بينى وبينك

الأمير الصغير

زينب عفيفى
زينب عفيفى

فى كل مرة أقرأ رواية «الامير الصغير، كأنى أقرأها لأول مرة، تلك الرواية الساحرة التى أربكت الكبار وأسعدت الصغار، إنها واحدة من أكثر الروايات التى ترجمت فى تاريخ الأدب العالمى إلى كل لغات العالم، للكاتب العبقرى أنطوان دوسانت اكزوبيري، الذى جاء بالطفل الذى بداخله ليطرح علينا أسئلة الوجود الفلسفية حول الكون بمنتهى البساطة والعمق.

أثار بها العقل والقلب والخيال معا، فى حكاية الطيار الذى تعرضت طائرته إلى عطل فى الصحراء، تلك المساحة الفارغة التى تصلح للخيال فى سرد قصصى جذاب وطرح الأسئلة الوجودية بصوت عال، يتردد صداها فى الفضاء على صفحات حكاية يرويها أمير صغير جاء من كوكب آخر حاملا أسئلة بريئة ليجيب عليها الكبار بمنتهى الغرابة. 

 تبدأ الرواية حينما يستيقظ الطيار بعد تعطل طائرته فى الصحراء فيجد طفلاً يطلب منه أن يرسم له حملا، فلا يملك الطيار غير الخضوع لرغبته، يخرج ورقة وقلماً ويرسم له ما طلبه، وفى حوارات طويلة بين رفض الطفل لكل محاولات رسم الطيار للحمل ينتهى إلى رسم صندوق مغلق ويقول للطفل إن الحمل بداخله، يقتنع الطفل بهذه الرسمة الغامضة.

بعيدا عن تفسيرات وخيال الكبار الذى غالبا ما يفسد الطبيعة الجميلة التى يرسمها خيال الطفل الذى لا يكف عن الأسئلة فيضع الكبار أمام خيباتهم وأطماعهم وإفسادهم للمعنى والجمال وقيمة الحياة، إن الأمير الصغير يوقظ بداخلنا ذلك الطفل النقى البرىء الذى يؤكد لنا المؤلف أنه مازال حيا ولا يجب أن نغفله، ونتغاضى عن وجوده أو أسئلته التى تبدو بسيطة وساذجة لكنها تجيب على خيبات كثيرة فى حياتنا.

الرواية مليئة بالعبر والأقوال المأثورة مثل «إننا لا نبصر إلا بالقلب، فالأشياء الأساسية خفية على العين»، «الثعابين شريرة قد تلدغ بلا سبب، لكن الشيء المطمئن أنه لا يبقى لديها سم للدغة الثانية».