائي من رجال مباحث مديرية أمن القاهرة، بقيادة اللواء محمد عبدالله رئيس الإدارة العامة لمباحث مديرية أمن القاهرة، ونجحت جهود فريق البحث الجنائي في فك لغز جريمة طبيب الساحل بعد نحو يومين من العثور على جثمانه مدفونًا في عيادة زميله المتهم الرئيسي.
وكشفت تحريات رجال البحث الجنائي في الواقعة عن مقتل المجني عليه في الجريمة المعروفة بـ «طبيب الساحل» الدكتور أسامه توفيق صبور» صاحب الثلاثين ربيعًا المُتخصص في العظام بمعهد ناصر، على يد طبيب ومحامية وممرض، وأنه قد تم دفن جثمان المجني عليه في حفرة داخل عيادة عظام في منطقة الساحل شمال محافظة القاهرة.
وتوصلت تحريات المباحث الجنائية إلى أن المتهمين الثلاثة هم كلًا من: «أحمد ش» طبيب عظام زميل المجني عليه يبلغ من العمر اثنين وثلاثون عامًا، و«إيمان م ص» محامية تربطها علاقة عشق بالمتهم الأول وتبلغ من العمر ثمانية وعشرون عامًا، وأحمد ف» ممرض يبلغ من العمر سبعة وعشرون عامًا، فيما تمكن رجال البحث الجنائي في مديرية أمن القاهرة من إلقاء القبض على المتهمين؛ إذ نجحت مأمورية أمنية من رجال البحث الجنائي في قسم شرطة الساحل في إلقاء القبض على المتهم الرئيسي أثناء هروبه إلى محافظة المنيا، كما تم ضبط المتهمة الثانية المحامية والمتهم الثالث الممرض، وذلك بتهمة معاونة وتنفيذ الجريمة وقتل طبيب العظام المجني عليه.
خطة القتل
التحريات توصلت إلى أن المتهمين قد خططوا لأجل استدراج الطبيب المجني عليه الدكتور أسامة توفيق صبور بهدف ابتزاز أسرته وطلب فدية مالية اتفقوا فيما بينهم على أن تكون تلك الفدية التي يطلبونها مبلغ من المال قدره 200 ألف دولار أمريكي، لكن حالت الجريمة ووفاة المجني عليه دون تنفيذ مخطط الخطف وطلب الفدية.
وتبين من التحقيقات أن المتهمة الثانية كانت على علاقة عشق وزواج عرفي بالطبيب زميل المجني عليه (المتهم الرئيسي في الواقعة) وأن تلك العلاقة بدأت قبل نحو عامين ووعدها المتهم الأول بالزواج منها بشكل رسمي عندما تتحسن ظروف حالته المادية، إذ أخبرها بأنه يريد خطف أحد الأطباء (المجني عليه) لسابق علمه بحالته المادية المتيسرة وحيازته دولارات أمريكية، وذلك بهدف مساومة أسرته، فخططا سويًا لأجل جريمتهما وثالثهما الممرض المتهم.
التحريات واعترافات المتهمين دلت على أن المتهم الأول الدكتور «أحمد ش» المتهم الرئيسي في الجريمة قد اشترط على شريكته المتهمة الثانية المحامية «إیمان م ص» أن تشاركه في تنفيذ الجريمة إذ شرعا بالفعل في تنفيذ ما سبق وخططا له؛ حيث استدرجا المجني عليه الطبيب أسامة توفيق صبور لأجل ابتزاز عائلته وطلب المبلغ المالي المُشار إليه مقابل إعلان المتهم الزواج من المتهمة بشكل رسمي وعلني، وتقنين علاقتهما بالزواج وإعلانه على الملأ أمام الجميع.
وأقر المتهمان بجريمتهما أمام جهات التحقيق المختصة، إذ تبين أن المتهم الأول قد قال لشريكته المتهمة الثانية: علشان نتجوز كان لازم نخطف الدكتور أسامة؛ هو بيتاجر في الدولارات ومرتاح هو وأسرته جدًا وأنا عارف إنه دايمًا في جيبه مش أقل من 10 آلاف دولار، فيما تبين أن الدكتور «أحمد ش» المتهم الرئيسي بقتل طبيب الساحل يمتلك أربع عيادات وشريك في مشروع استثماري وخسر كل أمواله، فأراد أن يعوض تلك الأموال والخسارة باستدراج الطبيب المجني عليه وابتزاز أسرته وطلب فدية مقابل إطلاق سراحه، إلا أن مخططه انتهى بجريمة قتل.
وعلى مدار ساعات استمعت جهات التحقيق المختصة إلى أقوال المتهمين: الدكتور «أحمد ش»، والمحامية «إیمان م ص»، والممرض «أحمد ف»، قبل أن تقرر حبسهم جميعًا على ذمة التحقيقات لمدة أربعة أيام، تبعها صدور قرار الدائرة مستأنف بولاق أبو العلا برئاسة المستشار عماد رسمي، قرارًه بـ تجديد حبس الطبيب والمحامية والممرض المتهمين الثلاثة في قضية قتل طبيب الساحل ودفنه داخل عيادته الخاصة، حضوريًا لمدة خمسة عشر يومًا على ذمة التحقيقات.
اقرأ أيضًا : بجاحة حرامي .. سرق «فاترينا كاملة » بداخلها 23 هاتف محمول بالموسكى