فيض الخاطر

مَن استطاع إليه سبيلًا..

حمدى رزق
حمدى رزق

قرار الحكومة بمنع الحج على نفقة الدولة، إلى جانب تقليل أعداد البعثات الخدمية لتكون عند الحد الأدنى، وبدون بدلات سفر، قرار حكيم عنوانه الترشيد الرشيد، يصدق فيه فقه الأولويات،أو فقه الموازنات ، وهو مصطلح إسلامى حديث، يُعرَف بفقه مراتب الأعمال، حيث يفاضل بين الأعمال من حيث أيها أولى بالتقديم على غيرها.


الحكومة اتخذت القرار الرشيد، تنفيذاً لتوجيه رئاسى وجيه بترشيد الإنفاق الحكومى، ومستوجب استدامة القرار ، ومنع الحج والعمرة مستقبلاً على نفقة الدولة، وينهى نهائياً هذه السُّنَّة غير الحميدة، ويضرب مثلًا فى الترشيد الحكومى المستوجب .


اللافت فى القرار الحكومى الرشيد، قصر الحج هذا العام على مَن لم يحج قبلاً، مقصود حج الفريضة، وشرطها الاستطاعة، أما حج النافلة، فمرهون باستطاعة الدولة .
ليس متخيلاً دولة تترجى الله فى حق رغيف العيش، تسمح بأريحية دولة نفطية، بنزيف العملات الأجنبية تلبية لأشواق بعض القادرين على أداء المناسك توالياً دون سقف وبأرقام فلكية، اتكأ على الاستطاعة الشخصية دون الالتفات إلى منطوق الاستطاعة المجتمعية، وهى من أبجديات فقه الأولويات كما يقول جمهور العلماء .


تطبيق مبدأ «فقه الأولويات» ضرورة مستوجبة على الأفراد فضلاً عن المؤسسات، وسد احتياجات المحتاجين أولى، نعم فى حج النافلة ثواب عظيم وبركة ويغفر الذنوب جميعاً، وثواب ستر البسطاء أعظم عند الله، وهذا مجمع عليه من العلماء الثقات .


المراجع الدينية على اختلاف مذاهبها، تجمع جميعاً على أن « سد احتياجات المحتاجين أولى ألف مرة ومرة، وأعظم أجرًا، وأعلى ثوابًا من تكرار الحج والعمرة، فالأول واجب عينى أو كفائى، والآخر نافلة، ولا شك أن الواجب عينيًّا كان أو كفائيًّا مقدم شرعًا وفقهًا وإنسانية على سائر النوافل وقربات التطوع».
ضغط النفقات وترشيدها ضرورة مرحلية، لسنا فى بحبوحة من العيش، والترشيد ليس توجيهاً رئاسياً يمكن تجاوزه تحت ذرائع ملتوية بل فعل أمر، وفرض عين، ورقابة الأجهزة المؤتمنة على المال العام واجبة مستوجبة.
الحكومة إذا تقشفت ورشدت، كما هو واقع الحال ضربت نموذجاً ومثالاً يحتذى مجتمعياً.. والشكر موصول لحكومة مدبولى على تحكيم فقه الأولويات فى حج هذا العام و مَنَاح أخرى.