جبر الخواطر

النائب علاء عابد رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب
النائب علاء عابد رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب

مع اقتراب العشر الأوائل من ذى الحجة؛ تتراءى أمامى هذه العبارة الرائعة: «من سار بين الناس جابرًا للخواطر، أدركه الله فى جوف المخاطر».

ومن بين صفات الله عزّ وجل (الجبّار) ولها ثلاثة معانٍ، من بينها معنى الجبر، أى الذى يجبر الضعيف، وكل قلب منكسر، فيجبر الكسير ويغنى الفقير ويُيسر على المعسر كل عسير، ويجبر المصاب للثبات والصبر.

وعن جابر بن عبد الله قال: (لقينى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: يا جابر: مالى أراك منكسرًا، قلت: يا رسول الله: استشهد أبي، قتل يوم أحد وترك عيالًا ودينًا، أخوات ودين، وليس إلا جابر، قال عليه الصلاة والسلام: أفلا أبشرك بما لقى الله به أباك؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: ما كلم الله أحدًا قط إلا من وراء حجاب، وأحيا أباك فكلمه كفاحًا، فقال: يا عبدى تمن عليّ أعطك، قال: يا رب تحيينى فأقتل فيك ثانية، قال الرب عز وجل: إنه قد سبق منى أنهم إليها لا يرجعون).

وكان عليه الصلاة والسلام يطيّب خواطر الذين أثقل كاهلهم (الدين)، ولا يجدون ما يواجهون به مصاعب الحياة، (دخل عليه الصلاة والسلام ذات يوم المسجد، فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة، فقال: يا أبا أمامة، مالى أراك جالسًا فى المسجد فى غير وقت الصلاة؟

قال: هموم لزمتني، وديون يا رسول الله، قال: أفلا أعلمك كلامًا إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همك، وقضى عنك دينك، قلت: بلى يا رسول الله؟ قال: قل إذا أصبحت، وإذا أمسيت: اللهم إنى أعوذ بك من الهم، والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال)، قال أبو أمامة: ففعلت ذلك، فأذهب الله همى وقضى عنى ديني.

وكان صلى الله عليه وسلم يجبر خاطر الفقراء، (جاء رجل فقير من أهل الصفة بقدحٍ مملوءةٍ عنبًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يُهديه له، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم القدح وبدأ يأكل العنب، فأكل الأولى وتبسم، ثم الثانية وتبسم، والرجل الفقير يكادُ يطير فرحًا بذلك، والصحابة ينظرون وقد اعتادوا أن يشركهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فى كل شيء يهدى له، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل عنبة عنبة ويتبسم، حتى أنهى بأبى هو وأمى القدح والصحابة متعجبون!

ففرح الفقير فرحًا شديدًا وذهب، فسأله أحد الصحابة يا رسول الله لم لم تُشركنا معك؟! فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: قد رأيتم فرحته بهذا القدح وإنى عندما تذوقته وجدته مُرًا فخشيتُ إن أشركتكم معى أن يُظهر أحدكم شيئًا يفسد على ذاك الرجل فرحتهُ).

ويتطلب «جبر الخواطر»، أن نحس بمشاعر الآخرين لكى نستطيع أن نسترضيهم، وأن يخرج «الجبر» من القلب إلى القلب، على عكس المجاملات التى تخرج من اللسان.

وجبر الخواطر قد يكون بابتسامة أو نظرة حانية أو كلمة طيبة، ولا بد أن نشيع هذه الثقافة ونذكر بأن «جبر الخواطر» عبادة جميلة دعا إليها الدين الحنيف، وعلينا ألا نهجرها لأنها تؤدى إلى نقاء الروح وصفائها.