أخر الأخبار

سبائك الذهب المستورد تطفئ نار المحلي

سبائك الذهب
سبائك الذهب

■ كتبت: مروة أنور

تعتبر سبيكة الذهب الملاذ الآمن للباحثين عن الاستثمار، إلا أن الشهور الماضية شهدت تضاربًا ملحوظاً فى أسعار المعدن الأصفر، خصوصًا بعد صدور قرار حكومى بإعفاء واردات الذهب للمصريين العاملين بالخارج من الجمارك والرسوم عدا ضريبة القيمة المضافة لمدة ستة أشهر، وهو ما نتج عنه زيادة المعروض وقلة الطلب على المشغولات الذهبية،  لكن السبائك الذهبية لا تزال تحظى بإقبال كبير. وفى هذا التحقيق نتعرف على أنواع السبائك الذهبية وأوزانها والشركات التى تعمل بها سواء كانت محلية أو أجنبية وطرق غش السبائك، كما نستعرض رحلة صنع السبائك داخل ورش الجمالية بحى الحسين.

◄ شركات توفر سبائك بأوزان تبدأ من وزن ربع جرام

تجولت عدسة «آخرساعة» بحى الصاغة، وهناك التقت مُحب تواضروس، صاحب أحد محلات الذهب، الذى أكد انخفاض الطلب على شراء المشغولات الذهبية بعد قرار الإعفاءات الجمركية على الذهب المستورد، ما أدى لزيادة المعروض وقلة الطلب فى نفس الوقت الذى زاد الإقبال على شراء السبائك باعتبارها ملاذًا آمنًا للاستثمار، حيث تعد السبائك من أفضل السلع التى يتم الاستثمار فيها، وهو ما يتطلب ضرورة الإلمام بسوق الذهب، خاصة السبائك، نظرًا لوجود نوعين منها: سبائك الشركات والسبائك البلدي. 

◄ أنواع السبائك
وأوضح محب: سبائك الشركات أفضل الأنواع، لأنها تتبع الشركة المنتجة ويوجد عليها اللوجو الخاص بالشركة، ويتم تصنيعها من ذهب خالص عيار 24 وهو المتداول، وتقوم الشركات الآن بتوفير سبائك بأحجام صغيرة بداية من وزن ربع جرام وحتى كيلو جرام، ويكون شكلها منسقًا ومغلفة ومصنعيتها أعلى من السبائك البلدي.

والنوع الآخر من السبائك هو البلدي، ويتم تصنيعه من الذهب الكسر أو القديم، ويقوم التاجر فى ورشته الخاصة بصهر الذهب القديم وتحويله لسبيكة، ثم يسلمه لشخص يُسمى «الشيشنجي» وهو عامل فى معمل تحليلى للذهب يقوم بالتأكد من عيار الذهب ونقائه وختمه بالشيشنى الخاص، وذلك بعد تقييم نسبة الذهب فى السبيكة ووزنه وإزالة الشوائب منه، ومن ميزات السبيكة البلدى أن مصنعيتها أقل من مصنعية سبائك الشركات.

ويوصى محب بشراء السبائك البلدى من مكان موثوق، والتأكد من ختم الشيشنى على السبيكة والرجوع إليه للكشف عنها والاحتفاظ بالفاتورة، والتأكد من الوزن والعيار الموجودين على السبيكة، ومن عيوب السبائك البلدى أنها يكثر بها عمليات الغش من أصحاب النفوس الضعيفة وشكلها غير منسق.

فيما يقول جلال محمد (صاحب محل ذهب): فى أسواق الصاغة يتم تداول السبائك بين التجار والمستثمرين بتسمية الشركات المصنعة للسبائك، ومن أهم ماركات السبائك الذهبية «BTC»، وهى من أشهر الماركات المشهود لها بالجودة، وتقوم هذه الشركة بسبك جميع الأشكال والأوزان، وتتميز بأنها توفر أصغر الأحجام من السبائك وزن واحد جرام، وإيجيبت جولد، والجلا. أما أشهر الشركات الأجنبية فهى الشركة السويسرية وتتميز بنقاء سبائكها، وهناك أيضا شركة لازوردى وشركة «IBV GOLD» وهى من الشركات المصنعة للسبائك والحلى الذهبية الكبيرة والمعروفة بين المستثمرين، وماركة «VALCAMBI» وهى واحدة من السبائك التى تقدمها شركة «SUISSE» وغالبا تأتى بوزن كيلو جرام، حيث إن هذه الشركات تستهدف الأثرياء وكبار المستثمرين، ومن أسماء الشركات التى يفضلها عدد كبير من المستثمرين الأورجو وهيرواس» وتقدم السبائك الخالصة بأوزان قليلة جدًا، حيث تصنع سبائك بوزن 0،032 جرام، ما يعد فرصة رائعة لاستثمار كمية محدودة من المال، أما «جونسون ماثي» فهى علامة تجارية مشهورة بصناعة السبائك الذهبية النقية بنسبة 999،9، وتستهدف هذه الشركة المستثمرين الأثرياء فقط، وهذا ما يجعلها تصنع السبائك بوزن واحد كيلو جرام.

◄ احترسوا من تلك السبائك.. من برة ذهب ومن جوه حديد

◄ غش السبائك

وعن أساليب الغش فى السبائك يقول محمد جامع (صاحب محل ذهب): الغش له أشكال عدة، فلم يعد الأمر مقتصرًا على تقليد ختم الدمغة، بل أصبح هناك غش فى أصل المعدن، فمثلا عيار 18 يتكون من 57% من الذهب و25% نحاسًا، لكن عند الغش يتم زيادة نسبة النحاس لتزيد على نسبة الذهب، وكذلك الأمر بالنسبة لعيار 21 يتم تقليل نسبة الذهب مقابل زيادة نسبة النحاس، أما عيار 24 فمن الصعب اللعب فيه، لأنه ذهب خالص، وفى الفترة الماضية لاحظنا وجود سبائك «مضروبة» تأتى من الخارج، فهى ليست ذهبًا خالصًا بل ذهب من الإطار الخارجى فقط وحديد من الداخل.

ويلتقط منه طرف الحديث، نعيم محمد صاحب محل ذهب بالصاغة: الفترة الماضية شهدت إقبالا كبيرا على شراء السبائك وبشكل خاص ذات الأحجام الصغيرة، ما أدى لانتشار الغش من قبل بعض الورش أصحابها من منعدمى الضمير، فهناك ورش تضرب السبائك عن طريق غش الوزن والدمغة، ويمكن للعميل أن يلاحظ السبيكة المغشوشة حيث يكون لونها أحمر ووزنها كبير عن الطبيعى ومنتفخة.

وينصح نعيم المقبل على شراء السبائك بأن يشتريها من محلات لها اسم كبير، والتأكد من وجود لوجو الشركة وختم الشيشنى على السبيكة، موضحًا أن من أساليب الغش أيضا إغراء الزبون عن طريق تقليل المصنعية بل حذفها أحيانا، وهناك عملاء يبحثون عن تداول السبائك من خلال مواقع الأونلاين، وكثيرًا ما تحدث عمليات نصب من خلال هذه المواقع والتطبيقات الإلكترونية، لذا لابد من مراعاة أن تكون السبيكة من نوع الذهب البندقى المستورد من سويسرا وإيطاليا، لأنها عيار 24، أما السبائك المحلية المعروفة ب«البلدي» عيار 18 و21 فلا يُنصح بشرائها لأنها تخضع لعمليات غش كبيرة بسبب تصنيعها من صهر الذهب القديم وهو ما يسهل تزويره.

◄ عقوبة الغش قد تصل للسجن 15 عامًا

◄ عقوبة الغش
وعن عقوبة تزوير السبائك، يقول هانى ميلاد، سكرتير شعبة الذهب بالغرفة التجارية: وضعت قوانين للرقابة على المعادن سواء السبائك أو الفضة أو البلاتين، فلا يجوز بيعها إلا فى وجود علامة دمغة الحكومة المصرية عليها أو إحدى علامات الدمغات المعترف بها من الحكومات الأجنبية، كما يتم تطبيق ذلك على الأعيرة ذات الأصناف التى لا يجوز بيعها إلا إذا وجد عليها رقم يوضح نسبة المعدن النقي بها مقرونًا ببيان نوعها ذهبًا أو فضة أو بلاتين، وفى حالة لم يسمح حجمها بذلك يجب أن ترافقها بطاقة تحمل البيانات المذكورة ومعها اسم صاحب المحل أو الشركة، وفى حالة إثبات أن هناك مشغولات مزورة أو غير مدموغة تضبط الكمية ويحكم بمصادرتها ويجوز للمحكمة بدلا من الحكم بالمصادرة أن تقضى بغرامة إضافية توازى قيمة المشغولات غير المدموغة وتسلم لصاحبها بعد دمغها على نفقته، ويعاقب بالسجن أو الغرامة أو العقوبتين معًا، وقد تصل العقوبة للسجن 15 عامًا.

◄ مشاكل التداول
وفيما يخص مشاكل التداول، ينصح رزق محمود، وكيل إحدى شركات الذهب، العملاء بضرورة أن يخصص متداولو السبائك بأسواق الذهب أو المنصات الإلكترونية جزءًا من أوقاتهم لمتابعة الأخبار الاقتصادية التى يكون لها تأثير على اتجاهات وتحركات الأسواق، لمعرفة أنسب الأوقات للشراء، ففى الفترة الماضية كان هناك إقبال كبير على شراء السبائك رغم ارتفاع سعر الذهب، والسبب هو ارتفاع سعر صرف الدولار، كما قام كثير من المواطنين بتحويل أموالهم لسبائك ذهبية، وهنا يجب أن يدرك جميع متداولى السبائك من المواطنين والتجار أو رجال الأعمال الذين حولوا أموالهم لسبائك أنهم مقبلون على خسائر كبيرة، وهذا متوقعٌ حدوثه خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، بسبب الغلاء والحاجة إلى سيولة فى الأموال وعندما يرغب المستثمر فى البيع يواجه أزمة نقص السيولة، بالتالى ينخفض سعر الذهب إلى ما لا يتوقعه أحد، لذلك أنصح من يرغب فى الاستثمار فى الذهب أن يشترى المشغولات الذهبية لسهولة توافر السيولة بسبب أحجامها الصغيرة. والمعيار الأساسى فى عمليات تداول الذهب هو اختيار التوقيت المناسب لإعادة البيع لاقتناص أفضل الأسعار التى يمكن من خلالها تحصيل أرباح جيدة.

فيما يتوقع سامح عبدالحكيم، عضو شعبة الذهب، حدوث تراجع فى أسعار الذهب الأيام المقبلة، بعد إعفاء واردات الذهب بأشكال نصف مشغولة وكذلك المُعدّة للنقش والحلى والمجوهرات، كما أن سريان القرار لمدة ستة أشهر سيؤدى بالتبعية لزيادة المعروض بالسوق، ومن هنا ستنخفض الأسعار، لأن السماح بدخول الذهب فى حدود 150 جرامًا للعائدين من الخارج سيدفع السوق للتراجع فى الأسعار.

◄ تصنيع السبائك
ذهبنا إلى مصنع جورج ميشيل، رئيس نقابة العاملين فى الصاغة، أحد مصنعي الذهب، الذى حكى لنا رحلة صناعة السبائك حيث قال: أنا متخصص فى المشغولات الذهبية والسبائك البلدى، وتبدأ مراحل صناعة السبيكة بتجميع المشغولات الذهبية القديمة والذهب الكسر وتراب الورش، ويقوم بهذه المهمة «تربى الذهب»، وتجده فى نهاية اليوم ممسكا بالمقشة المعدة خصيصا لتنظيف الورشة من «تراب الذهب» بحرص، مكوّنًا كومة لا بأس بها من التراب الممزوج ببقايا ذهب تساقط من أيدى العمال ويجمع تراب الذهب ونرسله للشيشنى الذى يحلل نسبة الذهب من خلال عينة 3 جرامات تدخل فى عدة مراحل أولاها الحرق، وتعود بعدها فى صورة معدن ونضيف عليها المشغولات القديمة والذهب الكسر.

واصطحبنا جورج لغرفة تصنيع السبائك وبها الفرن الكهربائي المتطور الذى يصهر الذهب ووضع مجموعة الذهب داخل إناء فخار حرارى يتحمل درجة الفرن، وقام بالتقليب إلى أن انصهر الذهب فى الإناء وأصبح سائلا وتحول للون الأحمر الذهبي، وأمسك بالإناء عن طريق قفاز حرارى وصب الذهب المنصهر فى قوالب على شكل السبيكة البلدي، ثم حملها بماسك معدنى ووضعها فى إناء به ماء بارد. وهنا جاء دور عماد صفوت، المتخصص بقص السبائك، حيث حمل السبيكة بعد التبريد وقام بقصها ثم تلميعها وأرسلها للشيشنى.