عصير القلم

أحمد الإمام يكتب: لغة القرآن في خطر

أحمد الإمام
أحمد الإمام

..تواجه اللغة العربية محنة قاسية بعد أن أصبحت غريبة في وطنها تعاني من الجحود والنكران والإهمال.

تفرق دم اللغة العربية بين عشرات اللهجات المحلية فضلا عن غزو اللغات الأجنبية التي تكتسب في كل يوم أرضًا جديدة مع تزايد الطلب على تعليمها من جانب أولياء الامور الذين يحرصون على إلحاق أبنائهم بالمدارس الدولية التي تدرس لطلابها جميع المواد باللغات الاجنبية وفي مقدمتها الانجليزية والفرنسية والالمانية وغيرها.

لا ألوم هنا على أي أب يرغب في تعليم أبنائه اللغات الاجنبية باعتبارها صك التعيين في أي وظيفة مرموقة وجواز المرور إلى سوق العمل الذي يشترط إجادة اللغات الاجنبية .

ولكن هذا لا يعني تجاهل اللغة الأم التي يجب أن نعلمها لأبنائنا .. ليس فقط باعتبارها أساس هويتنا العربية ولكن ايضا باعتبارها لغة القرآن الكريم.

وهنا أطرح سؤالا بسيطا .. كيف يستطيع الطفل الذي اعتاد تلقي كل دروسه باللغات الاجنبية أن يفهم معاني القرآن الكريم.

للأسف أصبحت هناك شريحة كبيرة من الشباب والأطفال لا يجيدون القراءة والكتابة باللغة العربية لدرجة أن معظمهم اصبح يرسب في اللغة العربية ويتعامل معها باعتبارها المادة الاصعب التي يدرسها رغمًا عن أنفه، وتحول هذا الامر إلى كراهية لهذه اللغة المفروضة عليه وخاصة أنه لا يجد جدوى عملية من دراستها يمكن أن تفيده في مستقبله المهني.

المشكلة خطيرة بالفعل ويجب مواجهتها بكل ما أوتينا من قوة للحفاظ على لغة القرآن الكريم.

اللغة العربية الفصحى لم يعد لها وجودا حقيقيا في تعاملاتنا اليومية التي أصبحت قاصرة على اللهجات المحلية التي تتعامل بها جميع الشعوب العربية بلا تمييز.

من أكثر اللهجات المحلية انتشارًا اللهجة المصرية التي يتكلم بها في مصر نحو 106 مليون مصري، وهي الأكثر فهمًا واستيعابًا من قبل العرب في العالم العربي مع هيمنة الأفلام السينمائية والأغاني المصرية ، التي جعلت اللهجة المصرية الأكثر فهمًا من قبل العرب على اختلاف مواطنهم.

وتعتبر اللهجة المغربية الأكثر انتشارًا بعد اللهجة المصرية، إذ يتكلم بها أكثر من 100 مليون شخص.

يمكنك سماع اللهجة المغاربية في المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا وتختلف هذه اللهجات عن اللغة العربية الفصحى الحديثة اختلافًا ملحوظًا، لدرجة أن بعض اللغويين يعدونها لغة مستقلة بذاتها.

وتأثرت اللهجة العربية المحكية أو الدارجة في شمال افريقيا باللغة الأمازيغية، وهم السكان الأصليون الذين عاشوا في هذه المنطقة منذ القدم. بالإضافة إلى ذلك، كان لوجود المستعمر الأوروبي الأثر البالغ في اقتباس اللغة العربية مفردات أجنبية كثيرة ، ففي المغرب والجزائر وتونس يستعير السكان مفردات فرنسية، وفي المغرب الإسبانية، وفي ليبيا الإيطالية، فاللهجة المغاربية ليست إلا مزيج من اللهجات المحلية والفرنسية والإسبانية والأمازيغية. 

وتأتي في المرتبة الثالثة في قائمة اللهجات الأكثر انتشارًا اللهجة الخليجية التي يتحدث بها نحو 57 مليون شخص، وهي إحدى اللهجات العربية التي يمكنك سماعها في دول الخليج العربي، مثل الكويت والبحرين وقطر والإمارات وفي أجزاء من المملكة العربية السعودية والعراق وإيران وسلطنة عمان. 

غالبًا ما يشير مصطلح «اللهجة الخليجية» عند تداوله إلى اللهجات التي يتحدث بها دول مجلس التعاون الخليجي.

وتأتي في المرتبة الرابعة اللهجة الشامية وهي اللغة المحكية في بلاد الشام، ويطلق هذا المصطلح على جزء من المشرق العربي، الذي يمتد من الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط إلى حدود بلاد الرافدين و تضم بلاد الشام كلًا من سوريا وفلسطين والأردن ولبنان كما يُقدّر في الوقت الحاضر عدد الناطقين باللهجة الشامية نحو 50 مليون نسمة موزعين على هذه الدول الأربع.

تُعدُّ اللهجة الشامية ثاني لهجة منتشرة في الوسائل الإعلامية والقنوات التلفزيونية إذ شاعت نتيجة الإنتاج الكبير للمسلسلات التلفزيونية السورية، والمسلسلات التركية المدبلجة باللهجة السورية، مما جعلها بمرور الوقت مفهومة إلى حد كبير من قبل العرب.

في النهاية .. أيها السادة .. ادركوا اللغة العربية قبل فوات الأوان قبل أن يأتي وقت لا نجد فيه طفلا واحدا قادرا على قراءة القرآن بلا أخطاء في النطق وهو يفهم معانيه.

;