في قضية سيدة البرلس.. الإعدام لقاتل علياء

المزارع المُتهم
المزارع المُتهم

..جريمة قتل بشعة ارتكبها مزارع في حق زوجة وأم لطفلين؛ طغى الانتقام على قلبه فأعمى بصيرته، وأصبح لا يرى سوى الدم والتنكيل، في لحظة شيطان تحول لقاتل محترف، فكر وخطط ثم نفذ، قتل سيدة من أجل الانتقام منها لخلافات بينهما وبين شقيقها، ولم يكتف بطعنها بالسكين بل أشعل النيران في جثتها ولم يتبق منها سوى بعض العظام.. يتم طفلين في عمر الزهور وحرمهما من حنان الأم، وحرم الأسرة من بناء قبر لها لزيارتها.. تفاصيل تلك الجريمة المفزعة تسردها السطور التالية. 

■ المُتهمة الثانية

الحكاية بدأت في إحدى قرى محافظة كفر الشيخ، داخل بيت بسيط، عندما ولدت علياء عبد الغني، بطلة قصتنا، تلك الابنة الوحيدة لأسرتها، فكان الجميع يحبها، طفلة هادئة كبرت يومًا بعد يوم أمام أعين أسرتها، الذين حرصوا منذ صغرها على تحفيظها القرآن الكريم وتربيتها تربية صالحة، حتى كبرت علياء وتخرجت في الجامعة وأصبحت مدرسة ومحفظة للقرآن، ثم تقدم شاب للزواج منها، وهو أيضا يعمل مدرسًا، ووافقت الأسرة وأقيم حفل زفاف كبير حضره الأهل والأصدقاء، وانتقلت علياء للعيش مع زوجها في بيته الجديد بقرية مرتضى التابعة لمركز البرلس، حياتها كانت طبيعية جدا، والكل يشهد بحسن أخلاقها ومعاملتها الجيدة مع زوجها وأسرته، ورزقهما الله بطفلين، عاشت علياء مع زوجها ١٦ عاما من الحب والسعادة، ولكن الحياة لا تسير على خطى واحد، وفي يوم وليلة انقلب الحال، وبدأت حياة تلك الأسرة تنهار عندما اختفت علياء  فجأة عن البيت. 

■ علياء الضحية على يمين الصورة

■ اختفاء
صباح يوم ٣٠ يناير من عام ٢٠٢٢م، خرجت علياء كعادتها للذهاب إلى عملها، أخبرت حماتها أنها ستذهب بعد ذلك لتلقي لقاح فيروس كورونا، خرجت علياء لكنها تأخرت كثيرًا عن العودة لمنزلها، ظلت الأسرة تتصل بها عبر هاتفها ولكنه كان مغلقا، فبدأ القلق والرعب يساور الجميع، فجأة انقلب البيت من الهدوء للصخب، ومن الطمأنينة للقلق، وبدأ الكل يبحث عن علياء، لم يتركوا مكانًا إلا وسألوا فيه، الأهل والأصدقاء، حتى أقسام الشرطة والمستشفيات، لكن بلا فائدة، حتى اقترح أحد أهالي القرية بنشر صورها عبر مواقع التواصل الاجتماعي لعل أحد يكون شاهدها ويخبرهم بأية معلومة، ولكن جميع محاولات البحث باءت بالفشل، فلم يكن أمام الأسرة سوى تحرير محضر بالاختفاء. 

■ بلاغ وجثة
تحرر محضر الاختفاء بمركز شرطة بلطيم، وأمر اللواء أشرف صلاح درويش مدير أمن كفر الشيخ وقتها بسرعة البحث عن علياء المتغيبة، فتشكل فريق بحث لكشف اللغز. 

الأيام تمر يوم تلو الآخر، ولا توجد أي أخبار عن علياء، مر ١٥ يومًا حتى أعلنت وزارة الداخلية في بيان رسمي أن علياء قتلت، وأصيبت الأسرة وأهالي القرية بحالة من الصدمة والدهشة، الكل يتساءل من قتلها ولماذا قتلت؟، فهي إنسانة مسالمة هادئة لا توجد أي عداوات بينها وأحد، ولكن أين الجثة حتى يتم دفنها، فالإجابة كانت لا توجد جثة حتى الآن، وأصبحت الأسرة بعد ما كانت تبحث عن علياء أصبحت تبحث عن جثتها، فالقاتل الذي تم إلقاء القبض عليه واعترف بجريمته حاول في البداية تضليل العدالة والنيل من شرف وسمعة الضحية، أخبر رجال الأمن في البداية بتعدد علاقاتها، ولكن عندما وجد أنه لا مفر من الاعتراف خاصة وأن المجني عليها فوق مستوى الشبهات وهذا ما أكدته تحريات المباحث الجنائية، قال إنه قتلها وألقى بجثتها في أحد المصارف بوادي النطرون، ولكن التحقيقات والتحريات أثبتت عكس حديثه وكشفت تفاصيل مثيرة وأكثر بشاعة. 

◄ اقرأ أيضًا | حكاية أعجب من الخيال.. تشويه وجه الأم يكشف ماضي العائلة الغريب

◄ السر في التوك توك
السؤال الذي يراود الجميع كيف حلت المباحث لغز الجريمة؟!، الإجابة كانت أن أول خيط لجأ إليه رجال البحث هو كاميرات المراقبة، والتي رصدت بالفعل خروج علياء من منزلها واستقلال توك توك، وكان هذا مفتاح اللغز، وبعد التحري ومعرفة هوية صاحبه، تم استدعاؤه، والذي أخبرهم بأنها بالفعل ركبت معه حتى نقلها إلى بلطيم، تحريات المباحث أثبتت أنها كانت ذاهبة للقاء أحد الأشخاص والذي يدعى محمد رشاد مزارع، فحدثت مشادة بينهما وصلت إلى قتل علياء بعدة طعنات، جلس المتهم يفكر ماذا يفعل، فلم يجد أمامه سوى شقيقته رباب ليخبرها بجريمته «الحقيني أنا قتلت علياء»، لتخرج رباب كالمجنونة متجهة إليه لمساعدته، جلس الاثنان يفكران ماذا سيفعلان، حتى هداهما تفكيرهما لحملها في ملاءة ونقلها بسيارة محمد إلى أرض زراعية ملك لهما بأبو المطامير، وهناك اشترى محمد بنزين وبكل قسوة وجحود أشعل النيران في الجثة ولم يتبق منها سوى بعض العظام فقط، سرق هاتفها والذهب الذي كانت ترتديه، وعاد كل منهما لبيته وكأنه لم يرتكب أي جرم، وبعد عدة أيام ذهب محمد لبيع مصوغاتها الذهبية، وعندما مرت الأيام ولم تكشف جريمتهما، بدأ محمد ينسج أحلامه بأنه أفلت من العقاب لكنه استيقظ على كابوس مفزع ورجال المباحث يدقون بابه للقبض عليه، في البداية حاول تضليلهم لكنه انهار واعترف بكافة التفاصيل بعدما تمت مواجهته بالمعلومات وأقوال الشهود، كسائق التوك توك وصاحب محطة الوقود التي اشترى منها البنزين، واعترف أن القتل كان بغرض الانتقام لوجود خلافات بينهما. 

لم يتبق من جثة علياء سوى بعض العظام، والتي استنفذت في تحاليل البصمة الوراثية للتعرف على هويتها؛ ليقيم أهالي القرية صلاة الغائب عليها، وسادت حالة من الحزن والألم والحسرة على الأهالي وأصبحوا لا يتمنون سوى القصاص العادل حتى يعود حق تلك السيدة التي قتلت بطريقة بشعة ومفجعة، وتيتم طفليها حتى أنهما حرما من وجود قبر لوالدتهما يذهبان إليه كلما اشتاقا إليها. 

◄ فرحة ممزوجة بالحزن
تم حبس المتهمين وتحولت القضية لمحكمة الجنايات، وظلت متداولة داخل ساحة المحكمة، حتى قضت محكمة جنايات كفر الشيخ، الدائرة الرابعة، برئاسة المستشار حسام محمد صالح، وعضوية المستشارين يوسف عدلي خليل، وحمدي عبد التواب معوض، بالإعدام شنقا للمتهم ومعاقبة شقيقته بالحبس لمدة عامين مع الشغل، حالة من الفرحة والسعادة سيطرت على أسرة الضحية لعودة حقها والقصاص العادل من المتهمين، لكنها فرحة ممزوجة بالحزن، فابنتهم الوحيدة ماتت ولن تعود لتعيش معهم، لاشك أن موت شخص عزيز علينا هو أمر محزن يدمي القلب ويمزقه، يدخلنا في حالة من الحزن والألم والحسرة، خصوصًا أنه فراق ليس بعده لقاء في الحياة، فلن تستطيع أن تراه أمامك بعد الآن، لا يمكنك أن تسمع صوته أو تحتضنه، فالحكم أثلج صدورهم بعد ترقب عام ونصف من التحقيقات والمحاكمات، ففي النهاية فهو حكم رادع لكل من تسول له نفسه أن يستهين بأرواح الآخرين. 


 

;