«العاصمة» قصة قصيرة للكاتب كرم من الله السيد

«العاصمة» قصة قصيرة للكاتب كرم من الله السيد
«العاصمة» قصة قصيرة للكاتب كرم من الله السيد

لم يكن يملك سوي الإيمان .. الإيمان بالله .. بالوطن .. بتحقيق الأحلام ..بنفسه.. في الوقت الذي لم يكن إيمان أهل بلده كاملاً عندهم لكنه أصر بإيمانه بالله وبوطنه وبنفسه أن يطوع إيمانهم معه .. إلى صحراء لا قيمة لها، نظر وزرع بإيمانه بالله وبالوطن أول شجرة مثمرة، وبني من مخزون إيمانه بيوتاً ليجلس أهل بلده فيها ليطوع إيمانهم، ويسطع بداخلهم شعاع شمس الأمل، بقدرتهم لتخطيهم حاجز إلىأس في غداً ..

 بني أول بيت بوجع وألم الإحباط ممن حوله .. تذكر بإيمانه قصة سيدنا نوح وسخرية قومه من بناءه لسفينة وسط الصحراء .. انتظر تاجر لشراء البيت، سخر التجار منه كعادتهم، جلس تحت شجرته المثمرة مستحضراً إيمانه بالله ومستجلباً مخزون صبره وإيمانه بنفسه، وشرب من عصير نقيع حبه لوطنه، فمر تاجراً مغامراً فقام بشراء البيت الذي بناه بضعف ثمنه، حمد الرجل المؤمن  الله، ودار عقله بإبداع أكثر، واسترجع ما فقده من صبر وبحث في مخزون إيمانه فوجده ممتلئ.

 ثم بني بأموال البيت الأول ثلاثة بيوت بحدائق مثمرة أخري .. التجار  غير المغامرين انتظروا نجاح التاجر الأول أو فشله لكن التاجر الأول استقر وشعر بالأمانـ ووسط متابعة حريصه منهم ودارسة دقيقة وبجلسات متكررة مع الرجل المؤمن بالله ثم بوطنه وبنفسه قرروا شراء الثلاثة بيوت منه بأسعار عالية ..

حمد الرجل المؤمن ربه وبني عشرة بيوت أخري وحدائق مثمرة ليجلس علي قمة مئذنة من مسجد شيده، شكراً لله علي تحقيق حلمه وبقدرته علي زرع الإيمان داخل شريحة من التجار متمنياً أن يصل الإيمان ببناء مدينة يتنفس من خلالها الوطن إلى جميع أهل بلده، وجاء أول مواطن ثم عشرات المواطنين من أهل بلدته وسكنوا في منازلهم آمنين فبني لهم الرجل المؤمن مقراً للحكم وسوقاً وخطط لهم حياة كاملة، وكلما باع مترا مربعا يوصيهم بالإيمان بالله ثم بالوطن ثم بأنفسهم، وظل علي هذا الحال حتي بني عاصمة كاملة وينتظر أن يضع لها اسماء يستحق الصبر الذي أنفقه فيها .